اقتصاد » علاقات واستثمارات

السعودية وإيران تتنافسان على سوق الطاقة في الهند

في 2019/01/16

عوميد شكري - إنسايد أرابيا- ترجمة شادي خليفة-

تعد الهند ثاني أكبر مستهلك آسيوي للنفط بعد الصين، وفي عام 2017، اشترت الهند بمعدل 577 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني، وهو ما يمثل 27٪ من إجمالي صادرات النفط الخام الإيرانية.

ومن يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2018، استوردت الهند 789 ألف برميل نفط من إيران، بزيادة قدرها 36%.

وقد عرض المسؤولون الإيرانيون خصومات كبيرة على الأسعار للهند، كاستراتيجية للحفاظ على حصة إيران من سوق النفط في الهند، كما قامت إيران بتأمين الناقلات التي تنقل نفطها.

وتعد المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر موردي النفط للهند، وثاني أكبر مورد للنفط الخام وغاز البترول المسال.

وفي الفترة من 2016 إلى 2017، بلغت واردات الهند من النفط الخام من المملكة 18.5% من إجمالي وارداتها، أو 39.5 مليون طن من مجموع 214 مليون طن. ومن يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2018، استوردت الهند 697 ألف برميل نفط من السعودية.

ومن وجهة نظر إيران، فإن استثمار الهند في قطاعات متعددة من سوقها المحلية، لا سيما البنية التحتية والطاقة، يعادل تأمينا سياسيا. ويعد استثمار الهند في ميناء "تشابهار" مثالا على ذلك.

وفي فبراير/شباط 2018، خلال زيارة قام بها "حسن روحاني" إلى نيودلهي، وقعت إيران 15 وثيقة تعاون متبادل، تتعلق أغلبيتها بالتعاون في حقول النفط والغاز. وبعد هذه الزيارة، تم الإعلان أن إيران ألغت تكلفة نقل النفط إلى الهند لبقية العام المالي. وقد تم اتخاذ القرار استجابة لتخفيض الهند وارداتها النفطية من إيران بين أبريل/نيسان 2017 ويناير/كانون الثاني 2018. وقد مثل هذا الإجراء نجاحا لصانعي السياسة الإيرانيين، وبعدها تم التصريح بأن الهند ستزيد وارداتها النفطية من إيران.

السعودية والطاقة الهندية

وتلعب المملكة دورا نشطا في دبلوماسية الطاقة في الهند. ويعد الاستثمار في البنية التحتية للطاقة وسيلة فعالة للمملكة للتسلل والتأثير في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية للهند.

وتتطلع "أرامكو"، أكبر منتج للنفط في العالم، إلى الاستثمار في المصافي الأجنبية لتلبية الطلب على النفط، وزيادة حصتها في الأسواق العالمية.

وتسمح هذه الاستراتيجية للمملكة بتوسيع حصتها في الأسواق الآسيوية. ولا تتنافس المملكة مع إيران فحسب، بل تهدف إلى التفوق على العراق لتصبح أكبر مورد للنفط إلى الهند.

وفي العام الماضي، كانت العراق أكبر مورد للنفط إلى الهند.

وفي أبريل/نيسان 2018، أبرمت شركة "أرامكو" السعودية مع شركة "راتناغيري للتكرير والبتروكيماويات" في الهند، وهي مشروع مشترك بين شركة النفط الهندية وشركة "هندوستان بتروليوم كورب" وشركة "بهارات بتروليوم كورب"، عقدا بقيمة 44 مليار دولار لبناء مصفاة في ولاية "ماهاراشترا" غرب الهند.

ويساهم كلا من الجانبين بنسبة 50% في هذا المشروع.

وذكرت شركة "أرامكو السعودية" أن المصفاة سوف تبلغ طاقتها الإنتاجية مليونا و200 ألف برميل يوميا عند الانتهاء.

وقالت "أرامكو" أيضا أن المشروع سيكون واحدا من أكبر مصافي البتروكيماويات في العالم.

وبحسب وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح"، فإن طاقة التكرير البالغة 60 مليون طن من النفط الخام تمثل الاستثمار الرئيسي الوحيد للمملكة في الهند.

كما تهتم "أرامكو" بالاستثمار في مبيعات الوقود والبتروكيماويات، بالإضافة إلى احتياطيات النفط، في الهند.

