خاص الموقع

نيران تحت رماد مشكلات المواطنة في الخليج

في 2018/03/02

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

من المشكلات التي تكون بمثابة قنابل موقوتة في أي مجتمع، مشكلة المواطنة، ولا سيما وإن كانت المجتمعات تعج بالتنوعات العرقية والدينية والمذهبية، ولظروف تاريخية تعج بأطياف متنوعة وجنسيات أخرى متمايزة عن جنسية أغلبية المجتمع.

هذه التنوعات من المفترض أن تكون مصدر ثراء وتنوع إذا ما تم تظيفها على قاعدة المواطنة وحقوقها وواجباتها، وتكون مولدا لإبعاد حضارية وثقافية واسعة تشكل عاملا مضافا للنهضة والتنمية.

وما يحول هذه التنوعات إلى مشكلة هو المفاهيم الخاطئة والتمييز العرقي والطائفي والتعصب، فيحول هذا الإطار السلوكي والفكري التمييزي المرفوض، مصادر التنوع، إلى مصادر للمشكلات والأزمات والصراعات وربما الحروب الأهلية.

هذا بشكل عام، وبشكل خاص وبالتركيز على منطقة الخليج، فإن الأعراق والطوائف لا تنتشر بشكل كبير كدول أخرى وإن وجدت فهي توجد في بعض بلدان الخليج.

وفي الحقيقة إن كانت هناك مشكلات فهي مشكلات مصنوعة وناتجة عن أخطاء سياسية وممارسات غير رشيدة للحكومات.

فلا توجد تنوعات دينية كبيرة في دول الخليج، فيكاد الخليج يخلو من المسيحيين باستثناء الكويت والبحرين، وما يوجد في دول اخرى مصدره العمالة الوافدة.

كذلك التنوع المذهبي من المفترض الا يشكل أزمة الا مع اعتماد سلوك طائفي تكفيري، ولذ1ا نشهده في المملكة السعودية ومؤخرا البحرين وبحكم السيطرة السعودية عليها.

المواطنون الخليجيون يعانون من بعض المشكلات تتفاوت حدتها من دولة لأخرى وفقا لنظامها ودرجات الرشد الذي يتمتع به، لكن العمالة الوافدة والمقيمون الذين يقتربون بل ويتجاوز عددهم المواطنين الأصليين، يشكلون حالة تتطلب التفاتا كبيرا للسياسات وإطارا معرفيا وحضاريا مختلف عن الراهن.

تقول الاحصائيات أن هناك 3 دول تزيد نسبة المهاجرين في أراضيها على نسبة مواطنيها الحاملين لجنسيتها:.

الإمارات العربية المتحدة على رأس هذه الدول؛ إذ يشكّل المهاجرون 88.4% من إجمالي سكان البلاد.

أي أن 8.09 مليون نسمة من أصل 9.1 مليون شخص يعيشون في الإمارات هم من الأجانب.

تليها قطر، التي يشكل الأجانب فيها 75,5% من تعداد سكانها، ثم الكويت بنسبة 73,6%.

هنا دستور المواطنة يجب أن يكفل حقوق هؤلاء العمال والوافدين، ويعاملهم بما يليق بنسبتهم واسهامهم في التنمية والاقتصاد الكلي.

ومعاملة هؤلاء بهذا الرقي يحمل معه بالتبعية معاملة المواطنين الأصليين معاملة عادلة دون تمييز على اي اسس لانهم نواة الدولة واصلها.

أما المشكلة الانسانية الكبرى فهي مشكلة عديمي الجنسية أو "البدون"، وهي قنبلة موقوتة حقيقية.

تفول مكتبة الكونجرس الأمريكية في تقرير لها عن دول الخليج بعنوان "التطورات منذ الاستقلال"، (أن أكثر إشكالية هي الطريقة التي قامت بها دول الخليج بتوزيع المواطنة الفردية.، فمنذ ثلاثينيات القرن العشرين، ازداد عدد السكان زيادة كبيرة بسبب الطفرة النفطية، ولكن عدد المواطنين لم يزيد على نحو مماثل.

وتفرض معظم دول الخليج قيودا على المواطنة، مما يتطلب أن يتتبع الفرد جذوره في البلاد قبل عام 1930. وبناء عليه، فإن الملايين من الناس الذين نزحوا الى المنطقة منذ الأربعينيات من القرن الماضي ليس لديهم سوى وضع قانوني جزئي ويفتقرون إلى الحقوق السياسية في البلدان التي يقيمون فيها، على الرغم من أنهم قد عاشوا هناك لمدة جيلين، ويمكن أن يطلب منهم المغادرة في أي وقت(.

والبدون، هي طبقة اجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي، وهم أشخاص عديمو الجنسية، وتعترف عدة حكومات بأنهم مهاجرين غير شرعيين .

في الكويت، هناك نحو  110،729 بدون مسجل رسميا في الكويت. وطبقا للحكومة الكويتية، فإن 34،000 فقط من البدون مؤهلون للحصول على الجنسية الكويتية، ومن المتوقع أن يكون البدون المتبقيون من العراقيين والسعوديين.

في الامارات، وفقا للمادة 17 من قانون الجنسية والجوازات لسنة الإمارات العربية المتحدة لعام 1972، يحق لأي فرد يقيم في الولايات المتصالحة قبل عام 1925 الحصول على الجنسية الإماراتية .

وفشل العديد من عديمي الجنسية الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة في الحصول على جوازات سفر إماراتية، إما لأنهم لم يثبتوا أنهم يعيشون في المنطقة قبل عام 1925 أو لأنهم وصلوا إلى المنطقة بعد عام 1925.

وفي السعودية، تغيب الإحصاءات الرسمية الدقيقة عن عدد البدون، وتقول بعض التقارير أن عددهم يبلغ 70 الف أو يزيد.

والمشكلة الحقيقية ليست في العدد، ولكن في الحالة الانسانية لبشر لا يتمتعون بأية حقوق، وبينما تقوم دول مثل البحرين بعمليات للتجنيس لإحداث تغييرات ديموجرافية على أسس طائفية، فإن الأولى تجنيش هذه الحالات الإنسانية وعلى أسس للمواطنة وتوظيفهم في إطار دول تنموية والاستفادة بقدراتهم البشرية في الزراعة والصناعة والتنمية.

ان ترك هكذا مشكلات هو بمثابة خلق قنبلة موقوتة وبمثابة خلق بيئة حاضنة للإرهاب، فلا يعلم احد مستقبل الخليج إذا ما حدثت أزمات اقتصادية أو تغيرت الظروف الراهنة، في أي صف سيكون المضطهدون سواء من المواطنين الأصليين أو الوافدين أو البدون!