دول » دول مجلس التعاون

إشهار للتطبيع وتدخل بأمن الخليج.. إلى ماذا تسعى "إسرائيل"؟

في 2019/08/07

الخليج أونلاين-

تدخل "إسرائيل" من أوسع الأبواب لتستغل الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط، وتقوّي علاقاتها مع دول الخليج العربي، محاولة تعزيز أمنهم في المياه الإقليمية وصد العداء الإيراني، محققة عقبها أهدافاً سياسية واستراتيجية.

وفي ظل احتدام الموقف بين إيران ودول عربية وغربية، وجدت "إسرائيل" فرصة لتعميق تطبيعها من دولٍ خليجية بحجة المساهمة بحماية الملاحة البحرية لمضيق هرمز وتعزيز الأمن، تحت قيادة الولايات المتحدة وبترحيب إماراتي.

وتحاول "تل أبيب" أن تربط سعيها لتوثيق العلاقات مع الدول الخليجية بتحقيق "التكامل الأمني" في الشرق الأوسط، وذلك أمام مخاوف كبيرة لدى دول الخليج من الخطر الإيراني الذي يهدد المنطقة، وعبر هذه البوابة تستطيع فيما بعد أن تنتقل لأبواب أخرى تتأسس من خلالها بنية تحتية لعلاقات سياسية ودبلوماسية وأمنية أخرى مع دول عربية وغربية.

وطرحت الولايات المتحدة فكرة التحالف البحري لحماية سفن الشحن من مضيق هرمز ، في يونيو الماضي، بعد عدة هجمات على الخليج العربي، والتي ألقت واشنطن باللوم فيها على طهران، لكن الأخيرة تنفي ذلك.

وكانت بريطانيا هي الدولة الوحيدة التي وافقت أن تشارك في هذا التحالف حتى الآن، وسط مخاوف لدى حلفاء أمريكا من جرهم إلى صراع مع إيران.

اندماج "تل أبيب" في أمن الخليج

وفي علانية جريئة للتطبيع وإشهار غير مسبوق للعلاقات، تخرج التصريحات من "تل أبيب" لتبين أن هناك ما يجري ومخطط له لتعاون غير مسبوق مع الدول الخليجية، عقب تقارب خفي جرى خلال الآونة الأخيرة بين "إسرائيل" وجيرانها.

وصرح زير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الثلاثاء (6 أغسطس الجاري)، بأن زيارة علنية أجراها إلى الإمارات مطلع الشهر الماضي، كانت بهدف التطبيع علناً مع دول خليجية والمشاركة في حماية الملاحة بالخليج وذلك بدعم كامل من نتنياهو.

وأصدر كاتس تعليماته، أمس، إلى وزارة خارجية الاحتلال للعمل مع جميع الأطراف المعنية في "إسرائيل" والحكومة الأمريكية لضمان اندماج "تل أبيب" في أمن الخليج، وفق ما نقلت صحف عبرية.

ولم يحدد كاتس ما إذا كانت "إسرائيل" سترسل سفن بحرية للمشاركة في المهمة التي تقودها الولايات المتحدة.

وكانت أفادت مواقع عبرية بأنه من غير المتوقع أن ترسل "إسرائيل" سفن لكنها ستوفر معلومات استخبارية.

أهداف ومساعٍ إسرائيلية

ولإسرائيل أهداف كثيرة عبر تمكين نفسها في الخليج، منها النفط، وتأثير الدول الخليجية على القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الدعم المالي الخليجي.

كما أنه من خلال هذه المساعي تحاول "إسرائيل" أن تحرف البوصلة عن المطالبات الفلسطينية والدولية إثر انتهاكاتها وجرائمها، لتتماشى مع الشارع العربي والغربي في المطالبة بوقف العدوان الإيراني.

ويرى خبراء أن هذا التحرك الإسرائيلي في الخليج، يعتزم من خلاله رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو دعم حليفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك وفق ما أورد موقع "NHK" الياباني، اليوم الأربعاء (7 أغسطس الجاري).

