علاقات » اميركي

قاعدة "الظعاين" القطرية.. تأمين بحري وسط "فوضى الناقلات"

في 2019/07/16

متابعات-

دُشِّنت في قَطر أكبر قاعدة بَحرية متخصصة بأمن الحدود وحراسة الموانئ والمنشآت النفطية، في وقت تشهد فيه المنطقة توتراً بين طهران وواشنطن.

القاعدة البحرية التي تحمل اسم "الظعاين"، تقع في منتصف الساحل الشرقي للإمارة بمنطقة سميسمة، على بُعد نحو 30 كم شمالي الدوحة، قبالة إيران التي تبعد نحو 230 كم عن قطر.

وكان اللافت خلال افتتاح رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، القاعدة في 14 يوليو الجاري، مشاركة كبار المسؤولين القطريين وسفراء وعسكريين أجانب، بينهم اللواء بحري جيم مالوي قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، والعميد بحري أحمد كندير قائد أمن السواحل التركي، ومبارك العميري المدير العام لخفر السواحل الكويتية.

قاعدة الظعاين

بحسب وزارة الداخلية القطرية، تبلغ مساحة القاعدة نحو 639 ألفاً و800 متر مربع، وبها ميناء بعمق 6 أمتار.

وتضم القاعدة "جميع المتطلبات الأمنية البحرية المتطورة بما يسهم في تأمين الحدود البحرية للدولة، وإحكام الرقابة والحماية الأمنية لكل سواحلها من خلال تسيير الدوريات البحرية في نطاق الاختصاص، لمنع عمليات التسلل وتهريب المواد الممنوعة، وضبط المخالفات البحرية".

وأوضحت الداخلية القطرية أن القاعدة ستقدّم أيضاً "خدمات بَحرية للمواطنين والمقيمين بالمستوى نفسه، من حيث كفاءة الأداء".

وتم إنشاء القاعدة "وفق نموذج يراعي مهام واختصاصات الإدارة العامة لأمن السواحل والحدود، ويستوعب إداراتها كافة، فضلاً عن ميناء بحري متطور بعمق ستة أمتار، إلى جانب المرافق الأخرى الرياضية والتدريبية والطبية، والدفاع المدني، وورش التصنيع والصيانة، وغرف العمليات، وسكن الضباط، وغيرها من المرافق".

إضافة نوعية لقطر

وقال اللواء الركن سعد بن جاسم الخليفي مدير الأمن العام بقطر، إن قاعدة الظعاين البحرية "تعد نقلة نوعية في مجال عمل أمن السواحل والحدود، لما تتمتع به من إمكانات عالية على المستويات كافة، وبما يناسب طبيعة عمل الإدارة العامة لأمن السواحل والحدود، وبما يسهم في رفع مستوى الأداء والقدرة على التميُّز، وتلبية متطلبات الأمن البحري العصري".

في حين قال عبد الله المريخي، الضابط بخفر السواحل القطري، رداً على سؤال للصحفيين على هامش حفل الافتتاح: إن الدوحة "تملك أكثر من 16 مركزاً بحرياً (…)، ولدينا الآن هذه القاعدة هنا وأخرى في ميناء حمد (20 كم جنوبي الدوحة)، لكن هذه هي الأكبر".

كما نقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" عن المدير العام لخفر السواحل الكويتية مبارك العميري، قوله إن قاعدة الظعاين البحرية القطرية تملك أحدث التجهيزات، وتعد إضافة قوية في مجال أمن الحدود.

وأشاد العميري، على هامش مشاركته في الافتتاح، بالعلاقات العسكرية القائمة بين الكويت وقطر.

رسائل تدشينها

جاء افتتاح القاعدة البحرية في وقت تناقش فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها خططاً لتأمين ناقلات النفط في الخليج، وفق ما أعلنه الجنرال مارك مايلي، المرشح لتولي رئاسة هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، أمام مجلس الشيوخ، بعدما هددت سفن عسكرية إيرانية ناقلة بريطانية.

ويتصاعد التوتر في منطقة الخليج منذ مايو الماضي، وتفاقم مع تعرُّض ناقلات نفط بالخليج لهجمات اتّهمت الولاياتُ المتحدة إيران بتدبيرها رغم نفي طهران، وسط تهديد إيراني بإغلاق مضيق هرمز رداً على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

وانسحبت واشنطن من الاتفاق النووي في مايو 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران استهدفت قطاعيها النفطي والمالي.

