ملفات » قضية جمال خاشقجي

هل يحرف بن سلمان الأنظار عن قتل خاشقجي بصفقة رياضية مدوية؟

في 2018/10/15

الخليج أونلاين-

تعيش السلطات السعودية أوقاتاً عصيبة لم تمر عليها من قبل بعدما وجدت نفسها محشورة في الزاوية أمام رأي عالمي جارف مندداً بجريمة اختفاء الصحفي السعودي المخضرم جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يُدرك جيداً أن قضية اغتيال خاشقجي أخذت أبعاداً عالمية كبيرة، لتخرج بالتزامن صحيفة "ديلي ستار" البريطانية لتقول إن العائلة المالكة في السعودية مهتمة بشراء مانشستر يونايتد أحد أكبر أندية إنجلترا والعالم، من ملاكه الحاليين، وهنا يدور الحديث حول عائلة "غلايزرز" الأمريكية.

ونقلت الصحيفة عما سمتها "تقارير من الشرق الأوسط" أن الحديث وصل إلى قيمة الصفقة التي بلغت أكثر من 4 مليارات جنيه إسترليني (خمسة مليارات دولار). وفي حال تمت الصفقة، فإنها ستكون أغلى صفقة على الإطلاق في تاريخ شراء الأندية العالمية.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الخطوة السعودية تأتي في إطار خطة الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد لتنويع مصادر الدخل والاستثمارات بعيداً عن النفط في إطار "رؤية المملكة 2030".

عنوان ديلي ستار

وتابعت أن السعودية تريد أن تكون لها مكانة في عالم "الساحرة المستديرة"، حالها كحال قطر التي تستحوذ على ملكية نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان، والإمارات التي تمتلك مانشستر سيتي الإنجليزي.

وذهبت الصحيفة إلى أبعد من ذلك؛ إذ قالت إن مانشستر يونايتد وافق على توقيع مذكرة تفاهم مع الهيئة العامة للرياضة السعودية لتطوير صناعة كرة القدم في المملكة، والاستفادة من الخبرات الإنجليزية الطويلة في هذه اللعبة.

وكانت عائلة "غلايزرز" الأمريكية قد اشترت مانشستر يونايتد في عام 2005، في صفقة بلغت آنذاك 790 مليون إسترليني، وفي عام 2012 باعت 10% من أسهم النادي الإنجليزي العريق.

ويعيش مانشستر يونايتد أزمة حقيقية هذا الموسم في ظل تراجع النتائج على المستويين المحلي والقاري، وهنا يدور الحديث حول الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، وسط حديث متصاعد حول إمكانية إقالة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو وإبعاده عن مقاعد البدلاء.

ورغم ذلك، يعتبر نادي مانشستر يونايتد أحد أغنى الأندية الأوروبية، وأكثرها قيمة، وكان أول نادٍ أوروبي يضع أسهمه في بورصة "وول ستريت" الأمريكية، كما يُعد النادي الإنجليزي الأكثر تتويجاً بالألقاب المحلية والقارية والدولية.

- تساؤلات مشروعة

عزم العائلة السعودية، التي يعد محمد بن سلمان رجلها الأقوى في ظل هيمنته على مختلف مفاصل الدولة، شراء أحد أكبر أندية العالم في هذا التوقيت يطرح تساؤلات مشروعة حول الهدف الحقيقي من وراء تلك الخطوة الغريبة.

وبخلاف قطر والإمارات، لم تُبدِ السعودية على مدار العقد المنصرم أي رغبة حقيقية في الدخول في عالم الاستثمار الرياضي وخاصة فيما يتعلق بامتلاك أندية عريقة في القارة الأوروبية العجوز.

وبحسب مراقبين فإن "بن سلمان" لربما يُمني النفس بحرف الأنظار عن قضية خاشقجي التي أضحت "حديث الساعة" منذ مطلع هذا الشهر.

كما قد يُنظر إلى الخطوة السعودية "المفاجئة" بأنها محاولة لإسكات الجانب البريطاني الذي توعد الرياض برد قوي وعقوبات صارمة في حال تأكد ضلوع العائلة بجريمة القنصلية التي وصفت بأنها الأولى التي تتم في أحد المقار الدبلوماسية.

وكان وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت حذّر، في 11 أكتوبر 2018، من أن السعودية ستواجه "عواقب خطيرة" في حال تأكدت شكوك المسؤولين الأتراك بأن خاشقجي قتل بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول.

وقال هانت، الذي تُعد بلاده حليفاً قوياً وشريكاً تجارياً للسعودية، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب): إن "الأشخاص الذين يعدون أنفسهم منذ فترة طويلة أصدقاء للسعودية يقولون إن هذه مسألة في غاية الخطورة".

وأضاف موضحاً: "وفي حال ثبتت صحة هذه المزاعم، فستكون هناك عواقب وخيمة لأن صداقاتنا وشراكاتنا تقوم على القيم المشتركة".

في ذات السياق، أكدت مصادر دبلوماسية لموقع "بي بي سي"، أن وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوشين، ووزير التجارة الدولية البريطاني، ليام فوكس، ربما لا يشاركان في مؤتمر الاستثمار الذي يحمل عنوان "دافوس في الصحراء"، والمقرر عقده في العاصمة السعودية الرياض الشهر الجاري؛ للترويج لبرنامج "بن سلمان" الإصلاحي.

وفي حالة غياب منوشين وفوكس عن المؤتمر سينظر إلى ذلك على أنه "إهانة" قوية للسعودية من حليفين رئيسيين، بحسب ما تشير "بي بي سي".

وكان خاشقجي قد فقد أثره في الثاني من أكتوبر الجاري بعدما دخل قنصلية السعودية في إسطنبول من أجل استخراج بعض الأوراق والوثائق المطلوبة لإتمام عملية زواجه من فتاة تركية تُدعى "خديجة جينكيز".

وأمام حملة إعلامية متصاعدة، اضطرت السعودية للتعليق على الواقعة بأن خاشقجي زار مقر القنصلية لمدة 20 دقيقة ثم غادرها، لكنها لم تستطع إثبات ذلك بالأدلة والصور، خلافاً للتحقيقات التركية التي نشرت صوراً للصحفي السعودي وهو يدخل مقر الدبلوماسية السعودية في إسطنبول.

وفي ظل تطور الأحداث بشكل متسارع، سربت وسائل الإعلام التركية بشكل متدرج نقلاً عن مصادر تركية بأن خاشقجي قتل بشكل بشع في قنصيلة بلاده وقطعت جثته أشلاءً على يد فريق أمني أتى خصوصاً من الرياض عبر طائرتين خاصتين مملوكتين للحكومة السعودية، حيث تم الكشف عن أسماء هؤلاء ومناصبهم التي يتقلدونها بشكل مفصل.

كما تحوم شكوك لدى السلطات الأمنية التركية حول دفن الجثة في منزل القنصل السعودي محمد العتيبي الذي لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن مقر القنصلية، خاصة بعد إنزال "فريق الاغتيال" حقائب سوداء كبيرة أمام المنزل، مثلما أظهرت مقاطع مصورة بثتها وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة.