علاقات » ايراني

الإمارات تخذل السعودية.. انسحاب من اليمن وتراجع عن اتهام إيران

في 2019/06/29

الخليج أونلاين-

وسط الانطباع السائد بأن الإمارات فشلت في إنجاز مهمتها باليمن ضمن قوات التحالف السعودي، ومع تصاعد التوتر في منطقة الخليج، يبدو أن أبوظبي بدأت جدياً التفكير في خفض أعداد جنودها بذلك البلد.

في 28 يونيو الجاري، كشفت وكالة "رويترز" عن سحب السلطات الإماراتية جزءاً من قواتها في اليمن، بسبب ارتفاع حدة التوتر في منطقة الخليج بين إيران وأمريكا، ودخول الإمارات على الخط بعد استهداف 4 سفن في مينائها وإسقاط طائرة أمريكية مسيَّرة أقلعت من أراضيها.

وتنقل الوكالة عن دبلوماسيَّين اثنين قولهم: إن الإمارات "سحبت بعض القوات من ميناء عدن الجنوبي ومن الساحل الغربي لليمن"، وهما من أكثر المناطق التي توجد بها قوات إماراتية.

وخسرت الإمارات كثيراً، خلال السنوات الخمس التي شاركت فيها في حرب اليمن ضد الحوثيين، سواء من جنودها أو من سمعتها الخارجية التي أصبحت سيئة الصيت، وكذا الخسائر المادية.

خسائر مالية لقوات موالية!

تتحدث التقارير عن إنفاق الإمارات قرابة 1.3 مليار دولار شهرياً، على تدخُّلها في اليمن (16 مليار دولار سنوياً)، منذ انضمامها إلى تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن منذ مارس 2015.

لكن اللافت أن الإمارات منذ بدء الحرب وحتى اليوم، بَنت بتلك الأموال تشكيلات عسكرية عدة في الجنوب مناهضة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته، أي إن أبوظبي عملياً تصرفت ضد أهداف التحالف المعلنة.

وتدعم الإمارات مليشيات متمردة على السلطة مثل "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يدعو إلى انفصال جنوبي اليمن، وتنضوي تحته تشكيلات هي "النخبة الشبوانية، والنخبة الحضرمية، والحزام الأمني".

وتجنّد أبوظبي 64 ألف مجنَّد في قوات تحت إمرة الضباط الإماراتيين والمرتزقة الأجانب، إضافة إلى التشكيلات المسلحة اليمنية التي تأتمر بأمرها.  

سمعتها الخارجية

وخارجياً تلاحق القضايا والإداناتُ دولةَ الإمارات بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في اليمن، والتعذيب. وهذه القضايا لا تطارد السلطات الإماراتية وحدها، بل شركات مرتزقة عملت مع الإمارات في اليمن.

في شهر مارس 2019، تقدَّم مكتب محاماة فرنسي بدعاوى قضائية ضد مرتزقة فرنسيين يعملون لمصلحة شركة أمريكية خاصة، لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب ضمن النزاع اليمني، بتمويل من الإمارات.

وجاءت هذه الدعاوى بعدما كشف موقع "BuzzFeed" الإعلامي الأمريكي، أن الإمارات استعانت بشركة عسكرية أمريكية خاصة، نفذت عمليات اغتيال استهدفت قيادات حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، الذي تعتبره الإمارات تنظيماً إرهابياً وذراع "الإخوان المسلمين" في اليمن.

وحسب معلومات الموقع، فإن الشركة الأمريكية التي نفذت تلك العمليات هي "Spear Operations Group"، وتتخذ من ولاية ديلاوير الأمريكية مقراً لها.

وفي الولايات المتحدة أقر الكونغرس وقف تسليح الإمارات والسعودية، بسبب جرائم حرب في اليمن.

ونهاية العام الماضي رفعت منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات "عدل" دعوى مدعومة بـ1000 وثيقة وشهادة أمام محكمة الجنايات في باريس ضد محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، تتهم الدولة بالضلوع في جرائم حرب باليمن.

قتلاها من الجنود والمرتزقة

خسرت الإمارات في تدخلاتها العسكرية خارج حدودها، منذ عام 2015 وحتى يونيو 2018، قرابة 111 فرداً من قواتها العسكرية، أغلبهم في اليمن، وفقاً لورقة بحثية أصدرها مركز "إيماسك" للدراسات.

وتمتلك الإمارات، حسب الدراسة، 3 أنواع من القوات في اليمن: النوع الأول قوامه 1500 جندي وضابط من الجيش الإماراتي يؤدون غالباً مهام تدريبية. أما القوة الثانية فتتشكل من مجندين يمنيين يتلقون التدريب والتمويل والتسليح والأوامر أيضاً من الإمارات، ولا يخضعون لإشراف قيادة الجيش اليمني.

