علاقات » عربي

مناجم الذهب.. أطماع الإمارات الجديدة في اليمن

في 2019/11/04

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

منذ تدخُّلها عسكرياً في اليمن بذريعة حماية شرعية رئيسه، لم تترك الإمارات أياً من خيرات هذا البلد إلا ووضعت يدها عليه لنهب أكبر قدر منها، بدءاً بالموانئ الاستراتيجية، والنفط، ووصولاً إلى الذهب.

يكشف "الخليج أونلاين" في هذا التحقيق، وفق إفادات موثقة لمختصين يمنيين، سيطرة شركة إماراتية على مناجم الذهب في محافظة حضرموت، جنوبي اليمن، وتهريب كميات كبيرة منه من مديرية حجر، من خلال ميناء ومطار تسيطر عليهما أبوظبي.

وتنقّب الإمارات على الذهب في اليمن من خلال شركة "ثاني دبي للتعدين"، التي منحها الرئيس اليمني الراحل، عليّ عبد الله صالح، رخصة استكشاف مناجم الذهب في وادي مدن بحضرموت عام 2004.

ذهبُ حضرموت

ووفق ما وجده "الخليج أونلاين"، فإن الرئيس صالح وإخوانه والحوثيين يسيطرون على 10 مناجم للذهب في حضرموت.

كما وضعت الإمارات يدها على مناجم الذهب في حضرموت، بعد طرد ما يسمى "النخبة الحضرمية"، وهي إحدى المليشيات التابعة لها، والقوات التابعة للجنرال عليّ محسن الأحمر، من المدينة.

محرر الشؤون الاقتصادية في قناة "يمن شباب"، وفيق صالح، يؤكد أن ذهاب الإمارات للبحث عن مناجم الذهب اليمنية، يأتي في سياق جموح النخبة الإماراتية الحاكمة واندفاعها، في وضع يدها على موارد اليمن وثرواته المتنوعة كافة.

صالح يكشف في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، عن وجود إماراتي بمناجم الذهب اليمنية في حضرموت، وذلك بعد تعطيلها القطاعات النفطية ومنشآت تصدير الغاز منذ خمسة أعوام، والموانئ والمطارات مثل مطار وميناء المكلا.

وتمتلك حضرموت احتياطياً كبيراً من الذهب، جعلها محطة لأنظار الإمارات والطامعين كافة، وفق صالح.

"ويعد لجوء أبوظبي إلى نهب مناجم الذهب في اليمن، ضمن سياق مساعيها المنظَّمة والممنهجة لنهب وتدمير الموارد اليمنية كافة، لإدراكها ما يحمله باطن هذه الأرض، الضاربة جذورها في أطناب التاريخ"، والحديث للمختص الاقتصادي اليمني.

ولم يكن الذهب، المورد الاقتصادي غالي الثمن، الثروةََ الوحيدة التي تريد الإمارات السيطرة عليها، فهي تريد محاربة الشعوب العربية في قوتها اليومي ومصدر عيشها، ولديها سوابق وممارسة واضحة في ذلك، كما يؤكد صالح.

وتعمل الإمارات، وفق صالح، كمقاول ومتعهد محلي، لدول أجنبية وشبكات نفوذ غربية، لذا فهي حين تطلق يدها لنهب ثروات اليمن وسرقتها، وتعطيل مرافقه الحيوية، فإنها تنفذ ما تطلبه منها الدول الراعية لها.

وأسهمت أبوظبي في تراجع الاقتصاد اليمني، مع تسجيل خسائر فادحة من خلال تعطيلها القطاعات النفطية والحيوية، مع السطو على ثروات البلاد، وفق المختص الاقتصادي اليمني.

أطماع قديمة

وكانت أولى محاولات الإمارات للوصول إلى الذهب اليمني قبل دخولها في الحرب ضدها، إذ نفذت "شركة ثاني دبي للتعدين"، في يونيو 2013، دراسات استكشافية عن الذهب بمحافظتي حضرموت وحجة.

وأجرت الشركة، وفق ما وجده "الخليج أونلاين"، تقييماً فنياً متكاملاً لنتائج الحفر الذي نفذته في منطقة وادي مدن بمحافظة حضرموت، حيث تم تقدير الاحتياطي الأوليّ من خام الذهب بنحو ستة ملايين و798 طناً، بنسبة تركيز 1.34 غرام ذهب لكل طن.

وصممت الشركة خرائط جيولوجية تفصيلية، وحفرت 24 خندقاً، وجمعت 250 عينة في منطقة نتيشه، وعملت خرائط جيولوجية تفصيلية لمنطقة المسلمة، وجمعت 419 عينة سطحية.

كما نفذت 23 خط "ترافيرس" حفرت فيه 59 خندقاً، يقطع التمعدن كل 100 متر، وجمعت منها ثلاثة آلاف و610 عينات، إضافة إلى جمع 28 عينة قنوية في منطقة المحمدين.

ونفذت الشركة أعمال التخريط الجيولوجي والاستكشاف المعدني، حيث تم استكمال التخريط الجيولوجي التفصيلي لنحو 50 كيلومتراً مربعاً، إضافة إلى جمع 281 عينة صخرية.

كما أعلنت عام 2011، أنها حققت اكتشافاً كبيراً للذهب، ولكنها غير قادرة على استخراجه، بسبب الوضع الأمني.

