ملفات » قضية جمال خاشقجي

تقرير الأمم المتحدة حول مقتل خاشقجي يضع بن سلمان في الزاوية

في 2019/06/22

عبدالعزيز كيلاني - لوب لوج-

قالت محققة وكالة الأمم المتحدة المختصة بالتحقيق في القتل خارج نطاق القضاء "أغنيس كالمارد" الأربعاء الماضي إن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" يجب التحقيق معه في مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في القنصلية السعودية في إسطنبول. وقالت إن هناك "أدلة موثوقة" على أن "بن سلمان" ومسؤولين كبار آخرين هم المسؤولون عن هذا القتل.

وسوف يضع تقرير الأمم المتحدة بلا شك ضغطا كبيرا على "بن سلمان". وعلى الرغم من النفي المستمر لأي معرفة بشأن مصير "خاشقجي"، فلم يعد لرواية المملكة قيمة الآن. وفي أعقاب تقرير الأمم المتحدة، يجب الإجابة على سؤال واحد، وهو إذا ما كانت الأمم المتحدة ستتخذ أي إجراءات.

وفي الأسبوع الماضي، أخبر ولي العهد صحيفة الشرق الأوسط اليومية أن وفاة "خاشقجي" كانت "جريمة مؤلمة للغاية"، كما قال في المقابلة إن "المتهمين بارتكاب الجريمة هم من المسؤولين الحكوميين"، وأن المملكة تسعى إلى "تحقيق العدالة والمساءلة التامة".

ومع ذلك، أشار تقرير الأمم المتحدة إلى "بن سلمان" كمسؤول، ومن غير المرجح بالطبع أن تتم مساءلة ولي العهد نفسه لأنه يتمتع بحصانة واضحة كونه حاكم المملكة بحكم الأمر الواقع.

وكانت نتائج تقرير الأمم المتحدة حول مسؤولية "بن سلمان" متوقعة. ومنذ البداية، لم يكن من المقنع أن ولي العهد سيسمح لـ 15 مسؤولا بالسفر إلى إسطنبول على متن طائرات خاصة وارتكاب جريمة دون علمه.

وأخبرني المدير التنفيذي للمركز العربي في واشنطن العاصمة "خليل جهشان"، أن "محتوى تقرير أغنيس كالمارد المؤلف من 100 صفحة، والذي جاء بناءً على أشهر من التحقيق في قضية خاشقجي، ليس مفاجئا. فقد كانت السعودية تتوقع مثل هذه النتائج، وهو ما يفسر امتناعها عن التعاون مع خبيرة الأمم المتحدة خلال التحقيق الذي أجرته".

وطالب تقرير الأمم المتحدة بتعليق الإجراءات التي اتخذتها المملكة ضد أحد عشر مشتبها به، مشيرةً إلى مخاوف بشأن سرية الإجراءات والانتهاك المحتمل للعدالة.

وتشير هذه الخطوة إلى أن الطريقة التي يتم بها التعامل مع هؤلاء المشتبه بهم ليست جديرة بالثقة. ومن المرجح أن المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم هؤلاء المشتبه بهم، يتصرفون فقط بأمر من ولي العهد، الذي يبدو من غير المرجح أن يعاقبهم على اتباع أوامره ما لم تكن هذه العقوبة إنقاذا لرقبته شخصيا.

وأضاف "جهشان" أن "نتائج التقرير تتناقض تماما مع الادعاء السعودي الرسمي بأن مقتل جمال كان خطأً تم ارتكابه خلال مهمة فاشلة كانت تهدف إلى إقناعه بالعودة إلى السعودية. وسوف تعيد النتائج الجديدة فتح القضية بتفاصيل وأدلة إضافية، لأنها تتحدى العملية القانونية التي كانت تديرها الحكومة في الرياض".

ويتركز كل الاهتمام الآن على قادة العالم الذين سيجتمع بهم ولي العهد السعودي في قمة مجموعة العشرين. وإذا كان هؤلاء القادة يهتمون حقا بحقوق الإنسان كما يزعمون، فيجب عليهم اتخاذ موقف حازم.

ويشمل ذلك الرئيس "دونالد ترامب"، الذي قال في نوفمبر/تشرين الثاني إن ولي العهد لم يلعب دورا في الحادثة، على الرغم من استنتاج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أن "بن سلمان" أمر بقتل "خاشقجي". ويجب ألا تمنع العلاقات الاقتصادية بين المملكة والدول الغربية الحكومات من أن تكون في الجانب الصحيح من التاريخ. وحتى الآن، قامت دولة واحدة فقط، وهي ألمانيا، بتعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

وربما لو كانت الجريمة قد تم ارتكابها من قبل دولة أخرى غير السعودية لكان رد الفعل مختلفا. ومع ذلك، فإن قادة العالم ملزمون بعدم منح الرياض معاملة خاصة، بغض النظر عن مصالحهم في المملكة.

وفي قمة مجموعة العشرين السابقة في الأرجنتين، عزل القادة الحاكم الفعلي للمملكة وحيدا قبل التقاط الصورة الرئيسية. وهذه المرة، يواجه القادة اختبارا كبيرا. فهم ملزمون بإرسال رسالة قوية مفادها أن "بن سلمان" لن يتمكن من الهروب مما فعله بـ "خاشقجي".

ويواجه "ترامب" تحديا أكبر من القادة الآخرين، لأنه، إلى جانب اجتماعه المقرر مع "بن سلمان" في قمة العشرين، يتعين عليه أن يتصدى لقرار الكونغرس الأخيربوقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض.

ومن غير المرجح أن يتحول "ترامب" عن سياسته المؤيدة لـ "بن سلمان"، بالنظر إلى حقيقة أن إدارته قد شاركت بالفعل المعلومات النووية مع السعودية مرتين منذ مقتل "خاشقجي".

ومع ذلك، فلن يخلق التقاعس المستمر عن العمل اللازم إلا صراعا أعمق بين "ترامب" وأعضاء مجلس الشيوخ، مثل "ليندسي غراهام"، الذي يعتقد أن ولي العهد يجب أن تتم محاسبته.

ولا يعني هذا بالضرورة أن الكونغرس لا يتحمل أي مسؤولية في هذا الصدد، لأنه لا يزال ملزما بتجاوز أي فيتو رئاسي حول القرار.

وسيتطلب هذا المزيد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين للتصويت. وإذا استمر الرئيس في دعم حليفه السعودي، وهو أمر يبدو مرجحا، فسوف يكون تجاوز حق النقض "الفيتو" هو السبيل الوحيد لكي يظهر الجمهوريون أنهم لم يعودوا يتسامحون مع اتخاذ "ترامب" لبعض أكثر الزعماء قمعا ووحشية في العالم كأصدقاء.