والقوة الثالثة تتكوّن من مجندين من المرتزقة الدوليين بعدد تقريبي (1800 مجند/ مرتزق) من كولومبيا وبنما وسلفادور وتشيلي وإريتريا، ويتبعون هيكلياً لقوة حرس الرئاسة الإماراتية.

وذكرت دورية "إنتليجينس" الاستخباراتية، في يونيو 2018، أن "الإمارات استأجرت ضباطاً أمريكيين سابقين حاربوا في العراق وأفغانستان، لتحسين أداء قواتها باليمن، وهو ما يعني نفقات إضافية تُضم إلى خسائرها هناك".

وكانت أكبر ضربة تلقتها الإمارات، بمقتل 48 في هجوم واحد بمأرب (45 قُتلوا في يوم الهجوم نفسه 4 سبتمبر 2015، و3 توفوا في أكتوبر متأثرين بجراحهم).

رفض شعبي في اليمن

في الأشهر الأخيرة، تصاعدت في اليمن المطالبات بطرد دولة الإمارات من التحالف، بسبب استمرارها في دعم المليشيا الانفصالية، ومحاولتها السيطرة على المناطق الجنوبية باليمن.

ومؤخراً أطلق ناشطون في اليمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسم (هاشتاغ) "#طرد_الإمارات_مطلب_شعبي"، لمطالبة رئيس البلاد بتحقيق هذا الأمر.

وسبق أن اعترف وزير الخارجية المستقيل خالد اليماني، مطلع أبريل الماضي، بوجود "خلل" بين بلاده والتحالف بقيادة السعودية، قائلاً إن الحكومة "الشرعية" لم تستطع إقامة شراكة حقيقية مع التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأواخر فبراير الماضي، دعا نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، إلى "تصويب" العلاقة مع التحالف، وقال إن خللاً يشوبها، مشيراً إلى أن جهات تنازع سلطات وزارته بالتحكم في الملف الأمني بعدن.

كما وُجِّهت الاتهامات إلى الإمارات بالتسبب في منع عودة الرئيس اليمني إلى بلاده، إضافة إلى محاولتها المستمرة السيطرة على جزيرة سقطرى، والتي فجرت أزمة كبيرة بين الحكومة اليمنية وأبوظبي منتصف العام الماضي.

تهديدات الحوثيين ترعب أبوظبي

ولعل أبرز ما أغضب الشارع اليمني، تجاهل الإمارات مطلبهم المتعلق بتحرير العاصمة صنعاء من الحوثيين، حيث جاءت بقواتها إلى اليمن من أجل ذلك، لكنها اكتفت بالإسهام في تحرير المناطق الجنوبية.

ويرى اليمنيون أن أطماع أبوظبي في جنوبي اليمن، وتهديدات الحوثيين باستهداف منشآت ومواقع إماراتية وفي مقدمتها المطارات، أخافتها كثيراً وقللت من حدة عملياتها العسكرية ضد الحوثيين باليمن.

وتخشى الإمارات أيضاً أن يتأثر اقتصادها من جراء هجمات الحوثيين، الذين يمتلكون طائرات مسيَّرة، وصلت سابقاً إلى مطار أبوظبي وتسببت في توقف حركة الطيران ساعاتٍ، كان آخرها في 11 يونيو الجاري.

كما أن الصراع مع إيران الذي تشهده منطقة الخليج، تخشى أبوظبي أن يتسبب في سقوط مزيد من الضحايا بقواتها في اليمن، من خلال هجمات الحوثيين "المدعومين إيرانياً" سواء في الحديدة أو بمناطق التماس؛ وهو ما دفعها مؤخراً إلى سحب جزء من تلك القوات إلى البلاد، لتفادي الهجمات ولحماية بلادها أيضاً من أي معركة أو حرب قادمة مع طهران.

وعلى غير عادتها وعكس سياساتها الهجومية الدائمة تجاه إيران، تراجعت الإمارات عن تحميل طهران المسؤولية عن الهجوم الذي استهدف ناقلات النفط بميناء الفجيرة في 12 مايو الماضي، وهو ما يعدُّ تحوُّلاً في لغة الخطاب الإماراتية التحريضية ضد الإيرانيين.

وقال وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، الأربعاء الماضي، إن بلاده لا يمكن أن تحمل أي دولةٍ مسؤولية الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط، لعدم كفاية المعلومات.

وأضاف بن زايد في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في العاصمة الروسية موسكو: إن "أبوظبي تدعم جهود المبعوث الدولي لليمن"، متعهداً بالعمل مع الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة.

ويرى البعض في هذا الموقف خذلاناً للحليف السعودي، الذي دأب على تحميل طهران المسؤولية عن أزمات المنطقة، إذ أسهمت التصريحات السعودية في إشعال التوتر بين واشنطن وطهران مؤخراً، وتصعيد احتمالات المواجهة، خاصة بعد الهجوم على السفن النفطية في خليج عُمان.