خاص الموقع

السعودية تقود الخليج لمعادلة استعمارية جديدة

في 2018/03/13

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

بعد زيارة ولي العهد السعودي الى بريطانيا، صدر بيان سعودي بريطاني مشترك تم التأكيد فيه على الالتزام بشراكة طويلة الأجل لدعم تحقيق "رؤية 2030".

ووفقا للتقاريرالإخبارية، فقد أكدت المملكة المتحدة دعمها القوي لرؤية السعودية 2030 وبرنامج المملكة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

وأعلن البلدان إطلاق مجلس الشراكة الإستراتجية السنوي ليكون آلية رئيسية لحوار منتظم، واتفقا على تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية والاستثمار الصحي والصحة الرقميّة.

وأشادت المملكة المتحدّة بأهميّة الإدراج الناجح لشركة "أرامكو" بوصفها جزءاً من خطة السعوديّة للإصلاح الاقتصادي.

وهذه البيانات والتأكيدات تحوي بين سطورها الكثير عن ما هو معلن في سطورها، وتحمل إذا ما أضيفت لشواهد أخرى، أبعادا أعمق وأخطر.

فالإعلان من جانب بريطانيا يعني مباركة حكم ولي العهد وتتويجه ملكا مقبلا للبلاد.

وثنايا الإعلان ومضامينه، تقول أن الأمر ليس مجرد مباركة، وإنما تحالف ورعاية بريطانية مقابل مزايا اقتصادية ستمنحها السعودية في جميع المجالات والتي وردت فيما أطلق عليها "رؤية السعودية 2030".

وزيارات بن سلمان لشخصيات ممثلة لمؤسسات بعينها، يشي بنوعية المزايا.

وتحديدا زيارة وزير الدفاع والاستقبال الحافل لولي العهد بقاعدة "نورث هولت" الجوية، يكشف أننا على مشارف صفقات سلاح ضخمة، تساعد بريطانيا على تجاوز أزماتها الاقتصادية، وتساعد بن سلمان في التمكن من العرش.

التعاون والتحالف في حد ذاته ليس أمرا مدانا، وإنما طبيعة العلاقة والارتهان والإسراف وإهدار حقوق الشعوب وشراء المواقف على حسابها وحساب أوضاعها، هي المنظومة المدانة.

ومثال صغير يمكن طرحه لتوضيح هذه المنظومة وكي لا يكون الكلام مرسلا دون شواهد حقيقية:

المثال يتعلق باحتجاز بن سلمان للأمراء في فندق ريتز بادعاء ملاحقة الفساد، حيث لم يتناول الإعلام العربي جوهر وحقيقة الاحتجاز، ولم يكشف أبعاده الحقيقية سوى الاعلام الغربي وفي دوائر ضيقة.

حيث أوضحت التقارير الأمريكية أن مصادرة أموال الأمراء كانت خدمة لترامب، باعتبار أن أموال كثير من الأمراء كانت توظف في خدمة معارضي ترامب وخدمة حملاتهم المضادة لسياساته، وبالتالي فإن ولي العهد، قام بهذه الخطوة لقطع تمويلات مضادة لترامب!

هذا الشاهد، مع شواهد مشروعات تخدم اسرائيل، وتحقق أحلام قادتها وتخدم أجندتها للشرق الأوسط الجديد، تقول أننا مقدمون على عهد جديد تتعاظم به التفريطات في الحقوق العربية وحقوق الشعوب، وتوظف الثروات لخدمة الاستعمار بشكل معلن وفج، في سبيل اعتلاء وحماية العروش.

تفيد التقارير المعتبرة أن ترامب يعتزم عقد قمة في كامب ديفيد لمحاولة المصالحة الخليجية مع قطر في مايو القادم، وأن الأهداف الرئيسية تكمن في مزيد من الولاء الشخصي لترامب، وليس فقط لأمريكا!

هل باتت السياسات في العالم ودماء الشعوب تبني على مسائل شخصية!

يبدو أنها كذلك وسط تواتر التقارير بأن أشخاص بعينهم وراء الأزمة الخليجية ووراء استمرارها، ولا شك أن المستفيد هو الأمريكي الذي يربح من وراء الجميع!

إن الرهان الاستعماري التقليدي على الخليج كان ضمان المصالح الاقتصادية الغربية عبر استخراج الثروات وحق استغلالها، وضمان عدم إعاقة مشروعات الغرب وأجنداته بفضل المصالح المشتركة.

والآن يبدو أنه تحول إلى رهان من نوع جديد، مفاده توظيف الخليج كعراب لسياسات الغرب، أي المراد هو العمالة لا التحالف.

يبدو أن السعودية وافقت على ذلك باعتباره ليس غريبا عنها، حيث تمارس هذا الدور منذ النشأة.

لكننا نربأ بأن ينضم كامل الخليج إلى هذه المقاربة الجديدة، ونربأ أيضا بالشعب العربي في الحجاز ونجد أن يرتضي أن يكون نظامه قائدا وعرابا لهذه المنظومة المخجلة.