ملفات » المملكة على طريق الافلاس

التردد في مكان الإدراج يعطل الاكتتاب العام في «أرامكو»

في 2018/01/29

وول ستريت جورنال- ترجمة شادي خليفة -

بعد عامين من إعلان ولي العهد «محمد بن سلمان» اعتزامه تحويل شركة النفط السعودية الوطنية «أرامكو» إلى أكبر شركة عامة في العالم، ما زالت المملكة ومستشاريها عالقين في المسألة الحاسمة المتعلقة بمكان إدراج الأسهم.

وحذر مستشارون ومسؤولون خارجيون في الشركة من أن مكان الأمير «محمد» المفضل في بورصة نيويورك قد يعرض المملكة إلى دعاوى قضائية من المساهمين ومن أسر ضحايا أحداث 11 سبتمبر/أيلول. ومن بين المسؤولين رئيس «أرامكو» القوي «خالد الفالح»، الذي يشغل أيضا منصب وزير الطاقة في البلاد.

وتناقش الشركة والمملكة إدراج «أرامكو» فقط في سوق الأسهم السعودية - المعروفة باسم «تداول» - لكن المستشارين يشعرون بالقلق من أن السوق المحلية لن تكون قادرة على استيعاب الزيادة الكبيرة في التداول التي ستجلبها هذه الشركة الضخمة.

وتتراوح تقديرات قيمة أرامكو بين 1.3 تريليون دولار و2 تريليون دولار، مع العلم أن القيمة السوقية لجميع الأسهم في بورصة «تداول» تبلغ 451 مليار دولار فقط. وكانت البورصة السعودية مفتوحة فقط أمام المستثمرين الدوليين منذ عام 2015. وعلى الرغم من أن معظم البورصات العالمية لديها العديد من الأمناء لتسهيل وتتبع تداول الأسهم، فإن بورصة «تداول» لديها واحد منها فقط، و هي «إتش إس بي سي» القابضة.

وقال بعض الناس إن الإدراج في «تداول» فقط قد يكون مصحوبا باستثمار من صناديق الثروة السيادية في بلاد مثل الصين أو روسيا أو سنغافورة أو الإمارات العربية المتحدة.

ونتیجة للاختلافات في الرأي، يتعطل المضي قدما في الاکتتاب العام، مما أحبط العديد من مئات المصرفیین والمحامین والاستشاریین الذین کانوا یعملون على مدار الساعة - لمدة أکثر من عام - لإعداد عملية الإدراج.

وتبدو آفاق الإدراج الدولي في عام 2018 أمرا مستبعدا، بحسب ما قاله بعض الناس. ويقول آخرون إنه إذا اتخذ ولي العهد قرارا بشأن مكان الإدراج قريبا، فإن الأمر قد يتم هذا العام.

وقال «الفالح» في دافوس بسويسرا الأسبوع الماضي عندما سأله الصحفيون عن احتمال التأخير: «نأمل أن يكون عام 2018 هو الوقت المناسب، ولكن علينا في النهاية أن نتأكد من أن السوق جاهزة». وأضاف: «سندرس ذلك كلما اقتربنا».

ويعد الاكتتاب العام في شركة «أرامكو» محور خطة «بن سلمان» الكبرى والمحفوفة بالمخاطر لتحديث اقتصاد المملكة وفطامه عن النفط. ومع ذلك، توضح التحديات - المتمثلة في اختيار مكان ما للإدراج - الصعوبات الجيوسياسية والقانونية والبيروقراطية الأوسع نطاقا في هذا الجهد.

وفي العام الماضي، التقى «بن سلمان» مع كبار المسؤولين التنفيذيين في عدد من الشركات العالمية، بما في ذلك شركة «جي بي مورجان تشيس وشركاه»، و«إيفركور بارتنرز»، ومويليس وشركاه» و«مورغان ستانلي» لمناقشة أمر الإدراج.

