ملفات » القبض على الدعاة

السعودية تفرج عن معتقلي رأي.. هل رضخت للضغط الدولي؟

في 2018/12/25

الخليج أونلاين-

لعل جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بقنصلية بلاده في إسطنبول التركية (2 أكتوبر 2018)، ستبقى نقطة تحول بارزة بواقع المملكة العربية السعودية، خصوصاً في ظل تدويل القضية وتسليط الضوء الإعلامي المستمر عليها.

ويأتي ملف معتقلي الرأي، القابعين في سجون المملكة، ضمن الملفات التي تلاحق ولي العهد محمد بن سلمان، في تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، وفي عناوين الصحف العالمية، ووسوم (هاشتاغات) مواقع التواصل الاجتماعي.

فمنذ وصول بن سلمان لمنصب ولي العهد في 21 يونيو 2017، شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات طالت آلاف الشخصيات البارزة والدعاة والنشطاء والمثقفين، وألقتهم في السجون بتهم سياسية، منها ما هو متعلق بالإرهاب.

الرياض "واحة مغلقة"

ففي سبتمبر من هذا العام، كشفت مصادر مطلعة لموقع "الخليج أونلاين"، أن عدد معتقلي الرأي في السعودية بلغ أكثر من 3 آلاف معتقل منذ سبتمبر 2017، يشمل أشخاصاً من فئات المجتمع كافة.

وأكدت المصادر أن "السلطات اعتقلت عدداً غير معلوم من النساء، بعضهن يُحتجزن مع أطفالهن في سجون لا تحترم أبسط مقومات حقوق الإنسان".

وشددت -طالبةً عدم كشف هويتها- على أن "المعلومات التي تصل لهم بخصوص أحوال المعتقلين داخل السجون لا تزيد على عُشر عدد المعتقلين الحقيقي".

ورغم أن الرياض أطلقت سراح معظم الأمراء السعوديين ورجال الأعمال الذين اعتقلتهم في فندق "ريتز كارلتون" ضمن ما أطلقت عليه حملة "القضاء على الفساد" مطلع نوفمبر 2017، فإنهم خرجوا بعد تسويات مالية بملايين الدولارات.

تضامن دولي

وقبل أيام، أطلقت مؤسسة "سكاي لاين" الدولية حملة تضامنية مع المئات من معتقلي الرأي والمعارضين في سجون السعودية، للمطالبة بإطلاق سراحهم، ووقف ما يتعرضون له من انتهاكات، مؤكدةً أن 2018 شاهد على سلسلة انتهاكات مروعة ارتكبتها المملكة.

وقالت المؤسسة الحقوقية التي تتخذ من ستوكهولم مقراً لها، في بيان صحفي، إن الحملة جاءت بالتزامن مع إحياء اليوم العالمي للتضامن الإنساني، الذي يصادف 20 من ديسمبر من كل عام.

وأوضحت أن هدف الحملة تذكير الحكومة السعودية بضرورة احترام التزاماتها في الاتفاقات الدولية، ووقف انتهاك حقوق الإنسان داخل سجونها بحق المعتقلين.

وبينت أن 2018 شاهد على سلسلة انتهاكات مروعة ارتكبتها السلطات السعودية، في مقدمتها قتل خاشقجي، مروراً باعتقال المئات من الناشطين والناشطات واستمرار احتجازهم.

ودعت إلى تحرك دولي جدي وعاجل، يضع اعتبارات حقوق الإنسان فوق المصالح الاقتصادية والسياسية في التعامل مع السعودية وما "تتورط به من انتهاكات مروعة".

وشددت على وجوب الضغط الدولي الفاعل على الحكومة السعودية لاحترام التزاماتها بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية، ووقف ما يتعرض له المئات من معتقلي الرأي والمعارضين في سجونها من "انتهاكات الاحتجاز التعسفي والتعذيب بما يخالف مواثيق حقوق الإنسان الدولية".

وفي وقت سابق، قال نائب المدير التنفيذي لـ"لجنة حماية الصحفيين"، روبرت ماهوني، في بيان: "إن بن سلمان جال الغرب ليعكس صورة الحداثي والمصلح".

إطلاق سراح صامت

ورغم أنّ المملكة لم تعلن إلا عن احتجاز الأمراء رسمياً، مثيرةً ضجة إعلامية للقضاء على الفساد، فإنها لا تأتي على ذكر أي من معتقلي الرأي من المواطنين السعوديين، لا ضمن حملة الاعتقال ولا الإفراج.

ويتوقع مراقبون أن السلطات السعودية ستفرج عن معتقلي الرأي تباعاً وبصمت، في ظل الضغوط الدولية الكبيرة التي رافقت قضية خاشقجي، واسوداد صفحة ولي العهد بعد جهود كبيرة وصفقات بمليارات الدولارات دُفعت لتلميعها.

ففي سياق ذلك، أفرجت السلطات السعودية عن المحامي البارز إبراهيم المديميغ، اليوم الاثنين (24 ديسمبر 2018)، بعد عدة شهور على اعتقاله.

واعتُقل المديميغ وستة آخرون، بينهم ناشطات، في مايو الماضي، بتهمة العمالة لجهات خارجية، وتجنيد أشخاص يعملون في مواقع حساسة.

وتساءل ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي كيف يطلق سراحه وقد اعتُبر من قبلُ "خائناً"، بحسب توصيف حساب "أخبار السعودية".

وغرد الناشط والمعارض السعودي أحمد بن راشد بن سعيّد على موقع تويتر: "أخي إبراهيم المديميغ، فرحت كثيراً بإطلاق سراحك بعد أشهر من المعاناة في الأَسر، مصحوبة بالشيطنة والتخوين".

من جانبه، علق الأكاديمي السعودي على "تويتر" أيضاً: "حمداً لله على سلامتك أيها الرمز، وإن كنت قلقاً على صحتك، وندعوه بأن يفرّح بعافيتك كل محبيك".

وتوقَّع حساب "مجتهد" الشهير على موقع "تويتر"، في 2 نوفمبر الماضي، أن بن سلمان قد يطلق سراح المعتقلين من الأمراء والتجار والأعيان، وربما بعض كبار المعتقلين من المشايخ والمثقفين.

وتأكيداً لتوقعات "مجتهد"، فقد أطلقت الرياض سراح بعض الأمراء المعتقلين، وأول هؤلاء هو الأمير خالد بن طلال بن عبد العزيز، الذي أُطلق سراحه الجمعة 2 نوفمبر، بعد فترة اعتقال دامت 11 شهراً.