وفي هذا السياق، أشار المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" العبري، رون بن يشاي، إلى أن المساهمة الإسرائيلية في التحالف الأمني في الخليج، تتمثل في تأمين حركة الملاحة في باب المندب، بما في ذلك انتشار سفن حربية إسرائيلية مزودة بالصواريخ بالمضيق موجهة ضد القراصنة بالبحر الأحمر ظاهرياً، لكن الهدف الرئيسي منها هو حراسة وتأمين حركة الملاحة من خطر جماعة الحوثيين في اليمن (متهمة بتلقي الدعم من إيران).

"إسرائيل" سعت في أكثر من مرة لمحاربة إيران إلا أنها تراجعت لمعرفتها بأنها لا تستطيع الانتصار عليها في ظل وجود من يدعمها من ميليشيات "حزب الله" اللبناني وغيرها. كما أن "تل أبيب" بحاجة لحليف قوي يدعمها في هذا التصدي مثل أمريكا، وفق ما بين الكاتب هاني المصري في مقال له تحت عنوان "إسرائيل والحرب مع إيران"، نشره في مايو 2019، بموقع "عرب 48".

فيما يرى الكاتب محمد علاوي، أنه "في ظل التحشيد العسكري الهائل في الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، ربما تسعى إسرائيل لخلق الذريعة المناسبة لإشعال شرارة الحرب".

ويتابع علاوي في مقال له نشره في موقع "تي آر تي"، بشهر مايو الماضي، تحت عنوان "التصعيد ضد إيران: إسرائيل وحدها المستفيدة" أنه: "صارت الفرصة مناسبةً بشكل مثالي لها (إسرائيل)، لوضع حد للتهديد الإيراني، من خلال تأييد ترامب. فمنذ تأسيسها، لم تحصل إسرائيل على هذه الدرجة من التأييد من شخص بمستوى رئيس الولايات المتحدة".

وبين أن تبعات ذلك التأييد تجلّت بنقل السّفارة الأمريكية في "إسرائيل" إلى القدس المحتلة، وإعلان تبعية مرتفعات الجولان لإسرائيل، خلافاً للشرعية الدولية.

إشهار للتطبيع

وحققت دولة الاحتلال الإسرائيلي مع الإمارات قفزة كبيرة من التطبيع خلال السنوات الأخيرة؛ وهو ما مهَّد لزيارة وزير خارجية الاحتلال الرسمية يسرائيل كاتس لأبوظبي.

وقال كاتس، خلال جلسة عقدتها لجنة الخارجية والأمن في برلمان الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست)، حول زيارته الأخيرة للإمارات: إنها "جرت بالتنسيق مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبدعم منه"، مضيفاً: "أنا أسعى إلى تطبيع للعلاقات مع دول الخليج بشكل علني"، حسبما نقلت عنه قناة "آي. 24 نيوز" العبرية، الثلاثاء 6 أغسطس 2019.

وتابع في هذا الصدد: "أرى أن هذا الهدف سيتحقق في السنوات القريبة، وسنتمكن من إقامة علاقات علنية مع دول الخليج".

القناة العبرية بينت أن الوزير كاتس وصل إلى العاصمة أبو ظبي بوصفه مشاركاً في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الدولي، وأنه كشف لوسائل إعلام عبرية بأنه التقى بمسؤول إماراتي رسمي رفيع المستوى، وتم خلال اللقاء بحث مسألة تعزيز العلاقات بين البلدين.

كما بينت القناة أنه ناقش مع المسؤول الإماراتي الرفيع فكرته التي تقضي بمد سكك حديدية من الخليج إلى ميناء حيفا؛ لنقل البضائع من أوروبا إلى دول الخليج براً، وبحث مع عدد من المسؤولين الإماراتيين الملف الإيراني، والعلاقات الإسرائيلية الإماراتية.

وأوضح كاتس أن العلاقات مع دول الخليج قد تطورت، مضيفاً أنه تسلم منصبه في الخارجية قبل نحو ستة شهور في ظل أزمة قائمة، وأوضح أن معالجة تعزيز مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل على رأس سلم الأولويات.

