اقتصاد » فساد

تقرير يشتلع فسادًا.. أين أنتم يا نواب؟!

في 2018/12/24

صلاح الجودر- الايام البحرينية-

من أبرز محاور برامج العمل للسادة النواب في حملتهم الانتخابية هو (محاربة الفساد) بكل أصنافه، الفساد المالي، الفساد الإداري، والفساد الأخلاقي، ولا أكون مخطئًا إن قلت بأن أولوية عمل السادة النواب هو الفساد المالي، ولعل هذا هو أبرز الملفات التي يمكن للمجلس النيابي الجديد أن يظهر قوته وأمكانياته، وأنه أقوى وأقدر على محاربة الفساد من المجالس النيابية السابقة!!
لقد جاء تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير (15) ليضع أمام مجلس النواب مجلداً ضخماً من التجاوزات والأخطاء الادارية والمالية، ولا يمكن وصفها سرقات أو تلاعباً بالمال العام حتى يتم رفعها للنيابة العامة، الغريب أن الأعوام الستة عشرة الماضية من عمر المجلس لم نرَ ولو (حرامي أو لص) تم تقديمه للعدالة، سنوات والجميع يصرخ -بقمة رأسه- عسى أن يكون هناك تحرك جدي من السادة النواب لاستجواب أو تشكيل لجنة صغيرة لمحاربة الفساد ووقف الهدر المالي! كل ما كان هناك شعارات للمحاسبة ورفع للحصانة والاستجواب والوقوف على المنصة.
تقرير ديوان الرقابة المالية يتحدث عن أموال بالملايين تهدر، وهي تجاوزات تتكرر كل عام، وترصدها تقارير ديوان الرقابة المالية سنوياً، ثم تحول التقارير إلى مجلس النواب لاتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف ذلك التسريب رغم ما تعانيه البلاد من أزمة مالية شديدة‍! مع الأسف لم يتجرأ خلال الأعوام الماضية من أن يضع نائب واحد يده على الجرح رغم ما يكشفه تقرير ديوان الرقابة المالية من تجاوزات.
أفعال لا شعارات
نتمنى أن لا تكون تصريحات السادة النواب شعارات جوفاء، فتقرير ديوان الرقابة المالية تم إعداده بحرفنة عالية، ومهنية لا تقبل التشكيك فيها، إنه تقرير قائم على الحقائق والمستندات والأرقام، لذا فإن مسألة المحاسبة سهلة جداً، ولا تحتاج إلى وقت طويل للتدقيق والتمحيص، نتمنى أن لا يلوذ السادة النواب بالهروب إلى الأمام من خلال افتعال قضايا ثانوية مثل مسألة يوم الشهيد أو موضوع الآيبد أو الضريبة المضافة أو غيرها، نتمنى أن يتعاونوا مع الحكومة بفتح تقرير ديوان الرقابة المالية لوقف الهدر المالي، وأن لا تكون مسؤولية محاربة الفساد على نواب دون غيرهم، فقد عهدنا في المجالس السابقة أن نرى نواب (العازة) الذين لا تسمع لهم همساً أو ركزاً!.
ثلاث قضايا أو ملفات رئيسية تطرح على السادة النواب، برنامج عمل الحكومة، الميزانية العامة، وتقرير ديوان الرقابة المالية، وبحكم أن تقرير الرقابة المالية قد دخل المجلس وتسلمته السيدة الفاضلة فوزية زينل رئيسة مجلس النواب بابتسامة التفاؤل فإن من المسؤولية اليوم على جميع النواب التعاطي الجاد معه، وعدم إهماله أو تسويف مراجعته، فملف بهذا الحجم من الفساد أو الأخطاء الإدارية يحتاج إلى عمل كبير لتصحيح مساره، خاصة وأن هناك تقارير أخرى قادمة، بلا شك إنه يحتاج إلى عزيمة وإرادة وقوة على التصحيح، فالفساد الذي جاء في التقارير السابقة من الصعب اجتثاثه ولكن ليس مستحيلاً، لقد أخفق نواب الفصول الأربعة الماضية من التصدي له مع أنهم تابعون لجمعيات سياسية وكتل برلمانية، واليوم التحدي كبير مع نواب رفعوا شعار (محاربة الفساد)!!.
ثلاجة مجلس النواب
نتمنى أن لا يستخدم السادة النواب ثلاجة المجلس التي توضع فيها كل الملفات الشائكة مثل تقارير ديوان الرقابة المالية وقانون الصحافة وغيرها من الملفات، بل نرجو أن لا يتعرفوا على تلك الثلاجة المعروضة آخر الممر! فقد عودنا السادة النواب السابقون أن يركنوا تلك الملفات في ثلاجة المجلس، ويتم خفض الحرارة إلى درجة التجمد، فما قام به ديوان الرقابة المالية يعتبر إنجازاً كبيراً لمؤسسات الدولة ووزاراتها، وقد جاء الديوان بالتقرير السنوي من التنور مباشرة، لذا المسؤولية اليوم على السادة النواب عدم التشاغل بتوافه الأمور، وأن يدرك النائب أنه اليوم ليس (مغرداً) حتى ينشر كل ما يسمع، فالناخبون اليوم يريدون أن يروا عملاً جاداً يعيد لهم الثقة بمجلس النواب وليس مغردين يتسابقون في نشر الأخبار والتغريدات!!
النائب المغرد
مع قسوة وبشاعة تقرير ديوان الرقابة المالية إلا أن هناك بعض النواب يحاولون الهروب بتغريدات (إبراء الذمة) وهي محاولة مكشوفة للهروب للأمام، والمسؤولية تحتم عليه مواجهة فصول وأبواب وصفحات التقرير بكل عزيمة وقوة، فالتغريدات أبداً لا تحقق نجاحاً ولا تصنع مجداً ولا تكسب أصواتاً، ولكنها (التغريدات) هروب من مواجهة السادة الوزراء الذين تشبعت وزاراتهم بأنواع من التجاوزات المالية والإدارية، لن نقول فساداً ومفسدين حتى لا تتعكر العلاقة بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية، ولكنها أخطاء جسيمة يجب التصدي لها قبل أن تصبح غولاً يأكل الأخضر واليابس.
من هنا فإن تقرير الرقابة المالية يحمل السلطة التشريعية مسؤولية معالجة الأخطاء الإدارية ومحاربة الفساد لمواصلة مسيرة الإصلاح التي توافقنا عليها جميعاً، وعاهدنا أنفسنا بأن نكون شركاء في بناء الدولة الحديثة.