دول » عُمان

في يومها الوطني.. هكذا حافظت عُمان على استقرارها

في 2019/11/18

الخليج أونلاين-

شكل الثامن عشر من نوفمبر من كل عام يوماً تاريخياً مجيداً من أيام سلطنة عمان الخالدة، وانطلاقة جديدة لسنوات أخرى في مسيرة بناء نهضة واسعة النماء ومستمرة العطاء، ورمزاً لوحدة شعبها وقوته، ونجاح استقرارها السياسي والاقتصادي، وعلاقتها الخارجية الواسعة.

وتمكن سلطان عُمان، منذ توليه مقاليد الحكم في السلطنة، من إرساء أسس ودعائم الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية المستدامة في مختلف المجالات، كما حرص على إعلاء قيم العدالة والمواطنة والمساواة وحكم القانون وتدعيم أركان دولة المؤسسات التي ينعم بها المواطن والمقيم بالأمن والأمان.

كما نجحت سياسةُ سلطنة عُمان، القائمةُ على النأي بالذات عن الصراعات العالمية والإقليمية، في تجنيب السلطنة الكثير من العواقب السياسية والتبعات الاقتصادية، ووضعت لنفسها محوراً رئيسياً للوساطات ووضع حلول لكثير من الخلافات الدولية والعربية.

18 نوفمبر.. تاريخ انطلاق السلطنة

تحمل هذه الذكرى في ثناياها المنجزات الحضارية في ظل قيادة السلطان قابوس بن سعيد، الذي وعد يوم تأسيس السلطنة قبل 49 عاماً في خطابه التاريخي الأول عام 1970، بإقامة الدولة العصرية، وهو ما تحقق طوال السنوات الماضية.

وطوال المرحلة الماضية نعمت عُمان بمنجزات عديدة ومتواصلة شملت مختلف مجالات الحياة، والانتقال مما كانت عليه إلى آفاق القرن الحادي والعشرين، وإلى الإسهام الإيجابي في السلام والأمن والاستقرار لها ولكل دول وشعوب المنطقة من حولها.

وارتكزت هذه الانطلاقة على إنجازات اقتصادية واجتماعية، وعلى ازدهار وتطور كبير لمستوى معيشة المواطن العماني بكل جوانبها.

أسباب الاستقرار الداخلي

تقع سلطنة عُمان على الساحل الشرقي لبحر العرب، ولديها حدودٌ برية طويلة مشتركة مع السعودية والإمارات، إضافة إلى حدود متوسطة مع اليمن غرباً، وساحلٌ يتضمَّن أراضي تقع أمام إيران على الناحية الأخرى من مضيق هرمز.

وتتميز عُمان بالاستقرار السياسي والاقتصادي، وتولي أهمية كبيرة لجودة الخدمات والتعليم بالرغم من أنها لا تملك سوى 1.2% من إجمالي احتياطات النفط بدول الخليج.

وحرصت السلطنة على أن تكون لها تجربتها الخاصة في تدعيم العمل الشوري والديمقراطي، ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية، حيث حققت هذه الممارسة الكثير من النتائج طوال السنوات الماضية، ما عزز مسيرة التنمية وتطورها، وأسهم في إقامة دولة المؤسسات والقانون، وعزز قيم الشراكة وتعدد الآراء في إطار الحرص على تحقيق المصلحة الوطنية.

وبينما يشكل النفط 64% من الموازنة العامة للدولة، فإن توفير النسبة الباقية يكون من الضرائب وإيرادات أخرى، في حين يتميز القطاع الخاص بالقوة والتنوع حيث يغطي الزراعة والصناعة والسياحة والنسيج وصهر النحاس.

واستغلت الحكومة في السنوات الماضية عائدات ثرواتها النفطية في تطوير الهياكل الإدارية والاجتماعية، وتسريع عملية إنشاء البنية الأساسية في البلاد، منها شبكات الطرق والموانئ والمطارات والمناطق الصناعية والحرة، التي تشكل قاعدة أساسية للانطلاق نحو مشاريع تنموية واعدة خلال خطتها الاستراتيجية، لتحقق بذلك طفرة نوعية في مجالات الصحة والتعليم والخدمات والتكنولوجيا والتنوع الاقتصادي.

