ملفات » قضية جمال خاشقجي

هل تذهب السعودية إلى حكم آخر "السديريِّين السبعة"؟

في 2018/11/01

الخليج أونلاين-

بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الحكم في العام 2015، عادت السلطة في السعودية إلى أحضان "السديريين"، وذلك بعد غيابها عنهم عشر سنوات؛ هي مدة حكم الملك عبد الله بن عبد العزيز.

فالعاهل السعودي الحالي (81 عاماً) هو ثاني ملك سديري (نسبة إلى نَسَب والدته) يتولى حكم السعودية، لكن التغيرات التي تشهدها المملكة عقب تولي محمد بن سلمان ولاية العهد قبل عام تقريباً، جعلت اسم الأمير أحمد بن عبد العزيز مُطالباً به لاعتلاء سدة الحكم.

وغادر الأمير المعارض (أحمد) الرياض إلى لندن قبل عام؛ لرفضه سياسات بن سلمان، وخلال مكوثه في العاصمة البريطانية وجه انتقاداً للعاهل السعودي ونجله إثر تورطهم في حرب اليمن.

الأمير ذاته عارض سابقاً تولي بن سلمان لولاية العهد، ورفض عام 2017- عندما كان أحد أعضاء مجلس البيعة--تعيينه ولياً للعهد، ولم يبايعه.

وبعد عام من الغياب عاد الأمير أحمد إلى الرياض، ليستقبله بن سلمان بحفاوة على الرغم من آرائه المعارضة سابقاً، وجاءت عودته بضمانات دولية من أمريكا وبريطانيا، وفق ما أفادت مصادر سعودية لصحف غربية.

ويبدو أن عودة الأمير ستغير مجرى كثير من الأحداث في السعودية، وخصوصاً أنها تمر بأزمات عميقة، آخرها أزمة اغتيال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده بإسطنبول التركية، وتورط فريق سعودي بعملية القتل، وأغلبهم مقربون من ولي العهد.

وقال محللون سياسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن عودته قد تكون بداية لتوليه أحد المناصب أو إزاحة بن سلمان.

فيما كتب رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، ديفد هيرست، أن الأخ الأصغر للملك سلمان عاد لبلاده "لتصعيد التحدي لولي العهد بن سلمان، أو إيجاد شخص يستطيع ذلك".

بتحقق ذلك، في ظل مطالبات دولية بمحاكمة بن سلمان إثر تورطه بجرائم حرب، تعود السعودية إلى حكم السديريين السبعة.

وبحسب ما نشر الداعية السعودي سعيد الغامدي على صفحته في "تويتر"، فإن الأمير أحمد وأثناء شغله منصب وزير للداخلية، عُرف بأنه "لطيف مع الناس غير متكبّر ويقضي حوائجهم ويسهّل لهم. وحين تولى الوزارة اهتم بملف السجناء، وأطلق أعداداً منهم. كما عرف بسعة صدره للنقاش، وله سمعة حسنة بين أسرته وعند الناس، وابتهجت أبوظبي حين تم عزله!".

- من هم السديريون السبعة؟

و"السديريون" هو اسم يطلق على سبعة من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود، من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، التي تنتمي إلى هذه القبيلة.

وكان الملك الراحل فهد بن عبد العزيز هو أول السديريين الذين تولوا الحكم في المملكة، حيث تولى مقاليد الحكم في 13 يونيو 1982 بعد وفاة أخيه غير الشقيق الملك خالد.

وظل بالحكم حتى وافته المنية مطلع أغسطس 2005، ليتولى خلفاً له الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو الابن الثاني عشر من أبناء الملك عبد العزيز الذكور، وأمه هي فهدة بنت العاصي بن شريم الشمري.

وبعد وفاة الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في نوفمبر عام 1953، تعاقب على الحكم أبناؤه من  5 زوجات، حيث تولى السلطة خلفاً له نجله سعود وهو الابن الثاني له من الذكور، ووالدته هي الأميرة ضحى بنت محمد العريعر.

وبتولي الملك سلمان الحكم عاد عرش البلاد مجدداً إلى السديريين، وأصبحت الأميرة حصة بنت أحمد السديري الوحيدة من بين زوجات الملك المؤسس عبد العزيز التي تولى اثنان من أبنائها حكم السعودية.

