ملفات » الطريف إلى العرش

التلاعب النفطي للسعودية والإمارات وتأثيره الكارثي على الخليج

في 2019/04/29

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

في مواصلته للسياسة العدوانية المتعالية والمخترقة لجميع القوانين الدولية، قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إن المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول فى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وافقت على طلبه بشأن زيادة الإنتاج من أجل خفض الأسعار.

واضاف ترامب فى تغريدة على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر):"تحدثت مع السعودية وآخرين بشأن زيادة كمية النفط...والجميع موافقون".

ولا يخفى ان مصدر العدوان والتعالي هنا هو أن الخبر ليس خبرا اقتصاديا وانما سياسيا بالاساس، حيث ان هذا الطلب مرده تعويض انتاج الدول التي تحاصرها امريكا بشكل مباشر مثل ايران وفنزويلا من جهة، وبشكل غير مباشر حيث التدخلات السافرة والمؤامرات ودعم الإرهاب والذي نتج عنه الاوضاع الغير مستقرة بالدول النفطية مثل ليبيا والعراق والجزائر وغيرها من الدول التي تتخذ امريكا أذرعا لها بها وتحديدا وكما أصبح معلوما، ذراعي السعودية والإمارات.

وفي وقت سابق اعلنت بلومبيرج ان السعودية والامارات سيعوضان امدادات النفط الايراني والتي تحاصرها أمريكا وترغب في وصولها للصفر، ومن المعلوم ايضا العداء الذي تكنه الدولتان لايران، ولكن، هل زيادة الانتاج تصب في صالح السعودية والامارات؟

كل التقارير المعتبرة، وكل أقوال الخبراء الدوليين، تصب في أن المصلحة السعودية الاماراتية، بل ومصلحة اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي بالكامل تتطلب ارتفاع سعر النفط، لتعويض عجز الموازنات، إضافة الى عدم قدرة الوصول للانتاج الذي يعوض الامدادات الاخرى المحاصرة امريكيا، مما يتطلب التضحية بالاحتياطيات النفطية للوصول بعدد البراميل المنتجة يوميا الى العدد المطلوب، وهي مخاطر على المدى الطويل، كما أنها مصلحة أمريكية صافية لاحتكار قطاع النفط عالميا.

دعونا نستعرض بعضا من اقوال الخبراء حتى لا يكون الكلام مرسلا:

1/  يقول أولي هانسن، رئيس أبحاث السلع الأولية في ساكسو بنك: "نحن نشهد مؤشراً قوياً آخر من اثنين من أكبر 3 منتجين في العالم، للحيلولة دون ارتفاع أسعار النفط. ..وقبول السعودية مثل هذا الطلب في الأساس يزيد خطر أن تكون أوبك قد استنفدت دورها .. لا أعتقد أن السعودية يمكنها زيادة الإنتاج إلى 12 مليون برميل في اليوم، لكن يمكنها زيادة الصادرات بالاستعانة باحتياطياتها... إلا أن هذا يرفع أيضاً التوترات في الشرق الأوسط، ومع سيطرة إيران على مضيق هرمز فثمة خطر أن يتصاعد هذا الوضع إلى نقطة لا يكفي فيها مليونا برميل يومياً".

2/ يقول جوفاني ستاونوفو، محلل السلع الأولية في يو.بي.إس" زيادة الإنتاج السعودي مليوني برميل في اليوم، ستدفع بإنتاج المملكة من النفط إلى أرض مجهولة، وستمحو بالكامل الطاقة الفائضة لدى المملكة.. تحتاج المملكة العربية السعودية، أكبر مُصدّر للنفط الخام في العالم، رفع الأسعار لتتخطى حاجز 80 دولارًا للبرميل لتوازن ميزانيتها، وفقًا لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني".

3/يقول كريسانس كروستينز، وهو مدير في فيتش ومقرها هونج كونج، إن كلما تراجعت أسعار النفط في 2019 كلما زاد الضغط على الموازنة العامة لمُصدّري النفط الآخرين بعد التراجع الملحوظ في أسعار النفط هذا العام.

4/ ترى بلومبرج أن هالة التفاؤل والنشوة التي أحاطت بوعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن إصلاح الاقتصاد، تُثير الشكوك والمخاوف حيال سياسة المملكة الخارجية الخارجية الحازمة على نحو متزايد والتي لا يُمكن التنبؤ بها... ومن الأمور المُثيرة للقلق أيضًا، بحسب بلومبرج، أن حتى إدراج السوق السعودية في مؤشرات "إم إس سي أي" للأسواق الناشئة لن يكون كافيًا لجذب الأموال، كما يقول مارك موبيوس، وهو مستثمر مُخضرم في الدول النامية.

5/ يقول ريدموند رامسديل، رئيس التصنيفات الائتمانية لبنك مجلس التعاون الخليجي في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، واصفا اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي: "هذه اقتصاديات مركزة وضيقة الأفق، يؤدي فيها الإنفاق الحكومي دوراً مهماً في (تحديد) النمو الاقتصادي".

6/ يقول رونيت غوس مدير بحوث المصارف العالمية لدى بنك CiTi إنَّه حتى في دبي، التي تحوَّل اقتصادها إلى اقتصاد تجاري، تأتي معظم الثروة الإقليمية التي تساعد في دفع أعمال التجارة، من النفط. وفي مناطق أخرى في المنطقة، لا يزال النفط صاحب اليد العليا.

7/ يقول جيسون توفي، كبير خبراء الأسواق الناشئة لدى شركة Capital: "ما نحاول استنباطه الآن هو إلى أي حد سيذهب بندول الأسعار قبل أن يبدأ في رحلة العودة مرة أخرى...إذا كنا على حق في أنَّ الأسعار ستهبط مرة أخرى إذاً فسيصبح النمو الاقتصادي بطيئاً مرة أخرى، وستضيق فرصة التخفيف من الضغوط المالية أكثر وأكثر. ومن شأن هذا أن يعيد التركيز على الضغوط الاجتماعية التي لم تُحل أبداً. وقد تلقي الضوء على بعض الإخفاقات الحالية للجهود المحدودة المبذولة في سبيل الوصول إلى التنوع.

ويشير توفي إلى إنفاق السعودية على التعليم على سبيل المثال، الذي لم ينجح في رفع كفاءة التدريس أو في إعداد الطلاب للحياة في القطاع الخاص. انهيار آخر في أسعار النفط قد يعني أنَّ هذه المشاكل لن يمكن تأجيلها بعد الآن.

مع استعراض هذه الأراء للخبراء والتي ترى مزيدا من التدهور الاقتصادي بسبب السياسات النفطية السعودية والإماراتية، وتأثير ذلك الذي يتخطى نطاق الدولتين لتعم إثاره السيئة على اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي ككل، يعاد مرة أخرى التساؤل: إلى أين تأخذ السعودية والإمارات الخليج؟ بل والإقليم ككل؟