سياسة وأمن » تصريحات

البندر يهدد عرش آل خليفة من جديد.. هل يعيد "ووترغيت"؟

في 2019/07/17

الخليج أونلاين-

مرة أخرى يعود صلاح البندر، الرجل الذي كان مقرباً من الديوان الملكي البحريني، للحديث عن "مؤامرات" خطيرة أكد أنها تُحاك بأمر من العاهل البحريني والمجموعة التي تدير الحكم في البلاد، وتستهدف من خلالها البحرينيين.

جاء ذلك في حلقة من برنامج "ما خفي أعظم" الذي يقدم على قناة الجزيرة الفضائية، في حلقة عُرضت الأحد الماضي.

وتوصل التحقيق في حلقة البرنامج إلى أن البحرين سعت إلى إلصاق تهمة الإرهاب بمعارضيها، كاشفاً ما أرادت سلطات المنامة إخفاءه.

وقال صلاح البندر، المستشار السابق في الديوان البحريني، في شهادته: إن "الديوان (الملكي في البحرين) موَّل قيام جماعات وأجهزة رديفة داخل الدولة بهدف العبث بالمشهد السياسي والتحشيد الطائفي السُّنّي في وجه المعارضين الشيعة".

وأضاف: "تم إنشاء جهاز سري مهمته إعداد أجهزة رديفة لمؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات تعمل على الانتخابات، وإعداد مخطط هيكلي لعزل الشيعة عن السُّنة بالكامل".

وأشار إلى أن من "أهم الملفات المخطط الهيكلي لعزل الشيعة عن السُّنة، والتمويل كان من الديوان الملكي (البحريني) نفسه".

واستعرض التحقيق، الذي عرضته قناة "الجزيرة"، شهادات حية وتسجيلات تعود لعام 2011، تفضح العلاقة السرية بين المخابرات البحرينية وقيادات في تنظيم "القاعدة"، لاستهداف رموز المعارضة وشيطنتها، وتنفيذ أجندة سياسية داخلياً وخارجياً، بتوجيه من ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، مباشرة.

من هو صلاح البندر؟

محمد صلاح الدين البندر من مواليد مدينة أم درمان 1955، وهو ينتمي لأسرة بندر المشهورة بأم درمان.

جاء انتماؤه السياسي مبكراً لليسار السوداني، وطبقاً للمتاح من المعلومات فقد كان هذا الانتماء منذ بواكير سنوات عمره الدراسية في المرحلة المتوسطة، ووقتها نشط في إصدار صحيفة حائطية اتخذ لها اسم القرض.

تلقى البندر تعليمه الجامعي بجامعة الإسكندرية، حاملاً تخصصاً في علم الوراثة، قبل أن ينال منحة ماجستير في علم الهندسة الوراثية بذات الجامعة، بالإضافة للعلوم السياسية.

يعرف عن البندر حبه للفن، وتميزه بمواهب فنية متعددة؛ إذ كان يعد خطاط جامعة الإسكندرية الأول، ويُعرف عنه أيضاً حبه للكاريكاتير، ويعتبره البعض (كاريكاتيرست) من الطراز الأول، فضلاً عن حبه للرسم.

السياسة وانتماؤه اليساري لم يفارقه في الجامعة، وعُرف عنه تأسيسه للجبهة الديمقراطية بجامعة الإسكندرية، واستطاع مراراً أن يحصل على بعض المقاعد في عدد من دورات اتحاد الطلاب الجامعيين السودانيين.

وقادته حياته الجامعية إلى بريطانيا، حيث استقر بها طالباً، ثم باحثاً في جامعة كامبريدج، وأسس مركزاً للبحوث الأفريقية، ومركزاً آخر للحريات.

وظل صلاح البندر مهموماً وهو يعمل في كامبريدج بموضوع تنمية القدرات العربية ورفع الكفاءات، وله كتابات مهمة عن الاستدامة للموارد العربية في البلدان المختلفة.

نمّى صلاح أسلوباً واتجاهاً محدداً لبناء الشخصية العربية في مواجهة تحديات العولمة، وضرورات الإصلاح السياسي والهيكلي للأنظمة العربية المختلفة، وله في ذلك كتابات ونظريات وموجهات دفعته إليها دائماً رغبته في أن يرى بلدان الأمة العربية وقد ارتقى سلوكها وتوجهها نحو بناء الإنسان والذات العربية.

منحته بريطانيا الجنسية، وشغل منصب الباحث والأستاذ بجامعة كامبريدج، قبل أن ينتقل للعمل في البحرين، في يناير 2002، بصفة مستشار للتخطيط الاستراتيجي بالديوان الملكي البحريني، قبل أن يعار إلى وزارة شؤون مجلس الوزراء، في يناير 2006.

شغل البندر ضمن نشاطاته الأخرى منصب الأمين العام لمنظمة "مواطن" مركز الخليج للتنمية الديمقراطية، وهي منظمة غير حكومية مسجلة في لندن، فضلاً عن أنه وبحكم أنه مواطن بريطاني شغل منصب عضو في مجلس مدينة كامبريدج عن حزب الديمقراطيين الأحرار؛ من 2008 إلى 2012، قبل أن يغادر الحزب في عام 2015.

البندر والمؤامرة السياسية

حياة البندر انقلبت رأساً على عقب في سبتمبر 2006؛ عقب إصداره تقريراً عن مركز الخليج للتنمية الديمقراطية يتناول في 240 صفحة ما وُصِفَ بالمؤامرة السياسية على الشيعة في البحرين بتورُّط شخصيات سيادية في البحرين، لتعمل السلطات هناك على ترحيله إلى بريطانيا، في 13 سبتمبر 2006.

في تقريره كان صلاح البندر قد أزاح الستار عن المخططات التي تحاك وراء الستار ضد أبناء الشعب البحريني، وما أسماه بمشروع "الكذبة الكبيرة" التي يرعاها الملك، حمد بن عيسى آل خليفة، موجهاً الأنظار إلى الوجه الحقيقي لما يسمى "مشروع الإصلاح".

التقرير الذي شاركه في إعداده 13 آخرون، احتوى على 220 صفحة، وقال البندر إنه لم يذكر فيه إلا الأمور التي ثبتت له بالدليل القاطع، بعد الفحص والتدقيق لمرات، أما النقاط التي تمت في إطار الظن والشكوك فإنه لم يدرجها؛ لكيلا تضعف تقريرة العلمي المدروس والموثق بالبراهين والأدلة القطعية، كما يقول.

وذكر في تقريره أن البحرين تدار من خلال شبكة مخابراتية سرية، تتخذ من مركز الإحصاء الكائن في المدينة مقراً لها، قرب دوار الشرطة، ولا تدار من الديوان أو رئاسة الوزراء.

وأضاف أن قادة البحرين السياسيين أعطوا كل الصلاحيات لثلة، وسخّروا لهم الأموال الطائلة لتنفيذ مخططاتهم ضد أبناء الشعب.

ولم يستبعد البندر أن تكون تلك الثلة ضمن مخططات التصفيات جسدية لمناوئي النظام، من أمثال أفراد "حركة حق".

وأدرج في تقريره عدداً من الشخصيات الذين يتم تمويلهم من قبل جهاز سري تابع للملك، وتصرف لهم شيكات.

بندر غيت

يذكر البندر في حديث لمعارضين بحرينيين، بحسب ما نشر موقع "سودانيز أونلاين" في وقت سابق، أنه تعرض للاعتقال عقب نشره التقرير.

ووفق قوله، تمت مداهمة مكتبه بالمنامة من قبل رجال أمن في زي مدني، وبادروا إلى تقييده وحشره في زاوية، وتوجيه لكمات إلى وجهه طيلة مدة التفتيش التي استمرت قرابة ساعتين.

وأشار إلى أنهم صادروا كل محتويات المكتب، ومن ضمن ذلك الأجهزة، ونُقلت في خمس سيارات تابعة لرجال الأمن.

ومن ثم نُقل إلى المطار فقط بنعله وجلابيته السودانية وجواز سفره وتلفونه النقال، بحسب قوله، دون أن يُسمح له حتى بأخذ نقود أو أي شيء آخر، بعد أن صادروا كل شيء، ومن ذلك محفظته وبطاقاته الشخصية والبنكية. 

من جهة أخرى تمت مهاجمة منزله الكائن في الرفاع بصورة لا تقل همجية عن مداهمة مكتبه، وأيضاً تمت مصادرة كل ممتلكاته الشخصية، وفق حديثه.

وحينذاك، تحول هذا التقرير إلى قضية كبيرة هزت البحرين، وأطلقت عليها الصحافة اسم "بندر غيت"؛ معتبرين أنها تشبه في أهميتها وخطورتها قضية "ووترغيت"، التي تعتبر أكبر فضيحة سياسية في تاريخ أمريكا، ووقعت عام 1968.