اقتصاد » علاقات واستثمارات

شركات ألمانية تعاني من الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبرلين

في 2018/05/18

وكالات-

نشرت وكالة الأنباء الألمانية الخميس تقريرا مطولا تناول انعكاسات الأزمة الدبلوماسية بين برلين والرياض على الشركات الألمانية في السعودية أو تلك التي ترتبط بمجالات عمل في المملكة.
وتقول الوكالة إنه منذ ستة أشهر "تظهر السعودية إعراضا في التعامل مع ألمانيا، سواء على المستوى السياسي أو على الاقتصادي، وذلك إما بإلغاء زيارات رسمية أو تجاهل للشركات لألمانية في الصفقات التجارية".
وتنقل الوكالة تجربة رجل الأعمال الألماني ديتليف داوس، وتقول: "منذ نحو 40 عاما يمارس ديتليف نشاطه في السعودية. فشركته "في-لاين"، تتولى شراء قطع الغيار للمنشآت الصناعية، ونمت عبر نشاطها مع السعودية، لكنه يستشعر الآن إعراضا من الجانب السعودي".
وتلفت الوكالة إلى أنه رغم أن السعودية تضخ حاليا مئات المليارات في إعادة هيكلة اقتصادها، فإن "شركات ألمانية عديدة أخرى لا تستفيد من ذلك، فالسعوديون يتجاهلون ألمانيا على نحو ممنهج بسبب أزمة دبلوماسية".
ويضيف داوس: "لدينا مشكلة واضحة تماما. العلاقات السياسية بين ألمانيا والسعودية لم تكن سيئة على هذا النحو من قبل"، فيما تقول الوكالة إنه استثمر الملايين "ليستفيد من الفرص التي تقدمها إعادة الهيكلة الضخمة للاقتصاد السعودي "الرؤية السعودية 2030"، والتي تسعى إلى تقليل اعتماد البلاد على إيرادات النفط".


تصريحات غابريل

وتعيد الوكالة تاريخ الخلافات بين الطرفين إلى 18 تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، حين سحبت السعودية سفيرها خالد بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود من برلين، "على خلفية تصريحات غير دبلوماسية على نحو غير معتاد من وزير الخارجية السابق زيغمار غابريل تجاه السعودية"، وفق تعبيرها.
والحديث هنا بحسب الوكالة يدور عن ما عرف حينها بأزمة استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، حيث وصف غابريل السياسة السعودية بأنها تتسم بـ"روح المغامرة"، مضيفا أنه "أمر لا يمكن قبوله أو السكوت عنه".
وتقول إن "هذه الإهانة العلنية أثارت غضب السعودية، لدرجة أن اسم "غابريل" وحده صار يثير غضب بعض المسؤولين في أروقة الوزارات السعودية"، فيما تشير إلى تقارير داخلية تلفت إلى أن تصريحات غابريل "أثارت الاستياء بين دبلوماسيين ألمان أيضا، وهو ما دفع السفارة الألمانية في الرياض إلى توصية الخارجية الألمانية ببرلين بتهدئة حدة التصريحات".
وتفيد هذه التقارير إلى أنه "حان وقت إنهاء التقريع العلني أو الخفي للسعودية"، وأوصت بـ"ضرورة استيعاب السعودية على نحو مختلف في ضوء الإصلاحات الأكثر شمولا للبلاد على الإطلاق"، مشيرة إلى أن "المصالح الاقتصادية الألمانية في البلد المقبل على الانفتاح معرضة حاليا لخطر كبير".
في المقابل، طالب السعوديون – حسب التقارير بـ"بيان علني من الجانب الألماني لعودة الأمور إلى طبيعتها"، وهو ما حصل عندما "خفف الوزير الألماني قبيل عيد الميلاد من حدة تصريحاته على نحو واضح في مقابلة مع صحيفة عربية إلا أن الأمور لم إلى طبيعتها".


قلق متزايد ومعضلة جديدة
وعن مستقبل العلاقات، الاقتصادية تحديدا، تنقل الوكالة عن  المدير التنفيذي لغرفة التجارة الخارجية الألمانية في الرياض أوليفر أومس قوله: "شركاؤنا السعوديون لديهم انطباع بأن ألمانيا تمتنع عن الاعتراف لهم بإصلاحاتهم التاريخية".

قلق متزايد

ويضيف: "الشركات الألمانية في السعودية في قلق متزايد وتخشى على نشاطها هناك. ولا يبدو أن هناك ما يدعو للتفاؤل، حيث لا تتوقع برلين أن يتم الالتفات إلى الشركات الألمانية حاليا في المناقصات بالسعودية".
وتنبه الوكالة إلى نقطة مهمة متعلقة بوزير الخارجية الجديد الذي خلف غابريل في منصبه، وتقول: "كان المسؤولون في وزارة الخارجية الألمانية يأملون أن تُحل المشكلة من تلقاء نفسها عقب تغيير قيادة الوزارة، إلا أنه اتضح أن الأمر لن يكون بهذه السهولة بالنسبة لوزير الخارجية الألماني الجديد هايكو ماس".
وتوضح أن حزب وزير الخارجية الجديد، الحزب الاشتراكي الديمقراطي "يواجه مشكلة جديدة مع السعودية في ميثاق الائتلاف الحاكم الذي أبرمه مع التحالف المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنغيلا ميركل، وهي: حظر إبرام صفقات أسلحة جديدة مع الدول المشاركة "على نحو مباشر" في حرب اليمن".
وتنوه إلى أنه رغم أن الرياض "بإمكانها شراء أسلحة من أي مكان آخر"، إلا أنها "قيّمت هذا الحظر بأنه عمل غير ودي فهي (السعودية) تعتبر حربها في اليمن شرعية تماما وضرورية للغاية".


عمل صعب
وتتابع الوكالة تقريرها بالحديث عن تأثيرات خروج غابريل من الخارجية الألمانية، فتقول: "يبدو أن ترميم العلاقات الألمانية-السعودية عمل صعب. فقد أرسل الوزير الجديد في آذار/ مارس الماضي فور توليه مهام منصبه رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط في وزارته إلى الرياض، إلا أنه تم إلغاء زيارة ثانية على نفس المستوى في نهاية نيسان/ أبريل الماضي بسبب عدم اهتمام الجانب السعودي".
وتقول الوكالة إن "الممانعة السعودية على ما يبدو تأتي بتوجيه من أعلى"، في إشارة إلى ولي  العهد محمد بن سلمان حيث حذرت وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية في العام 2015 "من اندفاعه وتأثيره على السياسة المستقبلية للسعودية".