وفي الآونة الأخيرة، كان المكان الذي يفضله معظم من يناقش الاكتتاب من «الفالح» وكبار الوزراء مرورا بالعديد من كبار المسؤولين في الشركة، هو الإدراج في بورصة لندن. ويرون أن العاصمة البريطانية لديها مخاطر قانونية أقل. ولا يزال مجلس الوزراء السعودي منقسما حول أماكن الإدراج.

وكان «بن سلمان» قد قضى الكثير من وقته مؤخرا في تحقيق مكافحة الفساد الذي احتجز فيه مئات من كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال البارزين وأعضاء الأسرة الحاكمة، فضلا عن النزاعات مع بعض الدول المجاورة في الشرق الأوسط، بما فيها إيران وقطر واليمن.

وفي وقت مبكر من عملية التخطيط، قال «بن سلمان» للمستشارين إنه يفضل بورصة نيويورك، لأنها ستكسب الشركة وصولا إلى أكبر تجمع من المستثمرين، فضلا عن المكانة. وفي الآونة الأخيرة، قال أشخاص مطلعون إنه تحدث عن أهمية إدراجها في بورصة نيويورك لدعم العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الأمريكية السعودية، وعلاقته الوثيقة بالفعل بالرئيس «دونالد ترامب» وصهره «جاريد كوشنر«».

وقال الرئيس الأمريكي في تغريدة له في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017: «سوف نقدر كثيرا قيام المملكة العربية السعودية بالاكتتاب العام لشركة أرامكو في بورصة نيويورك. إنه أمر مهم للولايات المتحدة!»

ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض التعليق.

وقال «بن سلمان» للمستشارين إنه يعتقد أن «ترامب» و«كوشنر» يمكنهما الضغط على بورصة «نيويورك» للتنازل عن بعض لوائحها، أو المساعدة في الحد من احتمال الدعاوى القضائية، وفقا لأشخاص على دراية بالعملية. وقال هؤلاء الأشخاص إن المستشارين قد أبلغوا الأمير «بن سلمان» إن «ترامب» ليس له أي سيطرة مباشرة على لوائح التداول أو على أي دعاوى تتعلق بالهجمات التي وقعت في 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.

والتقى أعضاء فريق الاكتتاب الداخلي في شركة «أرامكو» - مؤخرا - الرئيس التنفيذي «أمين ناصر» لمناقشة كيفية الإدراج في بورصة نيويورك، وفقا لما ذكره شخص مطلع على الاجتماع.

وكانت إحدى الإمكانيات التي ناقشها الاجتماع هو إنشاء شركة تابعة فقط تملك بعض أصول شركة «أرامكو» في مجالي المنبع والمصب. وقالوا إن مثل هذه الخطوة قد تحمي الشركة الأوسع من الدعاوى القضائية. ومع ذلك، كان هذا يعتبر «خيار الملاذ الأخير».

كما تواصلت «أرامكو» - في الأسابيع الأخيرة - مع العديد من البنوك الجديدة ودعتهم إلى المملكة للقيام بأدوار محتملة في فريق الاكتتاب العام. وطلبت منهم صياغة عروضا تقديمية.

وقال فريق مطلع في شركة «أرامكو» إن معظم شركات الأوراق المالية جاهزة لإدراج الشركة في نيويورك أو لندن أو هونغ كونغ أو محليا. ويقول المصرفيون إنهم لم يروا أي شركة أخرى على هذا النحو، حيث إن قرار المكان عادة ما يتم أولا، بسبب الوقت الذي يستغرقه إعداد ذلك الأمر.

وقال هؤلاء الأشخاص إن فريق «أرامكو» للاكتتاب العام قد ناقش مؤخرا الإدراج بحلول شهر أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام فقط في «تداول»، ولكن بعض المستشارين لا يزالون متشككين.

وقال العديد من المصرفيين الاستثماريين إنهم يكافحون للحفاظ على الموظفين في المشروع. وأصبح الكثيرون قلقين من ألا يحدق الاكتتاب العام أبدا، أو ألا تكون عائداته على قدر التوقعات. وهم يشعرون بالقلق من أن تفوت عليهم الفرص الوظيفية والمكافآت إذا لم يولد عملهم الحد الأدنى من العائدات.