اقتصاد » علاقات واستثمارات

قطر وباكستان.. علاقات متينة تعكسها لقاءات استراتيجية

في 2019/07/25

متابعات-

تواصل دولة قطر تعزيز وجودها دولياً بمزيد من الاتفاقيات، كلّلتها بتعاون جديد مع الشريكة الاستراتيجية جمهورية باكستان الإسلامية، لتُوثق معها علاقاتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية بشكل أكبر، وتوسّع مجالات الارتباط بينهما.

آخر التطورات التي يشهدها البلدان الصديقان جرت خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى الدوحة، أثناء رحلة عودته من الولايات المتحدة، التقى خلالها نظيره رئيس وزراء قطر الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، الأمر الذي عكس مكانة الدوحة في التشاور معها في القضايا التي تهم البلدين والمنطقة، وجعلها محطة لجولات "خان" الخارجية.

وفي أواخر يونيو الماضي أجرى أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، زيارة تاريخية للعاصمة الباكستانية إسلام آباد، تناولت سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، كما وقع الطرفان سلسلة اتفاقيات استراتيجية.

وأبرم الجانبان مذكرة تفاهم بشأن تأسيس مجموعة العمل القطرية الباكستانية المشتركة المعنية بالتجارة والاستثمار، بين وزارة التجارة والصناعة بدولة قطر ووزارة التجارة والمنسوجات في باكستان، تهدف إلى توسيع آفاق التعاون التجاري والاستثماري ودعم التواصل، وتعزيز الثقة بين البلدين بهدف دفع عجلة النمو الاقتصادي.

كما وقع الطرفان مذكرة تفاهم للتعاون في المجالين السياحي وفعاليات الأعمال، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال تبادل التحريات المالية المتعلقة بغسل الأموال والجريمة الأصلية المرتبطة بها وتمويل الإرهاب، بين وحدة المعلومات المالية بدولة قطر ووحدة المراقبة المالية في باكستان، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون بينهما للحد من عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما بصورة فاعلة.

وعقب هذه الزيارة التاريخية نشر رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، مقطعاً مصوراً على حسابه بموقع "إنستغرام"، أشاد فيه ببعض إنجازات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وقال "خان"، في الفيديو الذي نشره 24 يونيو: إن "أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في باكستان. تميم معروف جيداً بجعله قطر في دائرة الأضواء العالمية".

ولفت إلى الدور الذي أداه أمير قطر في عالم الفعاليات الرياضية، وضمن ذلك "كسبه حق استضافة كأس العالم لعام 2022 " في بلاده.

وسبق أن أجرى "خان" زيارة رسمية للعاصمة الدوحة، في يناير الماضي، استمرت عدة أيام، والتقى خلالها الأميرَ ورئيس الوزراء القطري، كما عقد اجتماعاً موسعاً مع رجال أعمال قطريين باستضافة غرفة تجارة قطر.

وعلى الرغم من الحصار الذي فُرض على الدوحة منذ يونيو 2017، تستمر باكستان في توطيد علاقاتها مع قطر.

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية اتخذت إسلام آباد موقفاً وسطاً، داعية إلى الحوار لحل الأزمة من خلال المفاوضات.

ومع بداية الحصار دشنت قطر خطاً ملاحياً مباشراً مع باكستان، عززت به حركة الصادرات والواردات بينهما، حيث حققت الصادرات الباكستانية إلى قطر نمواً بنسبة 70%.

تفاهم عسكري

وترتبط قطر مع باكستان بعلاقات اقتصادية وعسكرية قوية، ووقعتا خلالها عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون العسكري؛ تشمل "الاتفاق المتعلق بانتداب أفراد القوات المسلحة الباكستانية إلى قطر عام 1985"، و"التعاون الدفاعي عام 2010"، و"مذكرة تفاهم لأنشطة البحث والتعاون الأكاديمية عام 2016".

وجرت بينهما تدريبات عسكرية، ففي مارس 2018 أجرت القوات البحرية الأميرية القطرية، بالاشتراك مع القوات البحرية الباكستانية، تمرينات "أسد البحر 1" في المياه الإقليمية لدولة قطر، وتضمن التمرين المشترك تدريبات على أساليب وطرق اقتحام السفن، والدفاع عن حقول النفط والغاز، ومكافحة عمليات القرصنة البحرية والتهريب.

وكان رئيس الوزراء الباكستاني السابق، نواز شريف، قد صرح خلال اجتماع عقده مع وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد العطية، بإسلام آباد، في أكتوبر 2016، بأن باكستان وقطر وتركيا لديها القدرة على إنشاء مشروعات مشتركة، لتصنيع معدات عسكرية دفاعية، مؤكداً أن "بلاده جاهزة لدعم قطر في جميع المجالات". 

وقال العطية حينها: إن "بلاده ستعمل على تأسيس أكاديمية للتدريب، لمواجهة الإرهاب، والعدو غير التقليدي (دون أن يحدده)، وستسعى للحصول على خدمات وخبرات المدربين الباكستانيين، لنقل دورات التدريب إلى هناك".

وأعرب العطية أيضاً عن رغبة بلاده في شراء طائرات من طراز "سوبر موشاك" (طائرة تدريب باكستانية أُنتجت في 1995)، و"جاي إف - 17 ثاندر".

