ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

الإمارات تخضع لقوة الإعلام القطري وتأثيره.. ما سر تفوقه؟

في 2019/09/03

الخليج أونلاين-

تواصل قطر، التي تخطت عامها الثاني تحت حصار خانق من جيرانها، نجاحاتها على مختلف الصعد؛ سياسياً واقتصادياً ورياضياً وعسكرياً، فضلاً عن تفوقها الإعلامي إقليمياً وعربياً ودولياً بشهادة القاصي والداني.

هذا التفوق لم تعترف به دول حصار قطر، وكثيراً ما راهنت على أسطولها الإعلامي المدجج بالقنوات والإذاعات والوكالات والصحف والمواقع الإلكترونية، لتأكيد صحة موقفها، الذي يستند بطبيعة الحال إلى مواقف القيادة السياسية في تلك الدول؛ وهي: السعودية والإمارات ومصر والبحرين.

وبعد عامين من الحصار، وشيطنة قطر في جميع الأذرع الإعلامية المحسوبة على الرياض وأبوظبي، رفع الإماراتيون "الراية البيضاء" مستسلمين ومعترفين لأول مرة بقوة الإعلام القطري ومدى تأثيره ورواجه الكبير في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

اعترافات متتالية

اعترافات إماراتية متتالية تقر بقوة إعلام قطر، أتت على لسان مسؤولين بارزين تقلدوا مناصب مرموقة في الدولة، وهو ما زاد من قيمة تلك الاعترافات، التي يُمكن وصفها بـ"الرسمية"؛ لكون من تفوه بها كان على مقربة شديدة من دوائر صنع القرار في البيت الإماراتي.

ومن بين هؤلاء الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، إضافة إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات عبد الخالق عبد الله، الذي عمل مستشاراً سابقاً لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، حاكم البلاد الفعلي.

"خلفان"، الذي تحدى علناً قرارات نائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء محمد بن راشد، أقر بقوة إعلام الدولة الخليجية، التي تحظى باحترام دولي كبير لدبلوماسيتها، وقوتها الناعمة.

وقال المسؤول الأمني الإماراتي البارز، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" (2 سبتمبر 2019)، إنه كان يسمع دائماً عن قوة وتأثير الإعلام القطري وتفوقه في المنطقة، لكنه لم يكن يصدق تلك الأقاويل.

وتابع موضحاً: "أعترف اليوم أن إعلامها (قطر) وشبكات تواصلها الاجتماعي استطاعت أن تحقق أهدافها".

تغريدة خلفان تأتي بعد شهر بالتمام والكمال من تغريدة مستشار ولي عهد أبوظبي السابق، التي أقر فيها عبر حسابه بـ"تويتر"، بتفوق الإعلام القطري على وسائل دول الحصار، مؤكداً بلوغ تأثير الخطاب الإعلامي القطري الساحة العالمية.

ولا يُمكن حصر عدد الموالين في دول الحصار، الذين أقروا بتفوق الإعلام القطري ووصوله إلى العالمية، مقابل فقدان الثقة بالخطاب الإعلامي لتلك الدول، رغم إنفاق ملايين الدولارات عليه والاستثمار فيه على مدار العقدين الماضيين.

ما سر تفوق إعلام قطر؟

أسباب كثيرة يُمكن أن تفسر تفوق إعلام قطر، الذي لا يُقارن من حيث العدد بأي شكل من الأشكال مع دول الحصار ووسائل إعلامها، تتجلى بتناول الأخبار بكل مهنية ومصداقية بأرقام وحقائق ثابتة، إلى جانب تأكيد ذلك بالصور والفيديوهات من قلب المصدر.

وهذا خلاف ما تنتهجه وسائل إعلام دول الحصار من تلفيق للاتهامات وتصفية الحسابات والاعتماد على الشائعات مصدراً للأخبار، فضلاً عن صنع هالة إعلامية مبنية أساساً على أخبار كاذبة، والمضي قدماً في مخطط تشويه المعارضين، مثلما حدث مع قطر وقرصنة وكالة الأنباء الرسمية (قنا).

فضلاً عن كل هذا تتبنى مؤسسات قطر الإعلامية، على قلتها، استضافة معارضين وإتاحة الفرص أمام هؤلاء للحديث عن آرائهم بكل حرية، وهو ما يتجسد بوضوح بقناة الجزيرة، التي تعمل وفق شعار "الرأي.. والرأي الآخر".

