ملفات » نيوم السعودية

سعوديون يخرجون عن خوفهم: "الترفيه" لم تراعِ تقاليد المجتمع

في 2018/04/24

الخليج أونلاين-

فقد المجتمع السعودي العديد من السمات التي ميّزته عن مجتمعات العالم، فبعد أن كان محافظاً يغلب عليه طابع الالتزام الديني، بات منسلخاً عن عاداته وتقاليده وأعرافه، وهو ما أكده العديد من السعوديين.

التغييرات المجتمعية الكبيرة التي طرأت على السعودية بدأت منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد، في يونيو الماضي.

عدم اقتناع قطاع كبير من المجتمع بالتغييرات المستمرة، أظهره استطلاع أجرته صحيفة "عاجل" السعودية المعروفة، حول "هيئة الترفيه" بعد مرور عام على بداية نشاطاتها.

الآراء الرافضة قد تكون الأولى حول الهيئة التي تقود الفعاليات والنشاطات والتغييرات في المملكة.

فقد بين الاستطلاع الذي أجرته الصحيفة التي يتجاوز عدد متابعيها مليونين على موقع "تويتر"، رأياً طبيعياً بأن الهيئة لم تراع تقاليد المجتمع، والذي أخذ النسبة الأعلى 53% من المصوّتين، ويأتي ذلك بعد التغييرات الجذرية بالسعودية.

31081530_603134500043703_147672434609225728_n

وجاء بالدرجة الثانية من استطلاع الصحيفة السعودية، التي تتماشى مع سياسة المملكة، أن 34% قالوا إنهم لم يشعروا بوجود الهيئة على الإطلاق.

أما النسبة التي تليها وشكلت 9% من الأصوات، فقد اعتبروا أن نشاطات هيئة الترفيه "مملة" وأسعارها مبالغ فيها.

في حين صوت 2% (168 صوتاً) فقط بأن نشاطات الهيئة ممتعة وأسعارها مناسبة.

مشاريع هيئة الترفيه السعودية خصص لها من السلطات نحو 64 مليار دولار أمريكي، ليبدأ هذا القطاع من الصفر، صاعداً بتسارع غير مسبوق نحو ما أطلق عليه "الانفتاح".

وشهدت المملكة، في الفترة الأخيرة، سلسلة قرارات بالتخلّي عن عدد من القوانين والأعراف الاجتماعية التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود؛ أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارة، ودخولهن ملاعب كرة القدم، ورعاية هيئة الترفيه الحفلات والمهرجانات الغنائية، مع تقييد دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولم يتوقع مراقبون أن تشهد السعودية سلسلة التغييرات الدراماتيكية التي طالت جميع المجالات، وتجاوزت الخطوط الحمراء التي رسمتها بلاد الحرمين بهذه السرعة الفائقة، وذلك في ظل انتهاج الأمير الشاب سياسة "العلاج بالصدمة"؛ بغرض ما وصفه بـ"تحديث الحياة الثقافية والسياسية"، مثلما قال لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أواخر فبراير المنصرم.

وانشغلت بهذه التغييرات التي زلزلت المجتمع السعودي، وحللت ما كان محرماً، العديد من الصحف العربية والغربية، لتنتقد التبدل السريع الذي سيسبب العديد من ردات الفعل وهو غير متقبل من فئة كبيرة من السعوديين.

صحيفة "نيويوك تايمز" الأمريكية قالت في مارس الماضي، إن السعودية عرفت بأنها من أكثر الأماكن تحفظاً في العالم، إذ إن الشرطة الدينية فيها كانت تفرض قوانين اجتماعية صارمة على النساء، مع ضرورة تغطية أجسادهن أثناء وجودهن في الأماكن العامة.

كما أن المملكة تحظر منذ سنوات طويلة إقامة أو تنظيم أي حفلات موسيقية أو مسرحية، ومن ثم فإن الترفيه والمتعة كانا شبه غائبين عن أفراد المجتمع، بحسب الصحيفة الأمريكية.

والآن تدخل السعودية عهداً جديداً؛ إذ بدأت تنتشر فيها الفرق المسرحية وتقدم عروضها، كما نُظمت حفلات موسيقية، منها واحدة للموسيقي العالمي "ياني"، أقيمت في ديسمبر الماضي.

وشهدت المملكة حفلة لمغني الراب الأمريكي نيللي، أقيمت للذكور حصراً، وحفلة للفنان المصري الشاب تامر حسني.

وتتوقع الشركات الدولية التي تنظم حفلات كبار الفنانين مزيداً من الصفقات مع هيئة الترفيه السعودية؛ لإقامة مثل هذه الحفلات مستقبلاً.

رفض الشريحة الكبرى من السعوديين لهذا التغيير لم يكن حديثاً، فقد أكده استطلاع آخر أجرته صفحة قناة "MBC" الأشهر بالسعودية والعالم العربي، والتي يتابع حساباتها المختلفة الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي.

فقد أظهر استطلاعها في أغسطس من العام 2016، وعبر تساؤل: "ما رأيك في إقامة حفلات غنائية في السعودية؟" رفض 65% من الأصوات لذلك، في حين وافق 22%، ولم تهتم النسبة الباقية بنتيجة الاستطلاع.

- الاقتصاد مقابل تحجيم الأصوات الدينية

ويعد الترفيه من الوجهات التي يعتقد بن سلمان أنها سوف تنعش الاقتصاد المحلي، فالسعوديون ينفقون مليارات الدولارات على السفر والسياحة سنوياً، وإذا ما نجحت الهيئة في إبقائهم داخل البلاد، فذلك سينعش الخزينة، حسب خطّته.

وترى الصحيفة الأمريكية أن بن سلمان لم يكتف بتوفير وسائل الترفيه، وإنما عمل بالمقابل على تحجيم دور المؤسسة الدينية وإسكات رجال الدين الذين يعارضون إصلاحاته الاجتماعية الخارجة عن الأعراف، كما قاد عملية لمكافحة الفساد، انتهت بتحصيل مبالغ طائلة من المتهمين.

أما المحافظون السعوديون الذين يرفضون مثل هذه التغييرات ويعتبرونها محرمة، فإنهم ظلوا هادئين بمواجهتها، الأمر الذي شجع الحكومة على المضي قدماً في تنفيذ خططها، إذ إن عدد الداعمين لتغيرات بن سلمان أكبر من عدد الرافضين، بحسب الصحيفة.