وكانت "ثاني دبي للتعدين" تتوقع أن يبدأ الإنتاج في منجم وادي مدن نهاية عام 2013، بطاقة إنتاجية تصل إلى 2.2 مليون أوقية، ترتفع إلى نحو خمسة ملايين أوقية خلال السنوات القليلة التالية لبدء الإنتاج.

ووثقت إحصائيات رسمية للهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية صدرت مؤخراً، أن احتياطي اليمن من الذهب يبلغ نحو 31.6 مليون طن، يتوزع في تفاوت كبير بمنطقة الحارقة في محافظة حجة الجبلية القريبة من الحدود السعودية، في حين يتوزع 30 ألف طن منه في وادي مدن بمحافظة حضرموت.

استغلال المليشيات

حمزة الحمادي، الباحث بمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، يؤكد أن الإمارات وجدت فرصة لها بمشاركتها في التحالف السعودي باليمن، للاستفادة منفردةً من بعض الفرص التي أُتيحت لها، مثل تشكيل وتدريب قوات لا ترتبط بالحكومة اليمنية والمناهضة لجماعة الحوثي.

واستغلت الإمارات قوات ومليشيات كوَّنتها لتحقيق مصالح مشتركة، للسيطرة على موانئ ومنافذ بَحرية وجوية، وكذلك الاستفادة من المناطق الغنية بالموارد والمعادن، كمناجم الذهب، كما يقول الحمادي لـ"الخليج أونلاين".

و"منذ التدخل السعودي-الإماراتي في اليمن، توقَّف تصدير النفط واستخراج المعادن، ومعه انخفضت الإيرادات الخاصة في الحكومة اليمنية، بسبب فقدان السيطرة على الموارد الاقتصادية"، والحديث هنا للحمادي.

واستفادت الإمارات ومليشياتها -وفق تأكيد الحمادي- من مناجم الذهب الموجودة في اليمن من خلال التعاون مع شركات إماراتية مختصة في استخراجه، بالإضافة إلى عدد من القادة العسكريين من دولة الإمارات.

وتابع قائلاً: "في وادي حضرموت يوجد ثاني أكبر منجم ذهب بعد منطقة الحارقة في حجة، كانت شركة  (ثاني دبي للتعدين المحدودة) الإماراتية حصلت على عقد استخراج الذهب من عام 2003، ولكن تم إلغاء العقد بعد الثورة الشبابية في عام 2011"، مبيناً أنه تم إلغاء العقد مع شركة موانئ دبي في إدارة ميناء عدن، ولكنها عادت إلى التنقيب في منجم وادي حضرموت منذ 2017.

ويتم استخراج الذهب اليمني بعيداً عن الحكومة اليمنية -كما يؤكد الحمادي- من خلال حماية قوات المجلس الانتقالي، والنخبة الحضرمية التي كوَّنتها الإمارات في حضرموت لتسهيل عملية الحماية.

كما يؤكد أن الإمارات تستخدم مطار الريان في محافظة حضرموت بعد أن أوقفت عمله، كوسيلة لتنقّل الشركات الإماراتية التي تعمل في مجال التنقيب عن الذهب اليمني، ولنقل كميات مما يتم استخراجه من خلال المطار، وميناء ضبة.

تقويض الاقتصاد اليمني

وظهر اهتمام الإمارات بالذهب في اليمن منذ 2013، حيث أبدت عدة شركات إماراتية الرغبة في التنقيب عن الذهب في وادي مدن بحضرموت، وفي جبل صبرين بمحافظة الجوف، ومناطق المغربة وشرس في محافظة حجة، حسب المختص الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي.

ولدى الإمارات مطامع في مجال الذهب اليمني من فترات بعيدة، حسب ما أكده العوبلي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، كما لديها أنشطة وإجراءات وممارسات تمت للوصول إلى هذه المطامع.

ويتابع العوبلي: "يعد تنقيب الإمارات عن الذهب جزئية مثل بقية الأجزاء كالنفط الخام والغاز المسال والموانئ والمطارات والضرائب والجمارك وغيرها من الموارد السيادية".

وتهدف الإمارات من وراء إحكام سيطرتها على مناجم الذهب اليمنية -حسب العوبلي- إلى تقويض اقتصاد هذا البلد، لكون السيطرة على ذلك سيؤدي بشكل طبيعي إلى السيطرة على القرار السياسي، وتمكُّن اليمنيين من مواردهم يجعل قرارهم السياسي أكثر استقلالية.

وتعدُّ الإمارات، وفقاً لتقارير دولية، بوابة العالم لتهريب الذهب، حيث تحدثت مصادر إعلامية عن ازدهار عمليات تهريب الذهب بشكل غير قانوني من دول أفريقية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة مئات الملايين من الدولارات.

وتوصلت وكالة "رويترز"، في أبريل الماضي، إلى تحليل أجرته يؤيد وجود عمليات لتهريب الذهب بمليارات الدولارات من أفريقيا، كل عام، عن طريق الإمارات، التي تمثل بوابة إلى الأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.

وأظهرت بيانات جمركية أن الإمارات استوردت ذهباً قيمته 15.1 مليار دولار من أفريقيا في 2016، أي أكثر من أي بلد آخر، وذلك ارتفاعاً من 1.3 مليار دولار فقط في 2006.