ملفات » قضية جمال خاشقجي

قضية خاشقجي تشعل حرب إرادات بين واشنطن والرياض

في 2018/10/19

مايكل هيرش- فورين بوليسي-

يمكن أن تعكر العلاقات بينهما لأشهر أو حتى سنوات"..

بهذه الكلمات وصف الكاتب الصحفي "مايكل هيرش" تطورات قضية "جمال خاشقجي"، مشيرا إلى أنها أشعلت حرب إرادات شرسة بين واشنطن والرياض.

وفي تقرير نشره بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أوضح "هيرش" أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أذعن للغضب العارم ضده بعد أسابيع من إبداء انحيازه للسعودية، ليقرر سحب وزير الخزانة "ستيفن منوشين" من مؤتمر "دافوس في الصحراء" الذي يعقده ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" الأسبوع المقبل، والاعتراف بأن "خاشقجي" لم يعد حيا للمرة الأولى، ما يعني أنه يتجه لتبني استنتاج الأتراك بأن "بن سلمان" وفريقه الأمني مسؤولون عن اغتيال الكاتب السعودي.

وجاء ذلك رغم الفرصة التي أهداها "ترامب" لـ"بن سلمان" منذ أيام بالتلميح إلى إمكانية مقتل "خاشقجي" على يد "مارقين" تصرفوا دون أوامر مباشرة من القيادة السعودية، وهو ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن العائلة المالكة تفكر فيه عبر استخدام "أحمد العسيري"، أحد كبار مستشاري "بن سلمان"، ككبش فداء.

ويعود السبب في ذلك، بحسب "هيرش"، إلى أن مجموعة متنامية من الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) في الكونغرس الأمريكي تعتقد أن الأدلة التي تثبت أن "بن سلمان" كان وراء قتل "خاشقجي" لا تقبل الجدل.

رضا مستبعد

وفي هذا الإطار، يحاول العديد من أعضاء مجلس الشيوخ منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية في المستقبل، بينهم النائب الجمهوري "ليندسي غراهام" الذي صوّت عام 2017 لصالح توريد الأسلحة إلى الجيش السعودي في حربه باليمن، ويؤكد الآن أن ولي العهد السعودي "يجب أن يرحل".

ومع أن السعوديين يأملون بالطبع في تجنب نتيجة تغير موقف "ترامب"، لكن رضا الكونغرس عن رواية "القتلة المارقين" يبدو مستبعدا، بحسب "هيرش".

وإزاء ذلك، فإن السلاح المفضل للرياض في حرب الإرادات مع واشنطن هو محاولة إغراء الإدارة الأمريكية بعقود قيمتها مليارات الدولارات بالدرجة الأولى، وبدرجة أقل استخدام تأثيرها على إنتاج النفط.

وفي المقابل، فإن سلاح الأسلحة والتكنولوجيا هو المفضل للأمريكيين بهكذا مواجهة، في حال حدوثها.

العقود الموعودة

يشير "هيرش"، في هذا الإطار، إلى أن "بن سلمان" سيستخدم ورقة الرافعة المالية لـ"العقود الموعودة" إلى أقصى الحدود عن طريق التهوين من إمكانية حجب الصفقات، التي يطمح "ترامب" إليها علنا.

وينقل الكاتب الأمريكي عن المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والمستشار السابق للعديد من الرؤساء الأمريكيين حول القضايا المتعلقة بالسعودية "بروس ريدل" قوله: "من الواضح أنهم يهددون بذلك".

"ريدل" أوضح أنه عندما اتصل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي "غاريد كوشنر" ومستشار الأمن القومي "جون بولتون" بولي العهد السعودي، الأسبوع الماضي، تبعه توتر متبادل بين الجانبين.

وأضاف: "المحادثة كانت صعبة للغاية، لقد هدد (محمد بن سلمان) بشكل أساسي: إذا حاولت فرض عقوبات علينا فسوف نرد".

تهديد أجوف

لكن المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يرى أن تهديد "بن سلمان" أقرب إلى الخدعة، إذ "لا يستطيع شراء محرك روسي ووضعه في طائرة من طراز F-15" في إشارة إلى أن التوجه السعودي لاستبدال صادرات السلاح الأمريكي فورا  يبدو مستبعدا، خاصة في ظل استمرار الحرب باليمن.

ويصدق "هيرش" على تحليل "ريدل" بقوله إن التهديد بخفض صادرات النفط لم يعد فعالا كسلاح سعودي، كما كان عليه في السابق.

فعلى الرغم من أن السعودية منتج رئيسي للنفط لكن تقليصها لتصديره سيضر باقتصادها بالدرجة الأولى في وقت يخوض فيه "بن سلمان" حرباً باهظة الثمن في اليمن، كما أن هكذا تحرك من جانب السعودية سيعجل بتحرك الولايات المتحدة، بعيداً عن النفط السعودي كمصدر للطاقة.