سياسة وأمن » مؤتمرات سياسية

ورشة التطبيع.. هؤلاء رجال الرياض وأبوظبي والمنامة لترويج "صفقة القرن"

في 2019/06/27

الخليج أونلاين-

في تصريحات غير مسبوقة طُرحت بـ"ورشة البحرين" المعنيَّة بإعلان الشطر الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية "صفقة القرن"، دفع وزير سعودي وآخر بحريني ورجل أعمال إماراتي شهير، وباحث، في طريق العمل لصالح العلاقات مع "تل أبيب"، وسط احتفاء كبير في الأوساط الإسرائيلية.

التطبيع الصريح من قِبل دول لها ثقلها بالمنطقة العربية مثل السعودية أو حتى الإمارات والبحرين، شكَّل صدمة مدوية في الأوساط السياسية وكان منبع قوة لموقف "إسرائيل"، التي تسعى جاهدة بمساعدات عربية وغربية لبسط نفوذها بفلسطين، وسرقة حقوق الفلسطينيين.

وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر البحرين الذي عُقد بالعاصمة المنامة، على مدى يومين (25 و26 يونيو الجاري)، وشهد طرح الخطة الاقتصادية لـ"صفقة القرن" المُقوِّضة للحق الفلسطيني، والتي تحاول أمريكا من خلالها إنهاء الصراع في البلد المحتل.

وحاولت الإمارات والسعودية، الترويج للمؤتمر وللعلاقة مع "إسرائيل" عن طريق مسؤولين أو ناشطين صغار، لتجاوُز الإعلان الرسمي عن الانفتاح مع دولة الاحتلال، في حين اختارت البحرين الوضوح أكثر وفضح تودُّدها إلى تل أبيب.

وزير سعودي يقدم نصائح لكوشنر!

جهات وشخصيات عدة من السعودية والإمارات والبحرين صرحت بأهمية العلاقات مع "إسرائيل"، أولها كان وزير الدولة السعودي محمد آل الشيخ.

واعتبر الوزير محمد آل الشيخ أن الخطة الاقتصادية لـ"صفقة القرن" التي طرحها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، يمكن أن تنجح "إذا آمن الناس بها".

وقال آل الشيخ، أمس الأربعاء، إنه يعتقد أنه "من الممكن تنفيذ خطة كوشنر إذا آمن الناس بتنفيذها، وإذا كان هناك أمل في السلام".

وأشار إلى أن "السبيل لإقناع الناس بها هو منحهم الأمل بأنها ستكون مستدامة وباقية، وستؤدي إلى الرخاء والتنمية في نهاية المطاف"، وفق ما نشرته وكالة "رويترز".

وزير بحريني: نريد التطبيع

من جهته، قال وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، إنّ "إسرائيل وُجدت لتبقى"، وإن لها الحق في أن تعيش داخل حدود آمنة، مؤكداً أن المنامة وعواصم عربية أخرى تريد التطبيع معها.

وأضاف آل خليفة في حوار مع صحيفة "تايم أوف إسرائيل" على هامش "ورشة المنامة": إن "مبادرة السلام العربية لم تُعرض على جزيرة أو دولة بعيدة، وإنما على إسرائيل"، وإن بلاده تريد علاقات أفضل معها.

وشدد الوزير البحريني على حق "إسرائيل" في الوجود كدولة وبحدود آمنة، وقال: إن "هذا الحق هو ما جعل دولاً عربية تعرض عليها مبادرة سلام".

وأشار إلى أنه على دولة الاحتلال الإسرائيلي "التواصل مع القادة العرب"، داعياً الإسرائيليين إلى التوجه إليهم بخصوص أي مشاكل تحتاج حلاً.

وقال آل خليفة عن الورشة إنها كانت "مغرية جداً"، مضيفاً أنه لم ير شقاً سياسياً في خطة ترامب المطروحة في الورشة، مؤكداً استعداد بلاده ودول عربية أخرى لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.

وذهب الوزير إلى أن المنامة ترغب في جعل هذه الورشة "نقطة تحوُّل ثانية في مسار العلاقات الإسرائيلية العربية بعد اتفاق كامب ديفيد مع مصر عام 1978".

الإماراتي "مُحب إسرائيل"

في حين سلطت وسائل إعلام عبرية، الضوء على رجل الأعمال الإماراتي محمد العبّار، ووصفته صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية بأنه "مُحِبٌّ للشعب الإسرائيلي".

وتناقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لـ"العبّار"، مؤسِّس ورئيس مجلس إدارة شركة "إعمار" العقارية، يتحدث فيه لمراسلة إذاعة "كان" العبرية الرسمية، على هامش المؤتمر.

