ملفات » قضية جمال خاشقجي

"رايتس ووتش" تعدد جرائم بن سلمان منذ توليه ولاية العهد

في 2019/11/04

متابعات-

جددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهامها لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بتشديد القمع والاعتقالات، واتخاذ "ممارسات سيئة" لإسكات المعارضين والمنتقدين.

وقالت المنظمة الدولية ومقرها واشنطن، إنها وثقت شهادات وأرقاماً تتحدث عن "تشديد القمع في عهد محمد بن سلمان، يشوّه الإصلاحات التي يزعمها"، مشيرة إلى ما وصفته بـ"الغياب التام لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات المستمرة منذ تولي بن سلمان منصب ولي العهد، منتصف 2017".

وأصدرت المنظمة الدولية، اليوم الاثنين، تقريراً بعنوان "الثمن الفادح للتغيير"، يتحدث عن مساوئ تولي بن سلمان منصب ولي العهد، وما يسميها بـ"الإصلاحات لصالح المرأة والشباب"، والتي رأت أنه منذ تعيينه "زادت الانتهاكات، في حين لا تزال سلطة القانون ضعيفة وقد تتقوّض متى شاءت القيادة السياسية في المملكة".

الاعتقالات والقمع

وتحدث التقرير عن محاولة بن سلمان التخفي وراء ما أسمته بـ"المظاهر البرّاقة المستجدة والتقدم الذي أحرزه لنساء المملكة وشبابها"، لكنها رأت أنه "يقبع خلف حقيقة مُظلمة، مع سعي سلطاته إلى إزاحة أي شخص في المملكة يجرؤ على الوقوف في طريق صعود محمد بن سلمان السياسي".

وتحدثت المنظمة عن إعادة السلطات بالمملكة في صيف 2017، في الفترة التي شهدت تعيينه ولياً للعهد، تنظيم أجهزة النيابة العامة والأمن السعودية أدوات القمع الأساسية في المملكة، ووضعتها تحت إشراف الديوان الملكي مباشرة.

وأوضحت أنه خلال تلك الفترة "بدأت السلطات حملات اعتقالات استهدفت رجال دين بارزين، ومثقفين، ونشطاء حقوقيين، في سبتمبر 2017، ورجال أعمال بارزين وأعضاء من العائلة الحاكمة متهمين بالفساد، في نوفمبر 2017، وأبرز المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة، في مايو 2018، ترافقت مع حملات تشهير بحق المعتقلين في الإعلام المحلي الموالي للحكومة".

وأكدت أن الاعتقالات التي شملت المواطنين لمجرد "انتقادهم السلمي لسياسات الحكومة أو مناصرة الحقوق"، مشيرة إلى أن ذلك "ليس جديداً في السعودية"، لكنها أوضحت أن "العدد الهائل والطيف الواسع للمستهدفين خلال فترة زمنية قصيرة، والممارسات القمعية الجديدة، جعل موجات اعتقال ما بعد 2017 ملحوظة".

معتقل الريتز  ودار الضيافة

وتحدث التقرير عن الانتهاكات التي ارتكبت منذ تولي محمد بن سلمان منصبه، والتي شملت "احتجاز أشخاص في مراكز اعتقال غير رسمية".

وأشار إلى ما يُسمى بمعتقلي الفساد الذين احتُجزوا في فندق "الريتز كارلتون" الفخم في الرياض، من أواخر 2017 وحتى أوائل 2018، وناشطات بارزات في مجال حقوق المرأة المحتجزات فيما وصفوه بـ"الفندق" أو "دار الضيافة"، خلال صيف 2018، مؤكدة "تفشّي التعذيب وسوء المعاملة في هذه المواقع".

وأضاف التقرير: "شملت الممارسات المسيئة الاحتجاز التعسفي لفترة طويلة –سنتين في بعض الحالات– بدون تهمة أو محاكمة أو إجراءات قانونية واضحة، بعض ممن عُرفوا بمعتقلي الفساد الذين أوقفوا في أواخر 2017 ما زالوا محتجزين بدون تهمة أو محاكمة، من بينهم تركي بن عبد الله، نجل الملك الراحل عبد الله والحاكم السابق للرياض، والوزير السابق عادل الفقيه".

وتحدثت المنظمة عن استهداف السلطات السعودية أقارب لمعارضين ونشطاء سعوديين بارزين، وفرضت عليهم حظر سفر تعسفياً، ونقلت عن عمر عبد العزيز، وهو معارض سعودي مقيم في كندا، قوله: "إن السلطات السعودية اعتلقت أخوي، في أغسطس 2018، لتُسكت نشاطي على الإنترنت".

الابتزاز والإعدام

التقرير الذي أصدرته رايتس ووتش، ويشمل 57 صفحة، تحدث عما أسماها بـ"الممارسات المسيئة الأخرى؛ مثل ابتزاز أصول مالية مقابل إطلاق سراح معتقلين بعيداً عن أي إجراء قانوني، وطلب عقوبة الإعدام لأعمال لا تشبه أي جريمة مُعترف بها".

وقال التقرير إن النيابة العامة السعودية تطالب بحكم الإعدام بحق المفكر الديني الإصلاحي حسن فرحان المالكي؛ بتهم فضفاضة تتصل بأفكاره الدينية السلمية، وبحق سلمان العودة، رجل الدين المعروف، بتهم تتعلق فقط بتصريحاته السياسية السلمية، وجمعياته ومواقفه، حيث اعتقلا في حملة سبتمبر 2017.

وذكرت أن السعودية استخدمت أيضاً تقنيات المراقبة التجارية المتوفرة لقرصنة الحسابات الإلكترونية لمنتقدي الحكومة ومعارضيها، مشيرة إلى أن "سيتيزن لاب"، وهو مركز أكاديمي للأبحاث في كندا، بـ"ثقة عالية" خلص إلى أنه في 2018، زُرعت برمجية تجسس في هاتف ناشط سعودي بارز يعيش في كندا.

خاشقجي يفضح جرائم بن سلمان

ورأت المنظمة الدولية أن الجانب القمعي لسجل ولي العهد الداخلي لم يخضع للتدقيق الدولي الذي يستحقه قبل أكتوبر 2018، "حينها شكّل خبر مقتل جمال خاشقجي، الصحفي وكاتب الرأي السعودي في واشنطن بوست، بوحشية في القنصلية السعودية في إسطنبول، صدمة للرأي العام الدولي، وأدى إلى تدقيق أشمل في وضع الحقوق في السعودية".

وقالت هيومن رايتس إن على السلطات السعودية "إطلاق سراح كافة المعتقلين تعسفياً أو لتهم متصلة فقط بآرائهم أو تعبيرهم السلمي، وإسقاط كافة التهم بحق المعارضين التي لا تشبه أي جريمة مُعترف بها، وتوفير العدالة عن الانتهاكات مثل التعذيب والعقاب التعسفي".

وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط لدى هيومن رايتس ووتش: "إذا أرادت السعودية السعي إلى إصلاحات حقيقية فعليها ألا تعرّض أبرز نشطائها إلى المضايقة، والاحتجاز، وسوء المعاملة".

وأضاف: "لن يكون الإصلاح في السعودية حقيقياً إن حصل في ظل واقع مرير يُسجن فيه النشطاء الحقوقيون، وتكون فيه حرية التعبير متاحة فقط لمن يحرِّض عليهم علناً".

وشهدت المملكة، خلال أكثر من عامين، اعتقال مئات من العلماء والنشطاء والحقوقيين، الذين حاولوا -فيما يبدو- التعبير عن رأيهم ومعارضة ما تشهده السعودية من تغييرات، وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.