علاقات » تركي

مملكة الجبل الأصفر.. هل من علاقة بـ"صفقة القرن" وبن سلمان؟

في 2019/09/12

الخليج أونلاين-

مملكة "الجبل الأصفر" أحدث دولة مزعومة في منطقة تدعى "بئر طويل" على الحدود المصرية السودانية، لا تطالب بها مصر ولا السودان، ولا تتنازعان عليها.

في الـ5 من سبتمبر الجاري، ظهرت سيدة تدعى نادرة عواد ناصيف، قالت تقارير إنها أمريكية لبنانية، في فيديو صُوِّر في أوكرانيا، معلنة قيام مملكة اسمها "الجبل الأصفر"، منصبة نفسها رئيسة وزراء هذه الدولة المزعومة.

وشاع الحديث في الأيام الماضية، وراجت روايات عن أن هذه المنطقة "أرض بلا صاحب"، خاصة بعد إعلان عواد تأسيس "مملكة جديدة" فيها، فأين تقع هذه المنطقة؟ وهل هي مصرية أم سودانية؟ وما حكاية مملكة الجبل الأصفر؟

إعلان المملكة المزعومة

أثارت نادرة عواد جدلاً واسعاً، بعد أن أعلنت قيام ما أسمته "مملكة الجبل الأصفر" بمنطقة حدودية بين مصر والسودان، يرفض البلدان الاعتراف بملكيتها، وسط صمت رسمي منهما.

وفي مقطع فيديو متداول مدته نحو ست دقائق، نصَّبت نادرة عواد ناصيف نفسها رئيسة وزراء تلك المملكة، من مدينة أوديسا في أوكرانيا، بعد "قمة" قالت إنها عقدت هناك لإعلان المملكة.

وفي كلمتها قالت ناصيف التي كانت تتحدث العربية: "مملكة الجبل الأصفر ستكون دولة نموذجية.. لأن قضيتنا وضع حل لأزمة النازحين والمهجرين، سنحقق حلم كل عربي يفكر عن سبيل لمساعدة المهجرين".

ولم توضح ناصيف تفاصيل القمة التي عقدت في أوكرانيا بإعلان قيام المملكة المزعومة، أو الملك الذي سيتسلم الحكم، ولا المسؤولين عنها، كما أعلنت عبر حسابها -غير الموثق- بتويتر، "استقبال طلبات المواطنة"، مشيرة إلى وجود إجراءات وشروط رسمية أساسية سوف يتم الإفصاح عنها خلال أيام.

أين تقع هذه المنطقة؟

تقع المملكة المزعومة في شمال إفريقيا، ضمن منطقة واقعة بين مصر والسودان، بمنطقة "بئر الطويل" المعروفة باسم "مثلث بارتازوجا"، وتقدر مساحتها بنحو 2060 كم، ويزعم الفيديو التعريفي أنها أرض مباحة لا يطالب بها أي طرف ولا تقع تحت سيادة أية دولة.

ووفق تقارير إخبارية سودانية ومصرية فمن الناحية القانونية لمنطقة مثلث بارتازوجا هي منطقة غير معترف بها من طرف السودان أو مصر، وتقع على الحدود بين الدولتين، ويعود السبب في عدم مطالبة أي من البلدين بالمنطقة إلى تمسك كليهما بالحق التاريخي لمثلث حلايب وشلاتين الذي يتماس في نقطة واحدة مع مثلث بارتازوجا.

وبحكم "اتفاقية السودان" الموقعة عام 1899 بين مصر وبريطانيا (باعتبارهما قائمتين على الحكم الثنائي بالسودان آنذاك) أُطلق لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوبي دائرة عرض 22 شمالاً، وتستند مصر لتلك الاتفاقية في إقرار سيادتها، وهو ما يضع مثلث حلايب داخل الحدود المصرية ويضع منطقة بارتازوجا داخل الحدود السودانية.

مملكة الجبل الأصفر

في حين يستند السودان إلى قرار إداري عام 1902 بأحقيته في حلايب وشلاتين، حيث أصدر ناظر الداخلية المصري آنذاك هذا القرار مستنداً لوجود بعض من قبائل لها بُعد سوداني بالمنطقة، ولم تعترض مصر على هذا القرار مع استقلال السودان، ولم تتحفظ على الحدود، وهو القرار الذي يضع مثلث حلايب داخل الحدود السودانية ويضع بئر الطويل داخل الحدود المصرية.

