تواصل » صحف ومجلات

ذراع «آل الشيخ» بمصر.. هل يمتد أخطبوط «بيراميدز» ليبتلع «الأهرام»؟

في 2018/07/30

الخليج الجديد-

هجرة جماعية شهدتها ساحة الإعلام الرياضي في مصر خلال اليومين الماضيين، بعد أن أعلن الكثير من مقدمي البرامج الرياضية تركهم لقنواتهم، وانضمامهم إلى فضائية «بيراميدز» الجديدة، المملوكة لرئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، المستشار بالديوان الملكي السعودي «تركي آل شيخ».

ورغم أن كثيرا من معلني الانتقال سبق لهم انتقاد مشروع «آل الشيخ» بمصر، القائم على تأسيس علامة «بيراميدز» لتمثل منظومة رياضية متكاملة تنافس أعرق الأندية الشعبية، وعلى رأسها «الأهلي»، إلا أن المثل الإنجليزي الشهير «Money talks» بات هو قانون الرياضة المصري منذ دخول «آل الشيخ» بثقله إثر خلافه مع أعضاء مجلس إدارة النادي «الأهلي».

من بين هؤلاء مدير الكرة بالنادي المصري «إبراهيم حسن»، الذي وجه انتقادات لاذعة لإدارة ناديه، الشهر الماضي، على خلفية تجاوبها مع العروض المالية الضخمة التي قدمها «آل الشيخ» لضم نجوم لاعبي فريقه، ثم ظهر، الجمعة، في الترويج الدعائي لقناة «بيراميدز» الجديدة.

وفي سياق مشابه، انسحب الإعلاميون، «مدحت شلبي» من قناة «ON SPORT»، و«خالد الغندور» من قناة «LTC»، و«أحمد حسام» (ميدو) من قناة «bein sport» ليتجهوا جميعا إلى «بيراميدز»، بصحبة عدد كبير من شيوخ وشباب الإعلاميين والنقاد الرياضيين، ومنهم «حسن المستكاوي» و«أحمد عفيفي» اللذان أعلنا رحيلهما عن «dmc sport».

تضارب مصالح

لكن الإعلان الترويجي للقناة الجديدة، ضم مدربين لفرق بالدوري المصري الممتاز لكرة القدم، منهم المدير الفني لفريق سموحة «علي ماهر»، والمدير الفني لفريق النادي المصري «حسام حسن»، ما أثار انتقادات إضافية لـ«حالة آل الشيخ» بالساحة المصرية، لما يمثله ذلك من تعارض للمصالح على نحو لا يصب في صالح الرياضة المصرية، خاصة أن القناة مملوكة لناد يفترض أنه «منافس» للأندية التي يتولون إداراتها الفنية.

كيف لرئيس ناد أن يدعم فريقا لأحد منافسيه براتب مديره الفني الأجنبي؟.. سؤال طرحه المراقبون في مصر بعد إعلان «آل الشيخ» تبرعه بالمال اللازم لاستقدام المدير الفني السويسري «كريستيان غروس» إلى نادي «الزمالك»، ليكون الرد على علامة الاستفهام بإجابات أقرب إلى التبرير منها إلى التفسير.

فالطيور المهاجرة إلى قناة «بيراميدز»، ومنهم «خالد الغندور»، تبرر التناقضات التي خلفها اكتساح «آل الشيخ» لمضمار المنافسة بملايين الدولارات، بأن القناة الناشئة «عامة» وتضم كافة ألوان الطيف الرياضي المصري، ولا تمثل ناديا بعينه.

ويضع مراقبون الحالة التي أثارها «آل الشيخ» بالرياضة المصرية في إطار «مشروع سياسي» تزامن مع صعود نجم ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، باعتبار أن «آل الشيخ» أحد أصدقائه المقربين.

مشروع سياسي

المدخل السياسي إذن، فيما يرى معارضو «آل الشيخ» هو ما يمثل حقيقة ما وراء علامات استفهام عديدة ظلت بلا إجابة حول تلك المبالغ الطائلة التي أنفقها في شراء نادي الأسيوطي المغمور لتأسيس «بيراميدز»، ومساهمته الحاسمة في شراء الأهلي والزمالك للاعبين (بينهم صلاح محسن وحمدي النقاز وفرجاني ساسي) بعشرات الملايين من الجنيهات، فضلا عن تسديده لأكثر من 40 مليون جنيه (2.25 مليون دولار) لحل أزمة اللاعب «عبدالله السعيد»، الذي وقع لنادي الزمالك قبل نهائيات كأس العالم الأخيرة، لينتقل باللاعب إلى أهلي جدة السعودي.

