سياسة وأمن » حوادث

محمد بن سلمان.. سيناريوهات العائلة والمال والسياسة

في 2018/10/19

عماد حسن- DW- عربية-

تتسارع وتيرة الأحداث وتتزايد الضغوط يومياً على الرياض للمطالبة بالكشف عن تفاصيل ما جرى لجمال خاشقجي في قنصلية بلاده بتركيا. فما مآل تلك الضغوط وكيف تتعامل معها السعودية وماهي السيناريوهات المستقبلية لولي العهد؟

بمرور الوقت وإطلاع جهات مختلفة على معلومات تفصيلية بشأن واقعة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي تزداد حدة الخطاب الموجه للسعودية ويرتفع سقف المطالب الذي وصل إلى مطالبة السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام للسعودية بالبحث عن ولي جديد للعهد، فيما حذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من أن مستقبل الأمير الشاب الطامح لكرسي العرش أصبح على المحك:

وما عزز الشكوك بشأن حالة القلق المتنامية داخل العائلة المالكة السعودية ما نشرته صحيفة لوفيجارو الفرنسية عن اجتماع سري للجنة حكماء الأسرة السعودية جرى مؤخراً، وهي اللجنة التي يدخل في نطاق مهماتها طرح اسم ولي العهد وولي ولي العهد للحصول على البيعة لهما، ما يعزز من فرضية دراسة السعودية لفكرة الإطاحة بولي العهد الحالي محمد بن سلمان:

ضغوط متزايدة

يرى البعض بأن السعودية قد تضطر في النهاية إلى الرضوخ والاستجابة لبعض المطالب الدولية ولو جزئياً.

سعد الفقيه المعارض السعودي ومؤسس الحركة الإسلامية للإصلاح رأى خلال مقابلة له مع DW عربية أن الملك سلمان ليس في وارد اتخاذ مثل تلك القرارات لتراجع حالته الصحية أما ولي العهد "فليس من المتوقع أن يستجيب للضغوط أو أن يتنازل عن سلطته كما أنه ليس من المتوقع أن يسمح بتحقيق كامل وحقيقي لأن ذلك سيظهر مسؤوليته عن الواقعة وقد يعاقب دولياً".

على النقيض من ذلك، يرى مبارك آل عاتي الكاتب والمحلل السعودي أن بلاده "دولة ذات سيادة ضاربة في التاريخ ولا يمكن أن تقبل بمثل تلك الضغوط ولا تعمل إلا وفق مصالح شعبها وتبعا لإرادتها السياسية الحرة".

الأسرة الحاكمة ..والبديل

مع مرور الأيام ظهرت على الساحة أسماء لشخصيات سعودية من العائلة المالكة اقترحها البعض لتحل محل الأمير محمد بن سلمان في ولاية العهد، أو على أقل تقدير أن يعين أحدها ولياً لولي العهد كخطوة أولية لإزاحة الأمير الشاب من منصبه.

يقول الدكتور سعد الفقيه إنه من الناحية النظرية كانت الأسرة الحاكمة تستطيع أن تقيل محمد بن سلمان والملك منذ أن بدأ بن سلمان في التصرف بشكل مؤذي للدولة وللعائلة الحاكمة نفسها وأصبح يمثل خطراً على مستقبل حكمهم لكن أفراد العائلة الحاكمة شديدي الخوف والتردد ويفتقدون القدرة على المبادرة إلى الدرجة التي أدت بهم إلى الشلل وإلى أن يلقي بهم محمد بن سلمان واحداً خلف الآخر في السجن دون أن يعترض أحد منهم". وتابع: "من الوارد أن يتحركوا فقط إذا شعروا بأن هناك دعم خارجي لحركتهم وطالما ترامب متردد في هذا الأمر فسيبقي ترددهم في اتخاذ موقف هو المسيطر على المشهد".

أما مبارك آل عاتي الكاتب والمحلل السعودي فيرى في مسألة البديل "طرح ساذج وسطحي"، مؤكداً على أن "النظام السعودي قوي ومستقر ولا يقبل بمناقشة أمر شديد الخصوصية بهذا الشكل في المحافل الدولية وأن المسألة تخضع للقرار الداخلي السعودي فقط".

انقسام داخلي أم توحد خلف القيادة؟

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بيان مما يسمى بهيئة علماء السعودية يدعو صراحة لإزاحة ولي العهد من منصبه "اتقاء لفتنة أكبر". بيد أنه لم يتم التأكج من صحة هذا البيان من مصادر مستقلة. وحتى الآن يبدو غامضاً موقف الهيئات والمؤسسات السعودية من الأحداث المتصاعدة والمتلاحقة.