وحين تولى العاهل السعودي الحكم، أصدر سلسلة قرارات مهدت طريق الحكم أمام الجيل الثاني (أحفاد الملك عبد العزيز)، كان أبرزها تعيين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (56 عاماً) ولياً لولي العهد بالمملكة مع احتفاظه بمنصبه.

وهذا القرار منح بن نايف الفرصة ليكون أول من يتولى هذا المنصب من أحفاد الملك عبد العزيز آل سعود، ثم أصبح ولياً للعهد بعد أشهر قليلة، قبل أن يعزله الملك سلمان ويعين ابنه بدلاً منه في يوليو 2017.

- آخر السديريين

وقد يأتي تولي الأمير أحمد للحكم متناسباً مع آراء سعوديين بايعوا سابقاً، عبر وسم على "تويتر"، الأمير أحمد لحكم السعودية التي تقود حرباً في اليمن ضد مليشيات الحوثيين المدعومة من إيران.

وفي سبتمبر الماضي، طالب متظاهرون، في مظاهرة احتجاجية أمام منزل الأمير السعودي في العاصمة البريطانية لندن، بضرورة تحميل آل سعود مسؤولية ما يجري بالمنطقة، في إشارة إلى التدخل السعودي باليمن.

وردد هؤلاء عبارة: "يسقط يسقط آل سعود، العائلة المجرمة"، وهو ما دفع الأمير إلى سؤالهم: "لماذا تقولون ذلك؟.. وما شأن كل العائلة بهذا؟ هناك أفراد معينون هم الذين يتحملون المسؤولية"، حسب ما ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

وعندما سأل هؤلاء الأمير أحمد عمَّن يتحمل المسؤولية في التطورات التي تشهدها المملكة داخلياً وخارجياً، أجاب الأمير: "الملك (سلمان) وولي العهد (محمد)، وآخرون في الدولة (لم يسمّهم)".

واعتبر رده هو أقوى رد فعل من الأسرة الحاكمة ضد الملك سلمان ونجله منذ عام 2015.

وبعد ظهور فيديو التظاهرة انتشر وسم باللغة العربية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" نصه: "نبايع أحمد بن عبد العزيز ملكاً".

فمن هو هذا الأمير؟

الأمير أحمد هو الابن الواحد والثلاثون من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وهو أصغر أبنائه من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، وهو ممَّن يطلق عليهم لقب "السديريون السبعة".

وشغل الأمير منصب نائب وزير الداخلية في السعودية (1975 - 2012)، وهو أحد الأبناء الأقوياء للملك المؤسّس، ويُشار إليه على أنه أقوى المرشّحين لخلافة الملك سلمان، ويمثّل أكبر تهديد لطموحات محمد بن سلمان.

وتمكّن من مغادرة السعودية متوجّهاً إلى الولايات المتحدة، في نوفمبر الماضي، قبل ساعات من تنفيذ ما عُرف بـ"مذبحة الأمراء" التي طالت نحو 11 أميراً سعودياً، أبرزهم الوليد بن طلال، وعشرات الوزراء ورجال الأعمال.

وأُقصي الأمير أحمد من منصبه كوزير للداخلية عام 2012، بعدما كان يهيئ نفسه لولاية العهد، وتم استبداله بابن شقيقه الأمير محمد بن نايف، قبل أن يفر إلى أوروبا أواخر العام الماضي، خوفاً من ملاحقة بن سلمان.

وسبق للأمير أحمد أن رفض حضور حفلات استقبال رسمية دعا إليها شقيقه الملك سلمان، وعندما توفي شقيقهما عبد الرحمن بن عبد العزيز لم تُرفع سوى صورتين في حفل التأبين الذي دعا إليه.

وهاتان الصورتان كانتا لمؤسس المملكة عبد العزيز والملك الحالي سلمان، وكان واضحاً غياب صورة بن سلمان، لدرجة أنه عندما انتشرت على نطاق واسع بذل "الذباب الإلكتروني" جهداً كبيراً للادعاء أن اللقطة كانت مزورة.