خاص الموقع

متى ترفع الإمارات والسعودية أيديهما عن حراك الشعوب؟

في 2019/04/13

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

من المفارقات الغير مستساغة أن تتدخل دول في شؤون دول أخرى بشكل عملي دون طلب ودون أن يكون التدخل من منطلق النصيحة، ويزداد الأمر سخافة عندما يكون التدخل في موضوع يفتقده المتدخلون من الاساس، وهنا هو موضع الشاهد الرئيسي، حيث تتدخل السعودية والإمارات بشكل سافر في موضوع الديمقراطية، وهما دولتان ليس لديهما برلمان فعلي ولا تحترمان أي جانب من جوانب الديمقراطية حتى الجوانب الشكلية منها.

ربما ترتضي شعوب الخليج وتحديدا شعوب المملكة والامارات هذا النمط من الحكم الملكي، وربما انتقادنا لهذه النظم يعد تدخلا، ولكن الأولى بهذه الدول ألا تتدخل على أرضية تفتقدها، على الأقل احتراما لقاعدة "فاقد الشئ لا يعطيه".

والأهم من كل ذلك، هو أن التدخلات لهذه الدول في شؤون الدول الأخرى وإن رفعت شعار الديمقراطية، إلا أنها تقطع الطريق على التحولات الديمقراطية بمعناها الحقيقي وجوهرها الذي يمكن الشعوب من أن تختار حكامها وتؤسس لنمط حكم يخدم مصالح الأغلبية الكاسحة من الجماهير.

قد تكون للسعودية والامارات مصالح خارجية وهو ما يمكن تفهمه، ولكن ما لا يمكن تفهمه وقبوله أن تطغى هذه المصالح على مصالح الشعوب الأخرى، وأن تسعى هاتان الدولتان إلى زعزعة استقرار الدول في حال عدم تمكن فرض نظام يرعى مصالحهما، بل ويكون تابعا لهما.

قبيل التسوية المزمعة في ليبيا وجدنا زيارات للامارات والسعودية، ووجدنا بعدها مباشرة تصعيد عسكري ينذر بمزيد من الدماء، وإطالة لأمد الصراع في بلد تسبب دعم الدولتين للناتو من وقوعه بالأساس في حالة الاستقطاب والخراب الراهنة.

وفي الجزائر هناك محاولات لخلق وضع جديد تابع لنفوذ الدولتين، سواء بمحاولات مع القوى الحاكمة، أو أطراف بالحراك، وهو ما ينذر بتعمق الخلاف والاستقطاب وخروج الوضع من نطاق الحوار الراهن إلى نطاق العنف الذي لا تحمد عواقبه.

وفي السودان تجري محاولات دؤوبة للتحايل على حراك الشعب وإصرار على تعيين جنرال تابع للخليج، وهو ما سيعوق التسويات الداخلية ويحول دون حل سلمي، وهو ما ينذر بعنف محتمل ومزيد من الخطورة في بلد مهدد بمزيد من التقسيم.

ناهيك عن التدخلات في العراق وتونس ولبنان ومصر وربط المساعدات بقضايا تحدث الوقيعة بين الشعوب والأنظمة، وقضية تيران وصنافير لازالت حية ولازالت تشكل عائقا ثقيلا بين القوى السياسية ونظام الحكم في مصر.

ان انفراد الامارات والسعودية عن باقي دول الخليج بعمل مجلس للتنسيق، والعمل سويا على ملاحقة حراكات الشعوب، هو مهدد لسمعة الخليج ككل، كما أن الأزمة الخليجية المتمثلة في الخصومة مع قطر تنذر بمزيد من الاستقطاب والتنافس في بؤر خارجية والجر الى اعمال واعمال مضادة تحدث مزيدا من الاستقطاب وزعزعة الاستقرار.

قد تستقوي الدولتان بأمريكا وبغياب المحاسبة الدولية على الممارسات وجرائم الحرب في اليمن، وقد تستقوي الدولتان بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي، وهنا تعلن الدولتان أن الشعوب لا تعنيهما وأن مصدر الشرعية هو قانون الغاب الدولي وليس الشعبية سواء الداخلية أو ولاء واحترام الشعوب العربية لهما!

هل تعتبر الدولتان ان هذا وضع آمن؟ وهل ضمنتا عدم انقلاب الشعب العربي في الامارات والسعودية على هكذا انظمة، وخاصة مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المحتملة؟

وهل ضمنتا أن لا يطرد نفوذهما في الدول الأخرى بسبب غضبة الشعوب والتي ستوجه لا محالة اليهما مع تكشف رعايتهما لزعزعة الأوضاع والحيلولة دون تحقيق طموحات الشعوب؟

لقد تجاوزت الامارات والسعودية الحدود المسموح بها شعبيا، والقادم هو غضبة شعبية كبرى في كل الدول التي تشهد حراكا وغضبا شعبيا على ممثلي هذه الدول من الأصلاء والوكلاء، وهو وضع ينبغي تداركه لحقن المزيد من الدماء ولسرعة استعادة الأمة لعافيتها واستقرارها، قبل الوصول لنقطة اللاعودة والتي باتت قريبة كما لم تكن من قبل.