وفي العام ذاته (2016)، تم توقيع اتفاقيات على شراء القوات المسلحة القطرية ثماني طائرات من طراز "سوبر موشاك" من شركة "باكستان إيروناتيكل كامبكليكس – كامرا".

اتفاقيات اقتصادية 

وتولي إسلام آباد علاقاتها مع الدوحة أهمية بالغة، لتماثل الثقافة والدين بينهما وفق ما تبينه القنصلية العامة لدولة قطر في كراتشي بجمهورية باكستان، على موقعها الإلكتروني.

وأسهمت اتفاقية توريد الغاز الطبيعي المسال من قطر في ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الدوحة وإسلام آباد.

وكانت قطر وباكستان قد وقعتا مطلع عام 2016، اتفاقاً مدته 15 عاماً لاستيراد 1.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، مع إمكانية زيادة الكمية إلى 2.3 مليون طن، وذلك بقيمة بلغت 15 مليار دولار.

ومن الأصناف الرئيسة التي تُصدَّر من باكستان إلى قطر: الأرز، والجلود، والغزل والنسيج والقطن والقماش المنسوج؛ واللحوم.

كما تستورد قطر من باكستان النفط والغاز والبلاستيك والمواد الكيميائية العضوية، والحديد.

ويتبادل البلدانِ استثمارات في عديد من القطاعات الرئيسة، وهي: الأعمال المصرفية والتأمين، والخدمات وضمن ذلك السياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والنفط والغاز.

ويتركز الاستثمار الباكستاني في قطر بشكل رئيس، في قطاعات العقارات وآلات البناء وصناعة الخدمات التقنية.

كما يؤدي رجال الأعمال والمهنيون الباكستانيون بقطر دوراً رئيساً في القطاعات المصرفية والطبية والبناء، وتم مؤخراً اتفاق بين حكومة البلدين لتعزيز العمالة الباكستانية إلى 100 ألف عامل.

وللحكومة القطرية علاقات مميزة مع باكستان، وتعتزم توسيع تعاونها في المجالات الاقتصادية والدفاعية والسياسية، لتحقيق النمو المتبادل والمنفعة لكلا البلدين.

ارتفاع كبير بالتجارة

وفي وقت سابق، أعلن وزير التجارة والصناعة القطري علي بن أحمد الكواري، أن العلاقات التجارية مع باكستان شهدت دفعة قوية خلال السنوات العشر الماضية، وانعكس ذلك على النمو الملحوظ في حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث ارتفع بنسبة 233% خلال عام 2018، ليصل إلى 2.6 مليار دولار مقارنة بـ782 مليوناً عام 2016.

وخلال افتتاح مؤتمر باكستان-قطر للتجارة والاستثمار، في مارس 2019، قال الكواري إن البلدين تربطهما علاقات متينة منذ تسعينيات القرن الماضي، داعياً إلى تسريع إنشاء مجلس الأعمال القطري الباكستاني لتشجيع رجال الأعمال على استكشاف الفرص الاستثمارية الرائدة في كلا البلدين.

وأشار الكواري إلى وجود 1488 شركة في الدوحة برأسمال مشترك، تعمل في مجالات الطاقة والمقاولات وصناعة البلاستيك وتأجير المعدات الثقيلة، كما تحتضن قطر سبع شركات برأسمال باكستاني بنسبة 100%.

وحققت التجارة الخارجية لقطر -وفق الكواري- فائضاً عام 2018 بقيمة 52 مليار دولار، وبنسبة نمو بلغت 40% مقارنة بعام 2017، مع نمو صادراتها بنسبة 25%.

وعقب أيام قليلة من تصريحات الكواري، كشف رئيس مجلس الاستثمار الباكستاني، هارون شريف، خلال زيارة للدوحة في مارس 2019، أن بلاده قدمت عرضاً ضخماً لقطر يتضمن 30 مشروعاً حكومياً واستثمارات بقيمة 10 مليارات دولار.

ولفت شريف، في مارس الماضي، إلى أنه من المنتظر أن يوقع الجانبان على 3 أو 5 مذكرات تفاهم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، تشمل عدداً من القطاعات، من بينها الفنادق والمنتجعات ومحطات توليد الكهرباء والشركات الكبيرة المدرجة، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية وغيرها.

وتتمركز الاستثمارات القطرية في باكستان بالقطاع المالي والتأمين، وفق شريف، الذي تطرق إلى القفزات التي حققتها الصادرات الباكستانية إلى قطر في أعقاب الحصار، حيث وصلت إلى أكثر من 89 مليون دولار خلال السنة المالية من يوليو 2017 إلى يونيو 2018، بعدما كانت خلال الفترة ذاتها من العام السابق، عند 52 مليون دولار، وبهذا تكون الصادرات الباكستانية إلى قطر زادت بنسبة تزيد على 70% خلال الفترة المذكورة.

وفي مجال استيراد الغاز الطبيعي، تعد قطر أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي المسال إلى باكستان، التي تستورد الغاز القطري عبر محطتين، في حين تخطط لبناء محطتين إضافيتين لاستيراد مزيد من غاز قطر بالمستقبل، بالإضافة إلى مزيد من واردات البتروكيماويات القطرية، فضلاً عن آفاق التبادل التجاري الأخرى، والاستفادة من فوائد القرب الجغرافي بين البلدين، وفق ما بيَّنه شريف.