دول » دول مجلس التعاون

هل من خليج جديد في العام الجديد؟

في 2019/01/01

أحمد شوقي- خاص راصد لخليج-

شهدت نهايات العام 2018 بوادر تغير في سياسات الخليج، يرجو كل غيور على مصلحة الخليج وشعوبه، ان تكون بوادر استفاقة، وان تتخطى مجال المناورة الى مجال التحول الاستراتيجي.

وهذه التغيرات تمثلت في بدايات عودة للعلاقات مع سوريا بعد سنوات من القطيعة والتحريض والمشاركة في مأساة قطر عربي يشكل قطباً مركزياً وهاماً، تغني أهميته المعروفة عن البيان والتفصيل.

كما تمثلت في بوادر لملمة الوضع باليمن عبر التفاوض والحوار، وكذلك بعض الإشارات الإيجابية في تخفيف حدة القطيعة بين دول مجلس التعاون.

يمكن النظر لهذه التطورات من عدة زوايا وبعدة نوايا، مثل زاوية المؤامرة أو المناورة أو حتى الاستسلام والاعتراف بالفشل، ولكن ما نريده هنا هو النظر من زاوية الاستفاقة لأنها تبني وتنقذ ما يمكن انقاذه من اوضاع تدهورت بما يشكل خطراً وجودياً وبما يمثل تخريباً ممنهجاً للأمن القومي الخليجي والعربي.

ربما فطنت دول خليجية بعد فترة زمنية مكلفة إنسانياً واقتصادياً وسياسياً، أن تدمير سوريا ووحدتها لن تصب إلا في فوضى شاملة تلتهم باقي دول الإقليم عبر سيطرة قوى تكفيرية تكتسب صفة عولمة الارهاب والتكفير، وأنها لو تمكنت من قطر فإن أجنحتها العالمية ستلتهم أقطاراً أخرى وتفتح شهيتها للمزيد من الالتهام والتخريب.

وربما فطنت أيضاً دول خليجية إلى أن أمريكا والتي تشكل حماية رئيسية في العقل الخليجي، لا تستطيع حماية نفسها إلا بالكاد، وإنها في طريقها للتخلي عن استراتيجيتها، وإنها تتميز بصفة أصبحت من اليقينيات الراسخة، وهي التخلي عن الحلفاء والغدر والتضحية بهم.

وربما تدرك بعض دول الخليج المهرولة للتطبيع مع العدو الاسرائيلي، أن هذه الخطوة ستخذل الحق الفلسطيني، ولن تنصر الباطل الصهيو أمريكي مع وجود مقاومة وارادة شعبية فلسطينية لعدم الاستسلام لصفقات مزعومة.

وربما أيضا أيقنت الدول المعتدية على اليمن أن لا طائل من وراء هذا العدوان وإن الحوار هو السبيل الوحيد للقضاء على الهواجس والمخاوف، وإن الشعوب الحرة لا تخضع مهما كانت الكلفة البشرية والمادية.

نتمنى أن تكون التحركات الخليجية محصلة لهذه الادراكات، فهذا النهج أقوم وأكثر حفظاً لماء الوجه وأكثر صيانةً لما تبقى من علاقات عضوية بين شعوب الخليج ومحيطها العربي والاسلامي.

شاء النظام الخليجي العام أم أبى، فهو جزء لا يتجزأ من أمة عربية وإسلامية، ويرتبط أمنه بأمن هذه الأمة، ويعلم أن العقول الاستراتيجية الغربية تتعاطى مع العرب والمسلمين ككتلة واحدة مع تقسيمات متمايزة لطريقة الاستهداف لا لمبدأ الاستهداف ذاته.

ولربما كانت الازمة العالمية والتحولات الاستراتيجية كاشفة للخليج عن هذا التعاطي، ولربما شكلت سياسة ترامب وتصريحاته وصراحته وفجاجته استفاقة لمن ظنوا أنهم تجاوزوا أمتهم وأن لهم أمناً ومحيطاً جيواستراتيجي مستقل!

نأمل في العام الجديد أن تعود العلاقات الخليجية الخليجية لمجراها وأن تعود العلاقات الخليجية مع محيطها العربي والاسلامي لما يجب أن تكون عليه، لمواجهة مرحلة عالمية مستجدة في غاية الصعوبة، تشهد حرباً باردة جديدة، وتشهد مزيداً من المطامع لحل أزمات دول الاستعمار التقليدي على حساب أمم أخرى في مقدمتها العرب وفي مقدمتهم الخليج.

اللائق بهذا التحول وهذا الاستهداف، أن يحدث تحول مقابل مفاده العودة للوحدة والتكتل العربي الاسلامي لمقاومة موجات استعمارية جديدة.

نأمل في ذلك ونأمل ألا تتجدد السياسات الحمقاء لأن هذه المرة سيكون مجالها وجودياً لا مأزقياً فقط.