خاص الموقع

انتهى سبي اليهود .. فلماذا لا يعودون إلى يثرب؟!

في 2018/04/06

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

وأخيراً أراح طويل العمر قلوبنا وتحدث بألسنتنا بعد طول صمت وسكوت، وبتنا اليوم قادرين على أن نصدح بملء أفواهنا: لا للفرقة، مللنا العداء، مللنا حالة الحرب، نعم للتلاقي ومرحى بالسلام والتعايش مع أخواننا اليهود.. كيف لا وهم أبناء العم الأقارب، عشنا معهم دهوراً وعصوراً في شبه الجزيرة العربية، وأهلاً بهم في مدينتهم يثرب. ألم تكن هذه المدينة لليهود واستقبلت نبي الإسلام محمد؟! ألم تكن خيبر يهودية قبل أن يفتحها علي بن أبي طالب؟! ألم يكن اليهود - رغم ما يقال عن فتنتهم - يعيشون بين ظهرانينا في أمن وسلام وكانوا في مقام المستشارين والأحبار؟! فلماذا لا نعيش معهم اليوم هذا العهد ونشاركهم الخبز واللبن؟.

أخيراً جاء من يجرؤ على الكلام، ويفصح عن مكنونات صدورنا، ونحن الذين كنا نئن تحت وطأة القهر، ونعيش تحت نير الصمت القاسي إلى أن اقترب منا أولاد العم على الحدود المجاورة، فأصبحنا ننتظر السنوات تلو السنوات لنعلن أصالة العرق والهدف وكينونة التاريخ، كيف لا وقد عشنا المعاناة نفسها ونحن السعوديون كنا نحارب أهل البدع في بغداد والشام ليأتي اليوم الذي نعود فيه ونلتقي، وها هو أميرنا الشاب قد أعلنها صراحة: لليهود الحق في أن يكون لهم وطن ونعيش معهم سواسية، وها هو هذا الوطن يقترب من أن يكون حقيقة بالقول والفعل، ويرخص في سبيل ذلك المال والنفط وثروات الأرض والعرض.

أخيراً وبعد طول انتظار بدأ ذوو الشعارات الحماسية وهواة رمي الحجارة يستسلمون للمنطق الواقعي، وباتوا قاب قوسين أو أدنى من القناعة بأن مستقبلهم هو في العيش بسلام حتى لو كان سلاماً تحت الحراب العسكرية، فهم الذين اختاروا سياسة القمع، وتمردّوا على حقيقة التاريخ، فلا المسجد الأقصى سيتحوّل إلى حجارة من سجيل ولا أبواب القدس ستقفل في وجه اليهود، فها هم العرب، أو معظم العرب قد أذعنوا للواقع الذي عملنا على تكريسه عشرات السنوات، وخضنا من أجله الحروب الداخلية والخارجية، ودفعنا في سبيله الأموال الطائلة، ولكن كل هذه التضحيات لم تذهب سدىً، وآن أوان القطاف وحصاد الصبر الطويل.

ليس من يرفع شعار الاسلام هم أخواننا، وليس من يرفع لواء الممانعة هم أشقاؤنا، وليس من ينتهج القتال سبيلاً لاستعادة فلسطين هم أبناء جلدتنا وديننا، فقد قالها أميرنا محمد بن سلمان: إيران هي قائدة محور الشر وهي دولة عدوّة، وما شعار تحرير فلسطين إلا خنجر في خاصرة الأمة، فلا السعودية ولا الامارات ولا مصر ولا الأردن ولا دول الخليج تريد الحرب مع أخواننا اليهود، بل كلنا نريد السلام والعيش في وئام ومحبة، وليقلع الفلسطينيون عن مطالباتهم بتحرير أراضيهم، فما المجازر التي ارتكبها اليهود الصهاينة في فلسطين إلا ردة فعل على تعنّت الفلسطينيين، وكان الحري بهم الخضوع للقوى الكبرى وتوفير الدم والضحايا والتشريد والشتات، وها هي التجربة السعودية خير دليل على حكمة قادتنا الذين يأخذون بالبلاد إلى طور التمدّن والحضارة بعد أن تخلّصنا من رداء الوهابية، وحتى لو كلّفنا ذلك تقديم الولاء والطاعة للسيد الأمريكي ليحمينا من جيراننا.

لا يمكن لأحد أن ينكر على الصهاينة الحق في العيش، حتى لو جاء هذا الحق على حساب تكديس الجماجم، وعلى حساب إراقة الدم والاعتقال وسلب الأراضي الفلسطينية والعربية، ولا يمكن لأحد إنكار مسيرة التسوية التي يسير بها معظم الدول العربية من أقصى المغرب العربي إلى مشرقه، ولا يمكن الإدّعاء بعد اليوم أن للدول العربية جامعة تلتقي تحت شعار التوحّد في مواجهة المخاطر التي تحيق بالعرب وفي مقدمتهم "إسرائيل"، فأغلب الذين كانوا يعادون إسرائيل باتوا اليوم حلفاء لها في السر والعلن في مواجهة إيران وتوابعها من العراق إلى سوريا ولبنان، وعليه فقد آن الأوان لكي ينتهي السبي اليهودي ويعود أهل يثرب إلى أكنافها.
أقول هذا.. شاكرا لكم حسن صمتكم والى اللقاء في حلقة جديدة من مسلسل "الصمت المذل"!