خاص الموقع

لماذا تخاف أميركا على الخليج؟

في 2019/05/28

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

بعد انتشار القوات الأمريكية في الخليج ودخول حاملة الطائرات والقاذفات واستقدام 1500 جندي للشرق الاوسط، هل يظن عاقل أن أمريكا تفعل ذلك لحماية امن الخليج؟

قد يقول قائل، انها قادمة لمصالحها ولكن مصلحة الخليج تتقاطع مع المصالح الامريكية وبالتالي فهي مصلحة مشتركة، ولهذا القائل نقول، اي مصلحة مشتركة في وجود قوات عسكرية يتم الانفاق عليها خليجيا من اموال شعوب الخليج، ونحيل هذا القائل مباشرة لتصريحات ترامب والتي تميزت بالصراحة الفجة والوضوح الشديد والتي كررها ولا يزال، ومفادها أن أمريكا تحمي الخليج وعلى دوله أن تدفع مقابل حمايتها وحماية عروشها!

لو كانت هناك مصالح مشتركة لتحملت أمريكا نصيبها في عمليات التأمين والحماية، ولكن الأمر مختلف تماما ولعل عدة تقارير امريكية ووثائق تاريخية توضح ما نريد قوله كما يلي:

1- كشفت وثيقة استخباراتية بريطانية يرجع تاريخها إلى عام 1973، ونشرتها جريدة الـ«ديلى ميل» البريطانية، أن خسائر الولايات المتحدة بسبب أزمة خفض إنتاج دول الخليج تقدر بتريليون دولار، وأن الرئيس الأمريكى وقتها، ريتشارد نيكسون، كان يضع خيارًا لاحتلال 3 دول من دول الخليج، والسيطرة على نفطها، فى حالة استمرار دول الخليج فى قطع البترول عن أمريكا، عقب تنفيذ قرار وقف إطلاق النار الصادر من الأمم المتحدة.

وقد أيقنت الإدارة الأمريكية أن دول الخليج أصبحت قوة لا يستهان بها، بسبب النفط، وأنه ينبغى إيجاد مصادر بديلة للنفط من جانب، وللطاقة من جانب آخر، ويرى محللون أن الحدث السابق كان السبب الرئيسى وراء تغيير اتجاه اليابان للاستثمار فى المشروعات الإلكترونية التى لا تحتاج إلى استهلالك طاقة، بالمقارنة بالمشروعات الصناعية الأخرى.

2- إن صلات إدارة ترامب العديدة بصناعة النفط الأمريكية توضح حقيقة التحالف. فوزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون ، الذي طُرد من منصبه في مارس من العام الماضي، كان سابقًا كبير المديرين التنفيذيين في شركة إكسون موبيل، وهي شركة نفط توسطت من جانب واحد في صفقة نفطية مع الأكراد العراقيين وراء ظهر الحكومة العراقية وأعربت عن اهتمامها بتطوير المصالح النفطية السورية في الجزء من البلاد التي تحتلها الولايات المتحدة حاليا.

وكان لشركة إكسون موبيل أيضًا حصة كبيرة في خط الأنابيب القطري المقترح، والذي كان رفض الأسد من قبله عاملاً في بدء الصراع السوري. ترامب نفسه ، قبل توليه الرئاسة، كان لديه أيضًا استثمارات كبيرة في إكسون موبيل، وكذلك في 11 شركة نفط وغاز رئيسية أخرى، بما في ذلك توتال ، كونوكوفيليبس ، بي إتش بي وشيفرون.

وتقول التقارير أنه، وبالإضافة إلى ذلك، فإن مايك بومبيو، صديق على قدم المساواة لصناعة النفط والغاز الأمريكية. بومبيو هو "المستلم الأول على الإطلاق" للمال من كوتش للصناعات، التي لديها مصالح عديدة في التنقيب عن النفط والغاز، والحفر، وخطوط الأنابيب، وتكرير الوقود الأحفوري.

3- منذ عام 2014، تحاول الولايات المتحدة بقوة الحد من قطاع الوقود الأحفوري في روسيا، وخاصة صادراتها إلى أوروبا، واستبدالها بالوقود الأحفوري المنتج في الولايات المتحدة. كما كتب رئيس مجلس النواب السابق جون بوينر في عام 2014، "إن القدرة على قلب الطاولة ووضع الزعيم الروسي تحت المراقبة تكمن مباشرة تحت أقدامنا، في شكل إمدادات هائلة من الطاقة الطبيعية." السماح لقطاع الوقود الأحفوري الروسي بالتعزيز، سواء في سوريا أو في أي مكان آخر، سيضر بالأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة، وأساس الشركات الأمريكية ورؤية الولايات المتحدة في الحفاظ على عالم أحادي القطب بأي ثمن.

4- أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح اكتشاف كميات ضخمة من الغاز في البحرالأحمر، وفي سياق منفصل، قال الفالح إن أرامكو ترى فرص استحواذ محتملة في مشاريع للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة.

وكان عملاق النفط السعودي أرامكو وقع اتفاقا أوليا مع رويال داتش شل للسعي إلى فرص في قطاع الغاز العالمي في إطار خطط السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، لتنويع اقتصادها.

وثروة الغاز هذه ناهيك عن ارامكو مطمعا كبيرا للولايات المتحدة.

5- من المعروف أن ايران وقطر تمتلكان اكبر حقل غاز في العالم، وتمتلك الإمارات ما يقارب من 6 ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي وتمثّل ما نسبته 3.19% من احتياطي العالم من الغاز.

وهذه الثروة بالاضافة الى تعطيل الانتاج مصلحة امريكية لا شك فيها.

6- في سبتمبر 2018، ولأول مرة منذ عام 1973، اصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط الخام في العالم، وفقًا لتقديرات أولية نشرت من قبل وزارة الطاقة.

وتقول التقارير الامريكية، أن هذا الحدث يوضح كيف أن طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة أعادت تشكيل المشهد العالمي للطاقة. فقد زاد إنتاج النفط الأمريكي بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي.

وقالت التقارير الأمريكية انه  ليس من المتوقع أن تتخلى الولايات المتحدة عن تاجها في أي وقت قريب. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يظل إنتاج النفط الأمريكي متقدماً على روسيا والسعودية حتى عام 2019.

وطفرة الصخر الزيتي لها آثار أمنية مهمة. اليوم، الولايات المتحدة أقل اعتماداً على النفط الأجنبي، بما في ذلك من الشرق الأوسط المضطرب.

ومع ذلك، لا يزال سوق النفط العالمي والتحولات الاستراتيجية من قبل أوبك والمملكة العربية السعودية لها تأثير كبير على الأسعار، ولا تستطيع الولايات المتحدة تلبية شهيتها الشديدة للنفط من خلال النظر إلى الداخل فقط. لا تزال مصافي النفط الأمريكية، التي بنيت في الغالب قبل عقود، تتطلب جرعات كبيرة من النفط الأجنبي.

يمكننا ببساطة استخلاص أن التحكم في منابع النفط بالقوة العسكرية يؤدي للتحكم في كميات الانتاج والاسعار وفقا للصالح الامريكي البحت، فهل يعي الخليجيون ما هم فيه ومقدمون عليه؟