ملفات » قضية جمال خاشقجي

اردوغان وصف أسفل سلم اغتيال خاشقجي فمتى سيكشف أعلاه؟

في 2018/10/24

القدس العربي-

في كلمته أمس أمام الكتلة النيابية لحزب «العدالة والتنمية» كشف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن بعض التفاصيل التي اكتنفت اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، وأعاد التشديد على سلسلة من التسريبات التي نشرتها الصحف التركية والعالمية.

كما أوضح أن الجريمة خُطط لها مسبقاً، بدليل وصول 15 شخصاً سعودياً من جهاز المخابرات والطب الشرعي إلى اسطنبول قبيل تنفيذ عملية قتل خاشقجي، التي وصفها بالوحشية.

كذلك شدد أردوغان على تحميل السعودية مسؤولية الاغتيال، معتبرا أن الجريمة سياسية، ولا يرضي تركيا ولا المجتمع الدولي أن تُلقى على عاتق نفر من رجال المخابرات، ويتوجب بالتالي الكشف عن المتورطين في الجريمة «من أسفل السلم إلى أعلاه».

وهذا في نظره يُلزم الجانب السعودي بالإجابة على أسئلة كثيرة، بينها هوية من أعطى الأوامر لمجموعة الـ15، ولماذا صدرت عن السلطات السعودية تصريحات متناقضة حول الجريمة، ومن هو المتعاون المحلي التي تزعم السلطات السعودية أنها سلمت الجثة له.

وفي إشارة قوية إلى أن القضية لم تغلق بعد، دعا أردوغان إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، وناشد الملك السعودي أن يسلم الأشخاص المتورطين في الجريمة إلى القضاء التركي لكي تجري محاكمتهم في اسطنبول حيث مسرح الجريمة.

وأكد أن معاهدة جنيف التي تنظم أصول العلاقات الدبلوماسية بين الدول باتت بحاجة إلى مراجعة، خاصة لجهة منح الحصانة للعاملين في السفارات والقنصليات.

وكان واضحاً استخدام الرئيس التركي لغة ملطفة عند الحديث عن «خادم الحرمين الشريفين»، والامتناع عن ذكر ولي العهد محمد بن سلمان.

التفاصيل التي أفصح عنها اردوغان لم ترْقَ إلى ما كان العالم يتوقعه منه، ليس لأنه لم يمتلك المعلومات فالعكس تماماً هو الواضح للعيان، بدليل اعتماد السلطات التركية خيار تسريب الوقائع الجديدة أولاً بأول، وعلى دفعات، عن طريق الصحافة وليس على لسان أي ناطق رسمي.

ورغم إعلانه التزام بلاده بكشف الحقيقة كاملة، وبما يتيحه القانون الدولي، فالأرجح أن الرئيس التركي واصل رمي الكرة إلى الملعب السعودي، ساعياً إلى حشد المزيد من الضغوط الدولية على المملكة والملك سلمان شخصياً، وتشكيل زخم سياسي وقانوني وإعلامي يكفل رفع مستوى المسؤولية إلى أعلى السلم، حيث لا يشك أحد في أن محمد بن سلمان يتربع عليه.

وهذا سلوك غير مستغرب من سياسي محنك مثل اردوغان، عرف كيف يواجه العواصف العاتية داخل بلاده وعلى مستوى إقليمي وعالمي، وهو خيار منتظر من رئيس دولة كانت قبل جريمة اغتيال خاشقجي تتعرض لحملة استعداء شعواء تديرها أجهزة بن سلمان مباشرة.

ومن الطبيعي أن تأتي فعلة الاغتيال الشنعاء لتزوّد أنقرة بورقة مناورة عالية القيمة تجبر الرياض على الانحناء والتراجع.

ولم يكن من قبيل المصادفة تلميح اردوغان إلى ضرورة أن يشترك في التحقيق المستقل «المتورطون في الجريمة من الدول الأخرى»، الأمر الذي ينقل الكرة إلى ملاعب أخرى حليفة للمملكة.

خلاصة القول إن اردوغان وصف في كلمته أسفل سلم اغتيال خاشقجي، والمنتظر تالياً أن ينكشف القابعون في أعلاه.