وردَّ "العبار" على سؤال "ماذا يمكنه القول اليوم للجمهور الإسرائيلي؟"، قائلاً خلال المقابلة: "نحن نعيش جميعاً في الكوكب الصغير البارد ذاته. لدينا واجبات تجاه العائلات، واجبات نحو المجتمعات التي نعيش فيها، واجبات تجاه جيراننا وتجاه العالم".

والثلاثاء الماضي، قدَّم "العبار"، وستيفن شوارزمان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "بلاكستون"، وجهات نظريهما للمستقبل، في جلسة نقاشية ضمن مؤتمر البحرين.

ويعدّ وجوده في مؤتمر يخص "صفقة القرن" له تأثير؛ لا سيما أن علاقاته مع "إسرائيل" وطيدة، ويعتبر أحد أهم المشجعين والداعمين لإعلان "الصفقة" والتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

تفاخر إسرائيلي بمقابلة

كما احتفى الإعلام الإسرائيلي بمقابلة أجراها، في البحرين، الثلاثاء (25 يونيو الحالي)، مع باحث سعودي يعتقد أن المسلم امتداد لأنبياء بني "إسرائيل"، وأن اللغة العبرية برأيه هي لغة أنبياء الله.

واستقبلت البحرين، لأول مرة في تاريخها، وسائل إعلام إسرائيلية، جاءت لتغطية "ورشة المنامة"، وعمِل فريق من البيت الأبيض الأمريكي على دخولها ومشاركتها.

وقال الباحث السعودي في الحضارات العربية القديمة، لؤي الشريف، باللغة العبرية التي يجيدها، لمراسلة وكالة البث الإسرائيلية الرسمية (كان): "أحب العبرية بسبب الأنبياء، والعبرية هي لسان أنبياء الله مثل الملك داود، وأشعيا، وأرميا، ودانيال، ويوشع، وأعتقد أن المسلم امتداد لأنبياء بني إسرائيل".

ويرى "الشريف" أن هذا العام سيحمل علامات الحل النهائي للصراع العربي الإسرائيلي، وأن الأمير محمد بن سلمان قد اختاره الله لتحقيق نبوءة أشعيا فيما يتعلق بالسلام بين الشعوب.

وأثارت هذه المقابلة النادرة والمثيرة كثيراً من الجدل وردود الفعل، بالنظر إلى عدم وجود أي علاقة رسمية بين السعودية و"إسرائيل"، التي اعتبرت هذا الحدث خرقاً إعلامياً وحضارياً مهمماً.

ونشر هذا الباحث مقاطع من اللقاء على حسابه في موقع "تويتر"، دون إيراد أي توضيح أو تفسير.

وهذه ليست المرة الأولى التي يمتدح فيها "الشريف" تل أبيب أو لغتها، ففي 19 مارس 2017، نشر تسجيلاً مصوّراً يطمئن فيه الإسرائيليين، باللغة العبرية، إلى أن بلاده لا تشكّل أي تهديد لجيرانها.

وسبق أن استغلّت الصّحف الإسرائيلية حديث "الشريف" لدعوة السعوديين إلى أن يقتدوا به ويتعلّموا اللغة العبرية، كما شرعت بعضُ وسائل الإعلام العبرية في الترويج للتطبيع "السعودي-الإسرائيلي".

كما شارك "الشريف" سابقاً في الترويج للسياحة إلى "إسرائيل"، وسط حالة من الغضب والجدل والدهشة تصدرت "تويتر" حينها.

ويعد الحضور السعودي والإماراتي والدعم البحريني لهذا المؤتمر تهديداً كبيراً للقضية الفلسطينية، وبداية طريق واضح للاتفاق مع "تل أبيب" وبناء دولة لهم تقوّض حقوق الفلسطينيين..

وافتتح كوشنر، الثلاثاء الماضي، الورشة برعاية أمريكية ومشاركة "إسرائيل" وعدد من الدول العربية، أبرزها السعودية والإمارات ومصر، ودول أخرى.

وأعلنت الفصائل الفلسطينية التصعيد السلمي ضد الاحتلال في مدن الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة المحاصر، كإحدى الفعاليات الرافضة لمؤتمر البحرين، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).

وواجهت الورشة رفضاً واسعاً من قِبل القيادة ورجال الأعمال الفلسطينيين داخلياً وخارجياً، رغم توجيه الولايات المتحدة الدعوات إليهم للحضور، حيث أراد المدعوون إرسال رسالة موحدة لترامب مفادها: "احتفِظ بأموالك"، بحسب ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وقبل أيام كشف كوشنر عن أول ملامح "صفقة القرن" التي تنوي بلاده طرحها، والمتمثلة بجلب استثماراتٍ قدرها 50 مليار دولار للأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان.

وتعتبر "صفقة القرن" مجموعة سياسات تعمل الإدارة الأمريكية الحالية على تطبيقها، رغم عدم الإعلان عنها، وهي تتطابق مع الرؤية اليمينية الإسرائيلية لحسم الصراع.