يقول الدكتور سعد الفقيه إن السعودية لا يوجد بها ولاء حقيقي لأحد، "فهذه الدولة مؤسسة على الولاء للقوي الموجود في السلطة وفي اللحظة التي تسقط فيها هيبة أو نفوذ شخص في السلطة تنتهي التبعية لذلك الشخص تلقائياً وفوراً، ولو صارت الضغوط في وقت ما أكبر من أن تحتمل فاعتقد أن قطاعات كالجيش أو الحرس الملكي أو الداخلية لن تلتفت أبداً لولي العهد الحالي ولن يكون له قيمة عندها".

من ناحيته، يرفض مبارك آل عاتي الإعلامي والكاتب السعودي ذلك تماماً، ويؤكد على أن مثل هذه الأمور بعيدة تماماً عن الواقع "فكل من هو خارج السعودية لا يعلم طبيعة الأسرة الحاكمة في المملكة ولا يعلم عن قوة الترابط والتلاحم بين أفراد الأسرة والشعب عبر قرون من حكمها  للجزيرة العربية ولم يكتب التاريخ أي انشقاق لا في العائلة ولا بين السلطة والشعب".

مشروعات عملاقة وخطط إقليمية يلفها الغموض

عمل الأمير محمد بن سلمان منذ تولى ولاية العهد على التخطيط لتنفيذ عدة مشروعات عملاقة بالإضافة إلى تعامله مع ملفات إقليمية تزايدت سخونتها عقب صعود نجمه. فما مصير هذه الملفات والمشروعات إن تغير الوضع في المملكة؟

يقول الدكتور سعد الفقيه المعارض السعودي المقيم في لندن إن هذه المشاريع والمخططات الإقليمية كلها غير واقعية ومصطنعة ومرتبطة تماماً بشخص محمد بن سلمان، وأرى أن حصار قطر سينتهي ومشروع نيوم سينهار، وفي اللحظة التي سينتهي فيها بن سلمان ستنتهي معه كل تلك المشروعات".

لكن مبارك آل عاتي الإعلامي والكاتب السعودي المقيم في الرياض يرى أن لا شيء سيتغير، "فالحرب في اليمن مسألة أمن إقليمي لا تهم السعودية وحدها وإنما كافة دول الخليج وأي تخاذل أو تراجع في هذا الملف هو تهديد حقيقي لأمن الجزيرة العربية بأكملها".

وبشأن قطر يقول آل عاتي "إن الأمير تميم ومن حوله ومستشاريه لايزالون يصرون على موقفهم المتعنت مشيراً إلى أن المملكة يهمها تحقيق الوئام الخليجي لكن ليس على حساب الأمن القومي العربي، فقطر حتى هذه اللحظة تأوي تنظيمات إرهابية وتقيم أقوى العلاقات مع النظام الإيراني الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين فكيف للمملكة أن تتراجع عن موقفها وقطر لم تقدم أي تنازل حتى هذه اللحظة؟".

أوراق أخيرة في جعبة ولي العهد

يتوقع البعض أن الأمير محمد بن سلمان قد لايزال يحتفظ ببعض الأوراق الأخيرة التي يمكن أن يلعب بها لتخفيف الضغط.

لكن الدكتور سعد الفقيه المعارض السعودي يرى أن الأمر تعقد بشدة وأصبح من الصعب على ولي العهد أن يرمي بأي أوراق سواء الإفراج عن بعض المعتقلين أو فتح مجال أوسع للحريات أو استرضاء الشعب بالمال "ولا أحد اليوم يستطيع مساعدته في هذه الورطة والتي لن ينقذه منها حتى ترامب والذي هو شخصياً رغم حرصه على إنقاذ بن سلمان بسبب تعاملاتهما التجارية لن يستطيع مد يد العون إليه بل بالعكس قد يسقط محمد بن سلمان ويسحب معه ترامب وربما محمد بن زايد أيضاً ما يجعل الأمر أشبه بتأثير الدومينو".

أما مبارك آل عاتي الصحفي والكاتب السعودي فيقول أن أي استغلال للقضية من جانب دول مثل كندا أو غيرها للضغط في ملف المقبوض عليهم مؤخراً في المملكة هو أمر يتعارض مع سيادة الدولة  وكل ما يتعلق بهذا الأمر مرفوض مناقشته خارج الإطار السعودي وإذا كان هناك عناصر إرهابية خارجة عن القانون  فلا بد من منع وصول شرورهم إلى باقي المواطنين".