وكانت دول الحصار الأربع قد وضعت إغلاق قناة الجزيرة على رأس مطالبها لحل الأزمة الخليجية، التي افتعلتها في 5 يونيو 2017، وإنهاء مقاطعتها، فضلاً عن 12 مطلباً آخر.

وفرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً على قطر؛ بزعم "دعم الإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة جملة وتفصيلاً، وتقول إنها محاولة تستهدف "سيادتها والتنازل عن قرارها الوطني المستقل".

ولا تزال تعتبر الجزيرة القناة الأكثر مشاهدة في العالم العربي، رغم عشرات القنوات التي تتبع لدول الحصار على غرار "العربية" و"الحدث" و"سكاي نيوز عربية" و"الغد"، علاوة على القنوات الإخبارية الحكومية لتلك الدول، وهنا يدور الحديث حول "الإخبارية" و"دبي" و"أبوظبي" و"النيل للأخبار" وغيرها.

وحاول المسؤولون السعوديون والإماراتيون أكثر من مرة إجراء تغييرات وتعديلات على المواقع القيادية في وسائل إعلامهم لمنافسة الجزيرة، لكن تلك المحاولات لم تُجدِ نفعاً، وبقيت الجزيرة وأذرعها المختلفة الأكثر متابعة والأكثر قرباً من همِّ المواطن العربي.

ولا يُمكن إطلاقاً مقارنة عدد القنوات المحسوبة على قطر بتلك المؤيدة لمُحاصريها، وينسحب ذلك على عدد الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية الحكومية والخاصة.

121212212112

ووفق مراقبين فقد استثمرت قطر في الإنسان وعقله، وبحثت عن الكفاءة والمهنية والموضوعية، معتمدة على مؤسساتها المختلفة، التي تشكل العمود الفقري لقوتها الناعمة.

وبحسب هؤلاء، يعكس الخطاب الإعلامي عادة الخطاب السياسي؛ إذ تحظى الدوحة باحترام وتقدير في الوطن العربي وخارجه، وذلك بالنظر إلى سياسة البلاد وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي تعتمد على إصلاح ذات البين ومساعدة المنكوبين والمتضررين من الكوارث الطبيعية.

كما تُعد قطر أبرز المساندين لثورات الربيع العربي، التي رفعت شعارات الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية، على عكس دول حصارها، التي دعمت "الثورات المضادة" وخططت لانقلابات لإزاحة المدنيين بهدف إبقاء المشهد برمته بيد العسكريين المحسوبين على الأنظمة القديمة الفاسدة والمستبدة.

المدينة الإعلامية

وكان أمير قطر قد أقر، في 31 مايو 2019، قانون إنشاء "المدينة الإعلامية"، ولها موازنة مستقلة؛ بهدف "إدارة وتطوير النشاط الإعلامي في البلاد"، و"تعزيز مكانة الدوحة كموقع لاستقطاب الإعلام العالمي".

وتهدف المدينة الإعلامية - بحسب الحكومة القطرية - إلى تحقيق التكامل الاقتصادي والمهني مع مشاريع الدولة المختلفة، إضافة إلى دعم وتشجيع المشاريع وإنشاء الصناديق الاستثمارية في المجال الإعلامي والإعلام الرقمي والتكنولوجي، وفي مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.

المدينة التعليمية

ويأتي القانون في إطار تحديث التشريعات بالدولة، ولمواكبة التطور التقني والتكنولوجي في مجال المطبوعات والنشر والأنشطة الإعلامية والفنون، ودعماً لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام في قطر، كما أنه يتزامن مع إطلاق قطر قمرها الصناعي "سهيل سات 2".

وتعد المدينة الإعلامية، التي اختير محمد بدر السادة رئيساً تنفيذياً لها، لبنة أخرى تضاف إلى الاقتصاد القطري وتُحوله إلى اقتصاد معرفي، معتمد على المعرفة والتكنولوجيا، كمشاريع المدينة التعليمية ومركز قطر للمال، وغيرها من المشاريع الرائدة في الدولة، وفق ما صرح سابقاً مقرر لجنة الشؤون الثقافية والإعلام بمجلس الشورى، محمد المعاضيد.