ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

مجلس الشورى القطري بين منجزات المحاصَر وخسائر المحاصِرين

في 2019/11/06

القدس العربي-

مآزق وأزمات تعصف بدول الحصار بينما حققت قطر منجزات لافتة خلال سنتين من الحصار!

حصيلة نجاحات المحاصَر تبدو شديدة الارتباط بحصاد الخسائر الفادحة في صفوف المحاصِرين.

تمكنت قطر من خفض النفقات وزيادة الكفاءة بحيث تحول العجز الكبير في موازنة 2017 الناجم عن الحصار إلى فائض.  

نجحت قطر في احتواء آثار الحصار بفضل «النهج الهادئ والحازم والتمسك باستقلالية القرار السياسي إزاء محاولات فرض الوصاية».

*     *     *

يتزامن الانعقاد العادي الثامن والأربعون لمجلس الشورى القطري مع المرسوم الذي صدر عن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقضى بإنشاء لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وعدد من الوزراء والمختصين، تتولى التحضير لانتخابات المجلس وإعداد مشروعات القوانين اللازمة واقتراح البرنامج الزمني لعملية الانتخاب. وهذه خطوة بالغة الأهمية على طريق تطوير الحياة الديمقراطية في البلاد، والانتقال من منظومة انتخاب ثلثي المجلس وتعيين الثلث إلى نظام الاقتراع.

وبذلك فإن قطر تستكمل ما نصّ عليه دستور 2003 لجهة تطوير أنظمة السلطة التشريعية والرقابية وتحديث العديد من القوانين المتعلقة بإجراءات التقاضي، بحيث تتكامل هذه كلها مع مهام السلطة التنفيذية.

وتدخل أيضاً في الأطر الأعرض الكفيلة بتطبيق بنود رؤية «قطر 2030»، خاصة وأن استحقاق تنظيم كأس العالم لكرة القدم في سنة 2022 يقترب حثيثاً.

ومن الطبيعي أن يكون هذا الانتقال في بنية العلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ركيزة كبرى في مشاريع التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي وتطوير الاقتصاد وتوطيد استقرار الدولة على الأصعدة كافة.

وفي افتتاح دور الانعقاد الثامن والأربعين للمجلس شدد الشيخ تميم على أن هذه الخطوات، وسواها من المتطلبات الدستورية، إنما تمّ إنجازها بالرغم من الحصار الجائر الذي فرضته على قطر كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في حزيران/ يونيو 2017.

بل إن الدولة نجحت في احتواء معظم آثار الحصار السلبية، بفضل «النهج الهادئ والحازم والتمسك باستقلالية القرار السياسي في مواجهة محاولات فرض الوصاية».

وأشار الشيخ تميم إلى أن قطر، وعلى العكس مما خططت له دول الحصار، تمكنت من خفض النفقات وزيادة الكفاءة بحيث تحول العجز الكبير في موازنة 2017، الناجم عن أشهر الحصار الأولى، إلى فائض.

وفي الآن ذاته تمكنت الدولة من استرجاع الاحتياطات وإيصالها إلى مستويات أعلى من ذي قبل، مع مواصلة التركيز على القطاعات ذات الأولوية في التعليم والصحة والاستثمار في البنية التحتية، إلى جانب تحقيق قفزة نوعية وكمية في إنتاج الغاز المسال وتصديره، وسير «قطر للبترول» باتجاه العالمية.

لكن البناء الداخلي في الميادين الدستورية والرأسمال الإنساني والاقتصاد والتنمية والاستثمار وسواها، لم يعق دولة قطر عن تعزيز سياسة خارجية متوازنة وصائبة على أصعدة خليجية وعربية وإقليمية ودولية.

وهذا ما توقف عنده الشيخ تميم في خطبته فأكد على استراتيجية «تنطلق من الموازنة بين مبادئنا الراسخة وأمننا ومصالحنا الاقتصادية، كل هذا في إطار تحديد موقعنا الحضاري والجغرافي والاستراتيجي في هذا العالم ومعرفة قدراتنا».

وقد اختارت الدوحة أن تلعب «دور المسهِّل للحوار والحلول العادلة وتسوية المنازعات بالطرق السلمية»، والمشاركة في جهود «تحقيق التعايش السلمي، وحماية البيئة، ومحاربة الفقر»، إلى جانب مكافحة الإرهاب ومسبباته.

وإذْ ينظر المراقب المحايد إلى سلسلة المآزق التي تعيشها دول الحصار والأزمات المتعاقبة التي تعصف بها داخلياً وخارجياً، بالمقارنة مع ما حققته قطر من منجزات لافتة خلال أكثر من سنتين من الحصار الذي فُرض عليها، فإن حصيلة نجاحات المحاصَر تبدو شديدة الارتباط بحصاد الخسائر الفادحة في صفوف المحاصِرين.