وحققت دولة الاحتلال الإسرائيلي مع الإمارات قفزة كبيرة من التطبيع خلال السنوات الأخيرة؛ وهو ما مهَّد لزيارة وزير خارجية الاحتلال الرسمية لأبوظبي، رغم أن الأخيرة لا تعترف رسمياً بدولة "إسرائيل".

واستخدم كاتس الأجواء السعودية في الوصول إليها بعد حصوله على موافقة من الرياض.

وتعززت العلاقات بين البلدين منذ افتتاح الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي، في عام 2015، بعدما فتحت"إسرائيل" تمثيلية دبلوماسية لها لدى الوكالة بأبوظبي، فيما كان للإمارات دور في التطبيع الرياضي منذ أن استضافت، في عام 2010، فريق الجودو الإسرائيلي، والذي أدى خلال مشاركته العام الماضي أيضاً، شعائر دينية يهودية في وسط الإمارات.

كما أصبحت أبوظبي مركزاً مهماً لأمن "إسرائيل" واستخباراتها، علاوة على التوسع في العمليات التجارية، حيث أبرم اتفاق بين شركة إماراتية وشركات أمن إسرائيلية، بهدف توفير الحماية لمرافق النفط والغاز مقابل عوائد مالية.

وتشمل الاتفاقية إنشاء شبكة للتحويلات النقدية المشروطة في أبوظبي فضلاً عن الدور الذي تقوم به دبي في هذا الصدد.

ومنذ قبل التهديد الإيراني في الخليج العربي، تطورت العلاقات الإسرائيلية والإماراتية والسعودية والبحرينية بشكل كبير، في تطبيع خفي وعلني غير مسبوق. 

وأعلن مسؤولين من "تل أبيب" والدول الخليجية الثلاث رغبتهم في تطوير العلاقات بينهم بما يخدم مصالح الجميع. وعقدت العديد من الاجتماعات التي أعلن عنها والسرية والتي ذهبت بطريق التعاون المشترك. 

وفي كل يوم تعلن "إسرائيل" تحقيق جزء من أهدافها في المنطقة العربية، سواء كان بمساهمة من دول عربية أو بدعم من ترامب، ويلقى التطبيع مع دولة الاحتلال ردود فعل غاضبة من الشعوب العربية والخليجية، وسط مطالبات بوقفه وإعادة حقوق الفلسطينيين.

ومنذ صعود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ازداد التقارب السعودي مع "إسرائيل"، وشهدت الأشهر الماضية الحديث عن لقاءات وزيارات تطبيعيّة بين الطرفين.

كما رفعت دولة الاحتلال الستار عن أهم مشاريع التطبيع الحديثة مع بعض من الدول العربية، ليبدأ قطارها بالسير على سكة العلاقات مع الدول "المعتدلة"، من محطته الأولى "تل أبيب" حتى يصل إلى العاصمة السعودية، مروراً بالإمارات، ليعلن عن حقبة جديدة من علاقات كانت محظورة سابقاً سيكون أكثر المتضررين منها القضية الفلسطينية.

من جهتها أظهرت البحرين مؤخراً انفتاحاً في العلاقات مع دولة الاحتلال، توَّجتها باحتضانها أعمال مؤتمر المنامة في 24 يونيو الماضي، الذي نظمته الولايات المتحدة تمهيداً لـ"صفقة القرن"، ضمن خطتها لتصفية القضية الفلسطينية.

وعُقد المؤتمر بمشاركة عربية رسمية محدودة، مقابل مقاطعة تامة من جانب فلسطين ودول عربية أخرى.

وقال وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، في تصريحات أثارت غضباً فلسطينياً وعربياً، إنّ "إسرائيل وُجدت لتبقى"، وإن لها الحق في أن تعيش داخل حدود آمنة، مؤكداً أن المنامة وعواصم عربية أخرى تريد التطبيع معها.

كما نشر مساعد الرئيس الأمريكي ومبعوثه الخاص لـ"صفقة القرن"، جيسون غرينبلات على حسابه في "تويتر"، صورة جمعت وزير الخارجية البحريني "خالد بن أحمد" ونظيره الإسرائيلي كاتس في واشنطن.