ليست المرة الأولى

وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أشخاص تأسيس دولة في تلك المنطقة، إذ سبق أن نصب مغامر هندي يدعى سوياش ديكسيت، نفسه حاكماً على الشريط الحدودي في نوفمبر 2017.

وعبر حسابه الخاص على موقع "فيسبوك"، تفاخر ديكست بنفسه كملك جديد ومؤسس دولة، وأعلن عن بدء "فتح الاستثمارات الأجنبية وطلبات الحصول على الجنسية".

وكتب: "أنا سوياش ديكست، أولاً وبالأصالة عن نفسي، بصفتي حامي المملكة، أُعلن نفسي ملكاً لديكست، وأُطلق على نفسي اعتباراً من اليوم الملك ديكست الأول".

وفي 2014، ادعى الأمريكي جيرمي هيتون ملكيته لتلك القطعة الصغيرة من الأرض بقارة إفريقيا، لأن ابنته ترغب في أن تصبح أميرة، وأطلق عليها اسم "مملكة شمال السودان".

الجبل الأصفر و"صفقة القرن"

محللون سياسيون اعتبروا أن الدولة الجديدة تأتي ضمن "صفقة القرن" الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وخاصة قضية اللاجئين الفلسطينيين، سواء في لبنان أو سوريا أو غيرها من البلدان العربية والإسلامية، التي يتعرض فيها اللاجئون للتضييق بهدف الترحيل.

ومن اللافت أن الحديث عن توطين سكان في تلك المملكة المزعومة جاء بعد حديث عن نية دول عدة تهجير اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم، وتوطين البعض الآخر، خصوصاً مع الدعم الذي كشفته ورشة البحرين المعنية بالشق الاقتصادي من "صفقة القرن".

وأوضح المحللون أن طريقة إعلان الهدف من رئيسة مجلس وزراء مملكة الجبل الأصفر، نادرة ناصيف، هو إعلان غير مباشر لاستقبال المملكة الجديدة اللاجئين الفلسطينيين لتحل بذلك الصراع العربي الإسرائيلي، وستستقبل أي لاجئ من أي مكان في العالم.

وتزامناً مع انطلاق تلك التحليلات نقلت صفحة على موقع "تويتر"، تقول إنها تابعة لـ"وزارة داخلية الجبل الأصفر"، عمن أسمته "رئيس الإدارة العامة للأحوال المدنية"، ناصر المطوع، قوله: "سوف نبدأ التوطين مع بدء شهر صفر القادم، بواقع 30000 شخص شهرياً، وتزيد تدريجياً، وذلك وفقاً لأحكام نظام الجنسية واللائحة التنفيذية لها، كما سننشر آلية التقديم خلال أيام، من خلال وسائل الإعلام الرسمية للدولة".

وكان مؤتمر المنامة، الذي عقد في يوليو الماضي، قد كشف عن خطة لضخ 50 مليار دولار في الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات كل من مصر والأردن ولبنان (دول تستضيف لاجئين فلسطينيين)، لحلحلة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

وقال الصحفي الفلسطيني محمد السكني: إن هذا الإعلان "يأتي في إطار عوامل وإحداثيات موجودة على الأرض، تدلل على وجود مؤامرة تحاك تجاه أهل غزة خاصة والفلسطينيين عامة، لتهجيرهم وترحيلهم لتصفية القضية الفلسطينية".

وتساءل في مقال له نشره بموقع "النهضة نيوز"، ومقره في بيروت، قائلاً: "تسلط الأنظار إلى مصير سكان قطاع غزة، هل سيهجرون إلى مملكة الجبل الأصفر الجديدة المدعومة من قبل محمد بن سلمان ولي عهد السعودية؟".

ورداً على تساؤله قال: "أرى أن صفقة القرن التي يتكون حمضها النووي من بصمات أمريكية عربية إسرائيلية سترى النور قريباً، ومملكة الجبل الأصفر هي لتوطين أهل قطاع غزة، بعد شن عدوان إسرائيلي على القطاع لإخضاع المواطنين على الرحيل، والتي ستجبر الفلسطينيين على الخروج من غزة باتجاه شبه جزيرة سيناء ومن ثم إرسالهم إلى دولة الجبل الأصفر لتوطينهم بها".