ولدى السعودية القدرة على العمل على تنفيذ هذا الوعد بالاستثمار.

وقد قامت "أرامكو" بشحن 3 ملايين برميل من النفط الخام من 3 مصافٍ في الهند، وتقوم مصفاة هندية أخرى بالتفاوض مع المسؤولين السعوديين لتوقيع عقد للحصول على مليون برميل من النفط.

وبالنظر إلى التوترات السياسية بين إيران والسعودية، خصوصا بسبب الأزمة اليمنية، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، والعقوبات الجديدة ضد قطاع الطاقة الإيراني، تحاول السعودية استغلال الفرصة والزخم الحالي لصالحها، لتقليل دور إيران في أسواق الطاقة الإقليمية، وخاصة في الهند.

الاستثمار السعودي في "تابي"

وكانت أفغانستان وتركمانستان وباكستان والهند قد وقعوا مؤخرا على استثمارات بمليارات الدولارات في مشروع خط أنابيب الغاز "تابي".

وقد أعلنت المملكة أنها سوف تستثمر في بناء خط أنابيب الغاز الذي سينقل الغاز التركماني إلى باكستان والهند عبر أفغانستان.

وبمشاركة السعودية في المشروع، يمكن للرياض جذب دعم الولايات المتحدة، بالحد من الهيمنة الروسية على موارد الطاقة في آسيا الوسطى، عبر زيادة طرق التصدير حول روسيا.

ومن ناحية أخرى، مع هذه الزيادة في المشاركة في منطقة الطاقة في آسيا الوسطى، قد يكون من الممكن أن تحصل الرياض على تنازلات في محادثات الطاقة المستقبلية.

وتشكل المخاوف الأمنية، والموارد المالية، العقبات الرئيسية أمام تحقيق مشروع "تابي"، إلا أن دعم المملكة للمشروع ما هو إلا أداة أخرى للتحايل على النفوذ والتأثير الإيرانيين. وتستثمر السعودية بشكل مباشر في البنية التحتية للطاقة في الهند، فضلا عن تقديم الدعم السياسي والاقتصادي لمشاريع النقل التي تسمح بالوصول إلى السوق الهندي في سياق المنافسة المباشرة مع إيران.

ومع تطبيق العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، من المرجح أن تصبح السعودية أكبر مورد للنفط في الهند، لكن في الوقت نفسه، ستزيد الهند بشكل كبير من وارداتها من العراق، وحتى نيجيريا قد تمكنت من الوصول للهند، وقد زادت معظم الدول المنتجة للنفط صادراتها إلى الهند في جميع المجالات.

وكما هو متوقع، منحت الولايات المتحدة إعفاءات للمشترين الرئيسيين للنفط الإيراني في الهند، وسمحت لهم بمواصلة الواردات بعد انتهاء الموعد النهائي للعقوبات الأمريكية.

ولن يكون من السهل على الهند أن تجد بديلا للنفط الإيراني، لكن هذا لا يعني أنه سيكون من المستحيل على المدى المتوسط ​​أو البعيد أن تستكشف الهند بعض الترتيبات القديمة.

وتستعد السعودية والعراق لسد الجزء الأكبر من احتياجات الهند من النفط. وتهتم السعودية أكثر بتصدير النفط إلى الهند من أجل إضعاف موقف إيران في سوق النفط، مع مكافأة إضافية تتمثل في إضعاف الاقتصاد الإيراني بشكل أكبر.

وتهتم الهند والصين بإنشاء "ناد لمستوردي النفط"، لزيادة قدرتهما على المساومة والحد من قوة سوق النفط الأمريكي.

وكانت الصين والهند قد اقترحتا في السابق شراء النفط الإيراني مقابل الدفع بعملتي اليوان (الصيني) والروبية (الهندية).

وتتلخص القضية الرئيسية لإيران، من بين العديد من القضايا، في أن تكون متاحة لجذب الاستثمار الأجنبي عندما يكون لديها فرصة لتجاوز العقوبات.

ويتطلب هذا إطارا قانونيا ملائما، مع عملية اتخاذ قرار سريعة، واستقرار سياسي، خاصة على المستوى الدولي. وتعد هذه المتغيرات بعيدة عن التحقيق، ولدى البلاد طريق صعب وشاق لتقطعه.