علاقات » اميركي

خبير: فرنسا تدمر مصداقيتها بالصمت عن الأزمة السعودية الكندية

في 2018/08/20

القدس العربي-

شن الخبير البريطاني "أندرياس كريج" هجوما شديدا على الدول الأوروبية، وتحديدا فرنسا؛ لعدم تضامنها مع كندا في أزمتها الدبلوماسية مع السعودية على خلفية مطالبة "أوتاوا"، "الرياض" بالإفراج عن ناشطي المجتمع المدني في المملكة.

وفي عريضة نشرتها صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، قال "كريغ"، المحاضر في إدارة الدراسات الدفاعية بجامعة "كينجز كوليدج" البريطانية، إن الأزمة الكندية السعودية كشفت تراجع مكانة حقوق الإنسان بالنسبة للدول الغربية، حيث أصبحت تقتصر على الخطب الرسمية، بعدما كانت تتأرجح بين الدفاع الخفي عن المصالح، والضغوط الحقيقية للتقدم الديمقراطي في العالم.

وذكر أن الصمت الأوروبي يأتي في ظل مواقف غير مستغربة من الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب " الذي يدهس يوميا القيم الإنسانية -على حد تعبيره- ودعمه للأنظمة الاستبدادية كالسعودية والجزائر.

وأشار "كريغ" إلى أن الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" لا يتردد في التذكير في خطاباته بأنها بلد حقوق الإنسان، لكنّ مصالح بلاده التجارية، خاصة تلك المتعلقة بالصناعة الدفاعية، تشكل "بيضة-قبّان" حقيقية، مقابل دفاعها عن حقوق الإنسان في بعض المناطق، لاسيما منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف أن فرنسا، ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم، حيث إن 60% من مبيعات الأسلحة الفرنسية تذهب إلى الشرق الأوسط، وهو ما يعني أنها تشكلُ سوقا غير قابلة للتفاوض.

وتابع أن "خير دليل على ذلك، استمرار صادرات بيع السلاح إلى السعودية رغم انتقادات المنظمات غير الحكومية بشأن استخدام هذا السلاح ضد المدنيين في اليمن".

وأوضح الكاتب أن فرنسا من خلال تلك العقود مع السعودية تدمر مصداقية فرنسا باعتبارها "بلد حقوق الإنسان" في العالم، كما أن قادتها يخاطرون بالتواطؤ بشكل غير مباشر في جرائم الحرب.

ومضي قائلا  إنه "بالنظر إلى طلبياته الرئيسية بشأن التسلح وفرص الشركات الفرنسية في خطة رؤية 2030، تعتقد باريس أن الصمت من ذهب حيال الأزمة بين السعودية وكندا، حتى لو كانت هذه السياسة التصالحية للغاية تجاه ولي العهد محمد بن سلمان لم تمنح فرنسا بعد موقع الشريك المميز الذي تحتله الولايات المتحدة".

وأشار الكاتب إلى أنه بسبب المواقف الفرنسية والأوربية المتخاذلة، كان على دولٍ ككندا والسويد، التي اختارت بشجاعة عام 2015 إلغاء صفقة أسلحة مع الرياض، حَمل شُعلة حقوق الإنسان في الدبلوماسية الغربية، على حساب فقدان عقود تجارية مريحة.

كما اعتبر "أندرياس كريغ" أن الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، باختياره لسياسة النعامة، لا يخدم أبداً قضية فرنسا في الشرق الأوسط، إذ ينسى أن سياسة الاعتماد على الأنظمة الاستبدادية لضمان الاستقرار لم تعد ملائمة منذ الربيع العربي، بل إنها تبرز فقط التوترات العميقة التي تمزق العالم العربي.

وتساءل الأستاذ الجامعي البريطاني: على الصعيد الأوروبي. ماهي المصداقية التي ستمنح لفرنسا إذا ما تعاملت بصداقة واحترام مع ولي عهد السعودية الذي يمارس القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وكل من له صوت معارض بأي شكل من أشكال المعارضة؟

وخَلصُ "كريغ" إلى أن الدفاع عن كندا في أزمتها مع السعودية ليس مجرد مسألة تضامن مع شريك تاريخي لفرنسا، لكنها أيضا اللحظة التي يجب على الرئيس الفرنسي أن يبرهن فيها على قدرته على "التوفيق بين الواقعية والدفاع عن القيم" لفرنسا، كما تشكل الأزمة فرصة إعادة تأكيد مبادئها التي بنيت عليها والتي هي اليوم على المحك".