علاقات » عربي

غطرسة بلا خبرة... نخبة الحكم الجديدة تدمر سمعة السعودية

في 2018/05/30

الخليج الجديد-

يحيط ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» نفسه بنخبة محدودة الخبرة في الشأن الإقليمي والدولي، ومع ذلك تميل لمغامرات طائشة، كلفت المملكة أثمانا باهظة فيما يتعلق بصورتها لدى شعوب المنطقة، فضلا عن توتر العلاقات السياسية مع بعض دول الجوار.

من بين هذه النخبة وزير الدولة للشؤون الخليجية «ثامر السبهان»، الذي لعب دورا حاسما في تطور الأمور أثناء أزمة احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية «سعد الحريري» خصوصا أنه يعتبر رأس الحربة في السياسة الهجومية للرياض تجاه إيران عدوها اللدود.

ووضعت الاستقالة المفاجئة التي أعلنها «الحريري» من السعودية النخبة الحاكمة في الرياض في وضع محرج خصوصا بعد المواقف التي صدرت من بعض الدول الغربية والتي دعت لعودة «الحريري» إلى بلاده.

ويرى مراقبون أن «السبهان» كان من بين المجموعة التي وقفت وراء فكرة احتجاز «الحريري»، حيث أطلق مجموعة من التصريحات النارية عبر «تويتر»، قبل عملية الاحتجاز، وصف خلالها «حزب الله» اللبناني بـ«حزب الشيطان» و«حزب الإرهاب».

الوزير السعودي الذي سبق له أن شغل منصب الملحق العسكري في سفارة السعودية في بيروت بين عامي 2014 و2015، كان ظهر أيضا على إحدى القنوات التليفزيونية اللبنانية وبشر بقرب حدوث تطورات مذهلة في إطار الجهود الإطاحة بنفوذ «حزب الله» في لبنان.

ويوم الاستقالة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، غرّد «السبهان»، متوعدا بأن «أيدي الغدر والإرهاب يجب أن تُبتر»، قبل أن يتوقع بأن «لبنان بعد الاستقالة لن يكون أبدا كما قبلها ولن يكون منصة لانطلاق الإرهاب».

وبعد 5 أيام من استقالة «الحريري»، وعد «السبهان» ودائما عبر وسيلته الإعلامية المفضلة «تويتر» بمزيد من الإجراءات حتى تعود الأمور إلى نصابها الطبيعي، حسب تعبيره.

وبالرغم من ذلك لم تتحقق وعود وآمال «السبهان» فلم تتمكن السعودية من الاحتفاظ بـ«الحريري» فترة طويلة تحت وقع الضغوط الدولية، خاصة مع الموقف الموحد الذي أظهرته مكونات المشهد السيد اللبناني.

وتشير أنباء إلى أن «السبهان» زار واشنطن أثناء أزمة استقالة «الحريري» والتقى أثناء زيارته مسؤولين في الخارجية الأمريكية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي في إدارة «ترامب»، وقد ترددت أخبار تفيد بأن لقاءات الوزير السعودي هذه لم تكن عابرة ولا هادئة بحسب بعض المصادر.

فبدل حشد التأييد الأمريكي لاستقالة «الحريري»، يبدو أن الوزير السعودي قد تعرض لـ«قرصة أذن» من المسؤولين الأمريكيين الذين طلبوا منه أن يتوقف عن تغريداته المستفزة حسب ما ذكرته وكالة «أسوشييتد برس» نقلا عن مصدر مقرب من الاجتماع الذي تم بين «السبهان» والمسؤولين الأمريكيين.

وهذا ما قد يفسر التراجع الملحوظ في ظهور «السبهان» وحضوره الإعلامي مقارنة بما سبق الأزمة.

يشار إلى أن «السبهان» لم يدم مقامه كسفير للملكة في العراق أكثر من 9 أشهر، حيث طالبت الحكومة العراقية في أغسطس/آب 2016 باستبداله بعد الضجة المتكررة التي تحدثها تصريحاته التي كان ينظر إليها باعتبارها تدخلا سافرا في شؤون العراق الداخلية.

«سعود القحطاني»

من جهة أخرى، تسبب المستشار في الديوان الملكي، «سعود القحطاني» في جدل داخلي وانتقادات خارجية، بعد انتشار تغريدة منسوبة له يقر بها، باغتيال الشاعر «طلال الرشيد»، أحد أمراء «آل رشيد»، الذين سبقوا «آل سعود» بحكم الجزيرة العربية.

وقال «القحطاني» في التغريدة المنسوبة له: «لمن يحاول أن يصطاد في الماء العكر، أود أن أذكر، أن آل سعود جعلوا الجنازة، جنازتين.. جنازة في روضة مهنا، وجنازة في الجزائر».

وتعني التغريدة المنسوبة لـ«القحطاني» وفقا لناشطين، أن الجنازة الأولى أقيمت في مناطق «آل رشيد»، بروضة مهنا التي شهدت خسارة «آل رشيد» حكمهم على يد جنود «عبدالعزيز آل سعود» عام 1906.

