علاقات » تركي

هكذا أفشلت تركيا محاولة الإعلام السعودي تشويه سمعة أمنها

في 2019/08/29

متابعات-

بعد حملة اتهمت فيها الصحف السعودية الأمن التركي بالضعف نتيجة اختطاف مواطنة في مدينة إسطنبول، خرجت السلطات التركية ببيان يكشف حقيقة تلك الحادثة.

ودحضت السلطات التركية ما تناقلته وسائل إعلام سعودية وإماراتية، عن مزاعم اختفاء سائحة سعودية في تركيا، قائلة إن الفتاة غادرت من تلقاء نفسها ولم يتم اختطافها.

واستغلت السعودية والإمارات الحادثة المفبركة للنيل من تركيا، في إطار حملة مستمرة منذ أكثر من عامين على خلفية تصاعد الخلافات مع أنقرة.

وخلال الأيام الماضية ومع تزايد حركة السياحة السعودية إلى تركيا، ضخت السفارة السعودية عدة تحذيرات للسعوديين في تركيا، وحذرتهم من زيارة بعض الأماكن السياحية المعروفة والتي يقصدها السياح من مختلف دول العالم على مدار العام، وأبرزها منطقة تقسيم.

تركيا تكشف الحقيقة

واليوم الأربعاء 28 أغسطس، فضحت السلطات التركية الأنباء التي نشرتها وسائل سعودية وإماراتية، زعمت فيها اختفاء سائحة سعودية في تركيا، مؤكدة أن السيدة المعنية غادرت الفندق الذي كانت تقيم فيه مع أسرتها، بإرادتها.

وأوضحت ولاية إسطنبول، في بيان نشرته وكالة "الأناضول"، أن التحقيقات أظهرت أن سائحاً يحمل الجنسية السعودية راجع مديرية الأمن بمنطقة "فاتح" في 15 أغسطس الجاري.

وأضاف البيان أن السائح أبلغ المسؤولين بمديرية الأمن أنه جاء إلى إسطنبول للسياحة مع زوجته وأطفاله الثلاثة، وأن زوجته اختفت يوم 14 أغسطس.

وقالت إن التحقيقات الموسعة التي أجرتها مديرية أمن إسطنبول أظهرت أن السيدة غادرت الفندق الذي كانت تقيم فيه مع أسرتها سيراً على الأقدام بملء إرادتها دون أن يجبرها أحد على ذلك.

وأكّدت أنه تم التواصل مع السيدة يوم 26 أغسطس، وإبلاغها بأن هناك بلاغاً من طرف أسرتها بشأن اختفائها.

وبحسب بيان لولاية إسطنبول، فإن السيدة أدلت بإفادتها للشرطة بحضور موظف لدى القنصلية السعودية، وأكّدت أنها تركت أسرتها بإرادتها وليس لديها شكوى ضد أحد، مشيرة إلى أن السيدة غادرت مركز الشرطة في نفس اليوم، لعدم وجود ما يمكن أن يشكل جريمة في حالتها. 

الحادثة بلسان إعلام السعودية والإمارات

وتناولت وسائل الإعلام في السعودية والإمارات الحادثة بطريقتها، ونشرت صحيفة "عاجل" السعودية، استناداً إلى ما قالت إنها استقته من مصادر مقربة من أسرة المواطنة، أنه "تم العثور عليها في موقع يبعد نحو 3 ساعات من مدينة إسطنبول".

وأوضحت أن أسرة المرأة، التي تدعى عبير العنزي، "تواصلت مع الخاطفين يوم الأحد 25 أغسطس 2019، وتم الاتفاق على مكان محدد للقاء".

وأضافت أنه "بعد الاتفاق، وفي الموعد المحدد للقاء، ألقي القبض عليهم. وبالضغط عليهم اعترفوا بواقعة الاختطاف، وتم الذهاب إلى المكان الذي أرشدوا عن وجود عبير فيه؛ حيث عثروا عليها عند عائلة تتحدث بلهجة سورية".

وبحسب بيان السفارة السعودية بتركيا عُثر على المواطنة عبير العنزي، يوم الاثنين، وهي في صحة جيدة، وستعود إلى المملكة في أقرب وقت.

وكانت عبير العنزي قد اختفت في ظروف غامضة بتاريخ 14 أغسطس الجاري، وفقاً لما ذكر شقيقها على "تويتر".

وادعت الصحف السعودية والإماراتية، أن الاتصال الذي تلقاه زوج المواطنة المختطفة تضمن عرضاً من مختطفيها بالبحث عنها بـ"مقابل مادي"، وهو ما لم تكشفه التحقيقات التركية.

تغييب دور الأمن التركي

في جميع التفاصيل التي تطرقت إليها الصحف السعودية، وتابعها "الخليج أونلاين"، حاولت تغييب أي دور للأمن التركي، أو التعاون في الكشف عن حقيقة الحادثة.