لكن الكاتب الفلسطيني حسام شاكر رأى، في مقال له في موقع "الخيلج أونلاين"، أن إعلان هذه المملكة "حملة تضليل وخداع تحاول استغفال الجماهير العربية، ولا حاجة لتحرِّي البواعث المحرِّكة للحملة؛ فهذه تبقى احتمالات لا يمكن التسليم بأي منها، وقد يخرج من يتحدث من بعد أنها ما كانت إلا تجربة لقياس منسوب تصديق الخرافات مثلاً. لمَ لا؟!".

ويضيف: "ما هو مؤكد على أي حال أنّ المختبئين خلف حملة مملكة الجبل الأصفر⁩ الغامضة يستغلّون تطلّع أجيال العرب إلى مأوى بديل عن العيش في أكناف دولهم؛ وهذا ما اشتغلت عليه داعش بكفاءة أعلى في التضليل بعد إعلان "دولتها"، وقد كانت تسيطر على أراضٍ شاسعة وليس على حسابٍ للتغريد".

ورأى أن "حملة التضليل تتلاعب بمشاعر شعوب عربية تقاسي النزوح واللجوء وتتقطّع بها السبُل في الأرجاء".

وكان ممثل حركة "حماس" في لبنان، أحمد عبد الهادي، قد صرح في يوليو الماضي، بأن "صفقة القرن تعمل حالياً على توطين اللاجئين الفلسطينيين، لكن ليس كل العدد الموجود وإنما عدد قليل، ولكي يبقى هذا العدد القليل لا بد من تهجير البقية، عبر وكلاء ووسطاء وغيرهم".

وأشار، في حديث لوكالة "الأناضول"، إلى أن كل تلك الوسائل والأدوات ستدفع باللاجئين الفلسطينيين إلى الخروج من لبنان، فيما لم يستبعد "على الأمريكي والصهيوني وعملائهما وحلفائهما في المنطقة العمل على فرض التوطين أو التهجير".

وكشف عن وجود نقاشات وحوارات جدية ومنهجية بين اللبنانيين والفلسطينيين، يجري محاولة تحويلها إلى برامج عملية في مواجهة تلك المشاريع.

علاقة ناصيف بابن سلمان

في مايو من عام 2017 كانت ناصيف واحدة من الشخصيات التي روجت لرؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان 2030، وقالت يومها إنها تتوقع أن تسهم الرؤية "في تعزيز قدرات الأجيال السعودية المقبلة على اختيار التخصصات الأكاديمية الأنسب، وسد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل".

ودعت يومها إلى نقل تجربة الرؤية إلى بعض الدول العربية، قائلة إنها ستعمل على رفع مستوى الاقتصاد والتعليم والإنتاج، وتسهم بتحديث البرامج وتنظيم الاستثمار في مجالي التعليم والبحث العلمي.

وبات من اللافت أن الرياض وأبوظبي والمنامة أصبحت من داعمي ومؤيدي "صفقة القرن"، وهو ما يشير بوضوح لاحتمالية أن تكون العواصم الثلاث خلف تلك الخطة.

ولم يتم الكشف بعد عمن هو ملك مملكة الجبل الأصفر، حيث تتصدر رئيسة مجلس الوزراء، نادرة ناصيف، جميع المهمات الرئيسية، وتحضر مختلف الاجتماعات الرسمية والمصيرية.
وبينما يعتبر كثير من المحللين هذه "الدولة" دولة تابعة للمملكة العربية السعودية، يرى آخرون أنها تابعة لأمريكا.

 

وبين هذه وتلك تبقى التساؤلات ترد حولها للفكرة التي تقوم عليها وما هي الدول التي ستعترف بها بعد إعلانها.

والبدون هل سيرحلون؟

وعقب إعلان المملكة المزعومة انتشر وسم في "تويتر" يحمل اسم "#البدون_الي_الجبل_الاصفر"، والذي يتحدث عن اتفاق لترحيل سكان البدون الموجودين في السعودية والكويت والعراق إلى تلك المنطقة.

وانتشرت السخرية الكبيرة من إعلان "المملكة المزعومة"، واستخدم اللون الأصفر كأكثر التعليقات سخرية على ذلك الإعلان.

كما ذكر ناشطون على "تويتر" أن المعلومات تتحدث عن وجود رابط كبير بين "الجبل الأصفر و#رؤية_السعودية_2030"، فيما ستتكون التركيبة السكانية من "20% من سكان الجزيرة العربية، و20% من سكان الشام والأردن، و20% من سكان الأحواز والعراق، و20% من المغرب العربي، و20% من سائر الأعراق".