ملفات » القبض على الدعاة

اليوم الوطني السعودي.. احتفالات على كاهل المواطن

في 2018/09/24

الخليج أونلاين-

يحتفل السعوديون باليوم الوطني للمملكة، تزامناً مع أزمات وتغييرات غير مسبوقة تشهدها البلاد، بدءاً من التدخل العسكري في حرب اليمن دون تحقيق نتائج، ومروراً بالوضع الداخلي وما طرأ عليه من إحكام القبضة الأمنية، والتغييرات في جذور المجتمع وعاداته.

ووظفت السلطات السعودية جميع وسائل الإعلام بمختلف فئاتها، للترويج لما سمّته "إنجازات" ولي عهدها الجديد محمد بن سلمان، خلال احتفالاتها بهذه المناسبة، وسيطرت على الرواية الوحيدة التي تُصدّر للمجتمع، متناسين ما تمر به بلادهم من أزمات.

ويحيي السعوديون في 23 سبتمبر منذ عام 1932، ذكرى تحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية.

ومنذ ذلك التاريخ، أخرجت المملكة للعالم صورة واحدة عن نفسها، بأنها دولة إسلامية محافظة، تحافظ على القيم في تعاملاتها، وتخرّج للمجتمع المحلي والدولي دعاة ووعاظاً.

ولكن مع مرور السنوات، وبعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتولي الأمير سلمان بن عبد العزيز، تغيرت السعودية رأساً على عقب.

التغييرات بدأت تظهر سريعاً مع حكم الملك الجديد، حيث أسند إلى ابنه محمد وزارة الدفاع، وولاية العهد بعد عزل الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز.

حرب اليمن

بن سلمان ومنذ توليه الحكم، أطاح بكثير من مبادئ المملكة وقيمها، فأعلن حرباً ضمن تحالف مع الإمارات ودول أخرى، على اليمن بدعوى مواجهة مليشيا "الحوثي".

ومنذ دخول السعودية الحرب في عام 2015، لم تحقق أياً من أهدافها المعلن عنها؛ بل جلبت لنفسها انتقادات دولية واتهامات بارتكاب جرائم حرب.

وبسبب عمليات الرياض وأبوظبي العسكرية، أصبح اليمن يعاني وضعاً اقتصادياً واجتماعياً وصحياً سيئاً، فضلاً عن تسجيل مجاعة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

كذلك، تحوّلت السعودية وأجواؤها إلى ساحة للصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون من شمالي اليمن، على مناطق استراتيجية وحساسة داخل المملكة.

ومع هذه الحرب انتهت حالة الاستقرار التي كانت تنعم بها السعودية، حيث سقط عدد من القتلى والجرحى في المدن المحاذية لليمن نتيجة الصواريخ الحوثية التي لا تتوقف.

وتكبد الحرب الخزينة السعودية 6 مليارات دولار شهرياً، حسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط.

الإطاحة بالأمراء

فور وصول بن سلمان، بدأ حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من أبناء الأسرة الحاكمة من أمراء ومسؤولين، وزجّ بهم في سجن "الريتز كارلتون" بتهم تتعلق بالفساد.

ومن أبرز الأمراء الذين اعتُقلوا متعب وتركي، ابنا الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، إضافة إلى الملياردير الأمير الوليد بن طلال وعشرات المسؤولين الآخرين.

وأفرجت الرياض عن عدد من المعتقلين دون الكشف عن تفاصيل ذلك، مقابل صفقات مالية، تحدّثت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية عن وصولها إلى 100 مليون دولار.

عقب ذلك، بدأ هجوماً غير مسبوق على الدعاة، ونشطاء حقوق الإنسان في المملكة، وألقى نحو 3 آلاف منهم بالسجون، حسبما ذكرت مصادر موثوقة لـ"الخليج أونلاين".

وكشفت المصادر الحقوقية السعودية أن عدد معتقلي الرأي ناهز 3 آلاف معتقل منذ شهر سبتمبر الماضي، من تخصّصات شرعية وقانونية وقضاة وإعلاميين وغيرهم.

وأكدت أن "السلطات اعتقلت عدداً غير معلوم من النساء، بعضهن يُحتجزن مع أطفالهن في سجون لا تحترم أبسط مقومات حقوق الإنسان".

وشددت المصادر، التي طلبت عدم ذكر أسمائها، على أن "المعلومات التي تصل إليهم بخصوص أحوال المعتقلين داخل السجون لا تزيد على عُشر عدد المعتقلين الحقيقي".

ووثق حساب "معتقلي الرأي"، المعنيُّ بنشر أخبار المعتقلين السعوديين على "تويتر"، اعتقال السلطات 2613، مع تعرّض عدد منهم للتعذيب.

وكشف الحساب أن هؤلاء تعرضوا للتعذيب الجسدي "بالصعق والضرب، والتعليق ساعات، من الأذرع، والسحل داخل ساحات السجون".

ويعتبر حجم الاعتقالات الكبيرة في صفوف الدعاة والنشطاء هو الأكبر في تاريخ المملكة، حيث لم تشهد كل هذه الاعتقالات رزمة واحدة في وقت قصير.

وتعرضت السعودية لانتقادات دولية أثرت على علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الكثير من الدول، كان أبرزها كندا، التي قطعت الرياض علاقتها معها؛ بسبب موقفها الرافض لذلك.

وعلى صعيد آخر، سمح النظام الجديد للمرأة السعودية بقيادة السيارة، في محاولة منه لإخراج صورة للعالم بأنه نظام منفتح، لكن الواقع الداخلي للململكة أسقط هذه الرؤية.

تدهور اقتصادي

وعلى الصعيد الاقتصادي، تعيش المملكة حالة من التراجع وضعف في النمو، وشح بالإنتاج، ومعدلات تضخم مرتفعة، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب السعوديين.

وحقق الاقتصاد السعودي خلال عام 2017، نمواً يقترب من الصفر؛ عند 0.2 في المئة بحسب بيانات البنك الدولي، وهو رقم لم تشهده البلاد منذ توحيدها.

وارتفعت قيمة الدَّين العام حتى نهاية السنة الماضية، حسب بيانات موازنة 2018، إلى 438 مليار ريال (116.8 مليار دولار)، مقابل 316 مليار ريال (84.4 مليار دولار) نهاية  2016.

كما توجهت السلطات السعودية، لأول مرة منذ نحو 25 عاماً، نحو الاقتراض من بنوك دولية؛ لتغطية عجز نفقاتها.

ووفق صحيفة "فايننشيال تايمز"، فإن الصندوق السيادي السعودي بصدد اقتراض ما يصل إلى 12 مليار دولار من 16 بنكاً عالمياً.

فشل دبلوماسي

وعلى الصعيد الدبلوماسي، لم تنجح السعودية في عهد الملك سلمان وابنه محمد في تشكيل تحالفات عربية لها، لتقوية نفوذها في دول المنطقة كلبنان مثلاً.

واحتجزت الرياض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري داخل المملكة، وأجبرته حينها على تقديم استقالته، لكن بعد عودته لبلاده مع تدخل قوى خارجية، عدل عن قراره.

وأظهرت هذه التجربة، مثالاً لا حصراً، مدى ضعف وفشل الإدارة الجديدة للمملكة في الحفاظ على حلفائها بالمنطقة.

وأمام كل التطورات التي شهدتها المملكة، يعيش السعوديون حالة غير مسبوقة من التوتر وعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي، بفعل السياسات الجديدة لحكام بلادهم.