وعلى الرغم من ذكر السفارة السعودية في بيانها الذي نشرته على صفحتها في منصة "تويتر" بشكل مقتضب دور "السلطات التركية" في التوصل إلى خيوط القضية، سعت وسائل إعلام المملكة لترويج الحدث في محاولة لتشويه سمعه الأمن في تركيا.

وتناقلت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية وروجت لمقطع فيديو قالت إنه أثناء القبض على خاطف الفتاة السعودية من قبل السلطات التركية، في مدينة إسطنبول.

ولم تشر أي وسيلة إعلام تركية إلى ذلك الفيديو، أو حقيقة وجود اختطاف، باستثناء صحيفتي الشرق الأوسط والإندبندنت التركيتين، اللتين تمولهما السعودية.

والفيديو المنتشر، الممتد على 23 ثانية، لم يكشف الكثير من القصة المزعومة، التي قيل إنها توضح استدراج الأمن التركي لأحد أفراد العصابة من خلال لقائه بزوج السعودية المختطفة، والقبض عليه واقتياده، وهو ما تسبب بالوصول إلى الجناة وتحرير المختطفة. 

حملة تشويه  

منذ مقتل الصحفيّ السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، في أكتوبر الماضي، وبسبب إصرار تركيا على كشف المسؤول الأول عن تنفيذ جريمة، ارتفعت وتيرة ردات الفعل السعودية لمحاولة مواجهة هذا الإصرار التركي؛ لذلك قادت السعودية حملة تشويه للسياحة التركية.

وطالبت الحملة السعوديين بمقاطعة المنتجات التركية، وعدم السفر إلى تركيا، في ظل الأزمة القائمة بين البلدين، ومحاولة الضغط على تركيا اقتصادياً، والتشكيك بالأمن في تركيا، وهو ما سعت إلى إثارته مجدداً في هذه الحادثة.

هذا الأمر أيضاً دفع الصحف السعودية إلى إفراد صفحاتها الأولى بعناوين تتحدث عن تأثير مقاطعة السعوديين للسياحة التركية في زعزعة أركان الاقتصاد التركي.

فعلى سبيل المثال كانت هذه العناوين لصحيفة عكاظ السعودية وغيرها: "تركيا تصيح.. السعوديون قاطعونا"، "السعوديون يُلقّنون أردوغان درساً، وأنقرة تعترف".

معظم هذه التقارير ربطت الانخفاض المحدود في عدد السياح السعوديين الوافدين إلى تركيا هذا العام، بتدهور الأمن ومؤشرات الاقتصاد التركي، وبسياسة الحكومة التركية تجاه السعودية، متغافلةً عن الأرقام المتزايدة للسياح العرب من الدول الأخرى خلال الفترة نفسها، ومتناسية حالة الانكماش والتدهور التي يعاني منها الاقتصاد السعودي (في ظل تبني الحكومة سياسات تقشفية) بعد انخفاض أسعار النفط.

السوق العقارية والسياحية

ورغم محاولات تشويه سمعة الأمن في تركيا من قبل إعلام المملكة، يعتبر السعوديون من أكثر الأجانب امتلاكاً للعقارات في السوق التركية خلال السنوات الأخيرة بعد العراقيين.

ووفق تقارير هيئة الإحصاء التركية، التي رصدها "الخليج أونلاين"، بلغ إجمالي العقارات المملوكة للسعوديين في السنوات الثلاث الأخيرة 9802 عقار، تعود ملكيتها في المعظم للقطاع الخاص والعائلات.

وفي ظل استمرار حالة عدم الاستقرار والضبابية المحيطة بالسوق السعودية، ورغبة المواطنين السعوديين في توزيع مدخراتهم، فلن يكون سهلاً استغناء السعوديين عن سوق العقارات التركية، خاصةً أنه يمثل بيئة آمنة لهم، وهذا ما أثبتته الأرقام الرسمية.

ما تشير إليه الأرقام والإحصائيات الرسمية الخاصة بأداء القطاع السياحي في تركيا، يُظهر حجم النمو الهائل الذي تحقق خلال العام الماضي، فحتى نهاية عام 2018 تصدرت تركيا نمو القطاع السياحي.

وذكر بيان صادر عن وزارة الثقافة والسياحة التركية، في 12 يوليو الماضي، أن عدد السياح ارتفع بنسبة 11.3% في الأشهر الخمسة الأولى، مقارنة بالفترة نفسها من 2018 حيث بلغ عدد السياح الزائرين لتركيا حتى نهاية مايو من هذا العام  قرابة 12.8 مليون سائح؛ مقارنة بـ11.4 مليون سائح العام الماضي، و8.7 ملايين سائح خلال العام 2017.

وتعكس تلك الأرقام عدم صحة ما تروجه التقارير السعودية والإماراتية من حدوث انخفاض كبير في القطاع السياحي بتركيا عام 2019.