حسابات الاقتصاد، لا تدعم تبريرات من نوعية تلك التي قدمها «الغندور»، إذ لا تمثل عوائد أغلب صفقات اللاعبين تلك القيمة التي تزيد على ما أنفقه «آل الشيخ»، وهو ما تكرر في تأسيس القناة الفضائية، إذ أنفق رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية عشرات الملايين من الجنيهات لتغطية بند «الشروط الجزائية» فقط في عقود الإعلاميين الذين أعلنوا رحيلهم عن قنواتهم القديمة.

فالشرط الجزائي في عقد «مدحت شلبي» وحده يبلغ مليون دولار، وهو ما جعله يطلب العودة استجابة لمطالب إدارة «أون سبورت» التي حذرته من الغياب عن القناة، وأرسلت إليه إنذارا على يد محضر، تطالبه بسرعة العودة قبل انتهاء الموعد المحدد لإجازته بعد مدها أسبوعًا.

لكن إجازة «شلبي»، ظلت ممتدة بعدما فرضت ميزانية «بيراميدز» غير المسقوفة نفسها مجددا، ما أعاد الكرة إلى «المشروع السياسي» كنموذج تفسيري لحالة «آل الشيخ» بالرياضة المصرية.

ويعزز من هذه القراءة تلك السماحية التي اتسم بها طريق رئيس هيئة الرياضة السعودية ومشروعه بالساحة المصرية، ليشتري ما شاء من أندية وعقود لاعبين وإعلاميين، وهو ما يصعب تصور حدوثه إلا بموافقة الدولة في مصر، حسبما يرى منتقدوه.

ومن هنا جاءت قراءة استقبال الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» لـ«آل الشيخ» في مايو/أيار الماضي، وعلاقته الوطيدة برئيس نادي الزمالك «مرتضى منصور»، المعروف بكونه أحد الموالين الكبار للنظام الحاكم بالقاهرة، على ما بينهما من تنافس ظاهر بالميدان الرياضي.

مستقبل «الأهرام»

وفي هذا الإطار، تبدو صفقات «آل الشيخ» أقرب إلى «شراء النفوذ» منها إلى «الاستثمار»، ما يفتح الباب مجددا حول مآل الصراع الذي خلفه إعلان اسم مشروع «بيراميدز» في مصر وعلاقته بأعرق مؤسسات الصحافة المصرية (الأهرام).

فرئيس مجلس إدارة الأهرام «عبدالمحسن سلامة»، الذي يشغل منصب نقيب الصحفيين المصريين، أعلن اتخاذ جميع الإجراءات القانونية للحفاظ على الاسم القانوني الخاص بالمؤسسة، قائلًا: «نمتلك ناديا اسمه الأهرام في التجمع الخامس وينافس في دورى الشركات، ثمنه ضعف نادى الأسيوطي 3 مرات، ومثل مساحته»، وفقا لما نقلته صحف محلية.

وفي المقابل، فند المستشار القانوني لـ«بيراميدز»، ادعاء الملكية الحصرية لاسم «الأهرام»، مشيرا إلى أن العديد من الشركات في مصر تحمل الاسم ذاته، دون أن يتهمها أحد بانتهاك هذه الملكية.

وتنتهي أغلب صراعات «آل الشيخ» بالساحة الرياضية المصرية إلى فرض لغة المال لسطوتها بنهاية المطاف، ما دفع العديد من المراقبين للتساؤل حول مآل الخلاف مع مؤسسة «الأهرام»، وما إذا كانت المؤسسة العريقة ستجد من يشتريها ليملك العراقة والتاريخ مقابل رفع عبء واحدة من أكبر المؤسسات القومية عن كاهل الدولة، ولو جزئيا، عبر استثمار بنسبة من أسهم الملكية.

ويظل الطرح في سياق التكهنات حتى اللحظة، لكن المؤكد أن أخطبوط «بيراميدز» لن يقف عند حدود النادي والقناة بأي حال.