والأسبوع الماضي، أعلنت بريطانيا أن سفناً إيرانية حاولت "منع مرور" ناقلة نفط بريطانية من مضيق هرمز.

وتسعى واشنطن في ضوء هذا التوتر لتشكيل تحالف "بشأن تأمين مواكبة عسكرية وبَحرية للشحن التجاري"، بحسب إفادة الجنرال مارك مايلي أمام الكونغرس.

علاقات قطرية أمريكية

قائد القوات البحرية في القيادة المركزية الأمريكية الوسطى، قائد الأسطول الخامس الأمريكي، أشاد بدوره بمستوى العلاقات والتعاون في المجالين العسكري والأمني بين بلاده ودولة قطر.

وقال الفريق بحري، جيمس مالوي، إن بلاده لديها علاقات طويلة مع الجيش القطري والبحرية وخفر السواحل، "ونعمل معاً بشكل وثيق، ونتطلع إلى زيادة التنسيق والتعاون مع القوات البحرية وخفر السواحل في المستقبل".

وأضاف في تصريح للصحفيين على هامش مشاركته في حفل افتتاح قاعدة "الظعاين" البحرية: "نحن نتعاون لتعزيز الأمن، فلدينا مخاوف مشتركة في الأمن البحري بهذه المنطقة (الخليج العربي)".

وأشار إلى أن "لدينا (مع قطر) الأهداف والمهام نفسها، ونتطلع إلى تعاون أكبر والعمل معاً في كل فرصة، مع نمو القدرة لدى البحرية القطرية وخفر السواحل".

كما أشاد بالإمكانات والتجهيزات التي تتمتع بها القاعدة الجديدة، قائلاً: "إنها خطوة مهمة لتحسين قدرة خفر السواحل".

دلالة التوقيت

يعد التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الإرهاب بالمنطقة من أهم مرتكزات التعاون بين الدوحة وواشنطن، حيث تستضيف قطر مقر القيادة المركزية للجيش الأمريكي، التي تشرف على الأعمال العسكرية للولايات المتحدة في بلدان عدة، بينها سوريا واليمن والعراق وأفغانستان.

وجاء افتتاح هذه القاعدة، بعد أيام فقط من زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للعاصمة الأمريكية واشنطن، في الـ8 من يوليو الجاري، والتي التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتمثل البحرية وخفر السواحل بقطر أكبر مساهمة بحرية في فرقة العمل 152، التي تعمل تحت قيادة الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، والتابعة للقوة البحرية المشتركة (CMF) المكونة من 33 دولة.

وتعزز هذه القوة مهام الأمن الإقليمي من خلال توفير رادع للجرائم البحرية في الخليج العربي، حيث تم تعزيز القوة والشراكة بزيارة أكبر سفينة بَحرية أمريكية لقطر، في أكتوبر 2018.

وتعد مكافحة الإرهاب من القضايا المهمة التي تشغل المجتمع الدولي، وأرست الدوحة وواشنطن شراكة في هذا المجال من خلال مذكرة التفاهم حول مكافحة الإرهاب والتي تم التوقيع عليها في 11 يوليو 2017.

فشل الحصار 

ويعد افتتاح هذه القاعدة العسكرية فشلاً آخر لدول الحصار، التي لم تستطع إيقاف نمو قوة قطر العسكرية والأمنية، حيث تمكنت الدوحة من استثمار الحصار الذي فرضته عليها الدول الأربع، وحوَّلت تبعاته إلى مكاسب كبيرة، تُوِّجت بصفقات عملاقة لتقوية قواتها العسكرية.

كما تُعتبر مشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول في افتتاح قاعدة الظعاين، تكذيباً لكل التهم التي وجهتها دول الحصار إلى قطر، وتأكيداً للدور الذي تؤديه قطر في محاربة الإرهاب.

ولم يستطع الحصار إجبار الدوحة على الانكماش على نفسها، بل دفعها إلى كسر عزلتها، وتمكنت من توقيع عقود كبيرة، في العامين الماضيين، مع عدة دول وشركات أوروبية، هدفت إلى تعزيز قواتها بمختلف الأسلحة من الطائرات والمدرعات والدبابات، إضافة إلى أمنها الإلكتروني الدفاعي، ونفذت تمارين عسكرية مختلفة، توَّجتها مؤخراً بافتتاح هذه القاعدة.

وقبل عامين (5 يونيو 2017)، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع دولة قطر، وفرضت حصاراً دبلوماسياً واقتصادياً وبرياً وبحرياً وجوياً على الدوحة.