أما الجنازة الثانية المعنية بالتغريدة، هي في جبل بوكحيل بولاية الجلفة في الجزائر، وهي المنطقة التي اغتيل بها «طلال آل رشيد» عام 2003.

ولعل الضجة التي أثارتها تغريدة «القحطاني» جعلت تلك قضية اغتيال «طلال آل رشيد» حاضرة بالأذهان حتى تم اعتقال نجله «نواف بن طلال آل رشيد» بعد أن قامت السلطات الكويتية بتسليمه للسعودية منتصف مايو/آيار الجاري.

الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لمطالبة السلطات السعودية بكشف مصير الأمير وتقديم معلومات عنه وتوضيح ما إذا كان قد تم اعتقاله، وعلى أي خلفية، بحسب ما ذكرت المتحدثة باسم المكتب «ليز ثروسيل» في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للمنظمة.

وما زاد من ضعف الموقف السعودي ما تم تداوله عن أنباء تفيد بممارسة سلطات المملكة ضغوط هائلة على الأمير «نواف»، من أجل إصدار بيان يهاجم فيه قطر ويقول إنه عاد للوطن بمحض إرادته.

وتسبب «القحطاني» في انتقادات واسعة للمملكة نتيجة لتصريحات مسيئة لا يليق أن تصدر من مسؤول سياسي وذلك بعد نشره صورة يسخر فيها من مندوب دولة قطر الدائم لدى جامعة الدول العربية «سيف بن مقدم البوعينين»، خلال القمة العربية التي انعقدت في مدينة الظهران السعودية في أبريل/نيسان الماضي.

وقال «القحطاني» في تغريدة على حسابه الشخصي في «تويتر»: «ممثل الشق الشرقي لجزيرة سلوى (قطر سابقًا) في القمة العربية منبوذًا لوحده في أقصى يمين الصورة، كل الحضور رؤساء دول ووزراء ورؤساء وفود يتبادلون الكلام الودي ومشاعرهم الأخوية إلا هو، يُكلم نفسه، وبين عينيه أيدي تنظيم الحمدين الملطخة بدماء الشعوب».

«تركي آل الشيخ»

في السنوات الأخيرة، سعت الرياض إلى تعزيز نفوذها وتأثيرها على دوائر صناعة القرار في بقية العواصم العربية.

ومع سيطرتها المالية على صناعة الترفيه في المنطقة، اتخذت المملكة الرياضة وسيلة لمد نفوذها، بضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، في دولة مثل مصر على سبيل المثال.

ولعب رئيس الهيئة العامة للرياضة «تركي آل الشيخ» دورا سلبيا في محاولة السيطرة على الأندية الرياضية في مصر وعلى رأسها الأهلي والزمالك، قطبا الكرة المصرية.

وعندما تقلد الرجل منصب الرئيس الشرفي للأهلي المصري، سرت مخاوف لدى جماهير النادي من تدخلات متوقعة في إدارة النادي.

ففي مطلع فبراير/شباط الماضي، أحدث ضجة بعد تصريحات تليفزيونية قال خلالها إن لديه تحفظات على بعض مسؤولي النادي، بسبب تصرفاتهم وتصريحاتهم.

كما أثارت صورة ظهر خلالها رئيس النادي «محمود الخطيب» وهو منحنٍ أمام «تركي آل شيخ» خلال الحديث معه، حالة من الاستياء بين جماهير النادي.

وظل السخط يتراكم داخل أوساط جماهيرية في مصر جراء التصريحات المتغطرسة لـ«تركي آل الشيخ»، حتى أعلن اعتذاره عن الرئاسة الشرفية للنادي الأهلي المصري.

لكنه لم يرغب أن يترك الاهلي دون جدل جديد، فقد كشف عن  حجم الأموال التي قدمها إلى النادي الأهلى، قائلا إنه قدم مبالغ تجاوزت الـ260 مليون جنيه «لتحقيق أحلام جماهير القلعة الحمراء»، ما اعتبره مصريون إهانة مباشرة.

كما ربط مصريون بين إصابة نجم منتخبهم «محمد صلاح» وأمنية أطلقها «تركي آل الشيخ»، في وقت سابق تمنى خلالها غياب «صلاح» عن بطولة كأس العالم في روسيا هذا الصيف، ولو بداعي الإصابة.

وتعتبر تصريحات ومغامرات النخبة الحالية بالمملكة امتداد لتصرفات «بن سلمان» الذي استبق ولاية عهده بقرار طائش وهو حصار قطر، كما دشن ولاية أبيه «سلمان» بحرب خاسرة في اليمن.

فهل تنجح الخسائر والانتقادات الحادة التي تتلقاها النخبة الحاكمة في السعودية إقليميا ودوليا في دفع «بن سلمان» ومستشاريه لمراجعة طريقهم، أم ينجح ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» في مواصلة اختطاف المملكة عبر التأثير على ولي عهدها، مغترا بدعم الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بشخصه، بعد الفشل النسبي في الترويج لمقامرات الشابين الصاعدين داخل المؤسسات الأمريكية.