علاقتها بجيرانها ودول الخليج

عُرفت سلطنة عمان بدورها في تقريب وجهات النظر داخل البيت الخليجي أو بين الدول العربية وجيرانها، مثل اليمن، في الكثير من القضايا الحساسة.

وتبنت مواقف محايدة عن الإجماع الخليجي في عدد من القضايا الإقليمية، من دون أن تتخلى عن حرصها على نبذ الصدام وإبقاء باب الحوار مفتوحاً مع جميع الأطراف، خصوصاً في الأزمة الخليجية الراهنة.

ولم تشارك مسقط دول الخليج في عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن الجار الغربي لها، بل وتحولت إلى دولة مساعدة في إنهاء الصراع باليمن سياسياً وتقريب وجهات النظر.

ورغم أن السلطنة تواجه لعبة القوة الحالية؛ من محاولات التجسس الإماراتية في أراضيها، والوجود العسكري السعودي على الحدود اليمنية العمانية، فإنها لم تظهر خلافاتها للعلن، وأبقت على علاقتها الكاملة مع الدولتين الجارتين دون تغيير.

وبالرغم من أنها أحد مؤسسي مجلس التعاون الخليجي، ترفض مسقط أن تكون ساحة لنفوذ أي من اللاعبين، مؤكدة في أكثر من موقف استقلال قرارها على صعيدي السياسة والاقتصاد.

نجاح سياستها الدولية

وفي منطقة مشتعلة بالأزمات والصراعات المسلحة، تقف سلطنة عمان في منطقة خاصة بها بعيدة تماماً عن الانحياز لطرف على حساب آخر.

وطوال تاريخها الحديث، عادةً ما تدعو عمان إلى الحوار والتعاون والاستقرار الإقليمي، وأضحت الدبلوماسية العُمانية محطة واضحة للجميع، حيث تعمل على مدّ الجسور بين الأطراف، وتجمع ما بين التناقضات، وترصّ صفوفها دائماً للبحث عن حلول على المستوى الإقليمي أو العالمي.

ومبدأ الحياد وعدم التدخل ليس موضوعاً طارئاً على السياسة الخارجية العمانية، فلها باع طويل في هذا المضمار، ففي حرب العراق وإيران سنة 1980، بقيت مسقط على الحياد ورفضت استعمال أراضيها لقصف إيران.

وبعد توقيع اتفاقية كامب-ديفيد بين "إسرائيل" وأنور السادات، كانت عُمان الدولة العربية الوحيدة التي لم تقطع علاقتها مع مصر، دون أن يؤثر ذلك على علاقتها بالدول العربية الأخرى.

ومع بدء تكشف ارتدادات الثورة السورية 2011، وبعد أن قامت معظم الدول العربية بقطع العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، أبقت سلطنة عمان على العلاقات الجيدة مع النظام السوري، واستقبلت وزير خارجيته وليد المعلم، ولكنها في نفس الوقت لم تتردد في استقبال المعارض خالد خوجة.

إلى جانب ذلك، ظهر الدور الأبرز الذي قامت به سلطنة من خلال وساطتها التي تمخض عنها الاتفاق النووي الإيراني–الغربي، إضافة إلى أنه عقب التوتر الكبير الذي شهدته منطقة الخليج منتصف 2019، ظهرت معلومات تتحدث عن وساطة قادتها بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وهو ما أسهم في إيقاف حرب كبيرة كانت ستندلع في المنطقة.

ويؤكد سلطان عُمان حرص بلاده على تعزيز التفاهم والحوار بين الدول لحل القضايا بالطرق السلمية، مبدياً تفاؤله بالجهود المبذولة لإحلال الاستقرار في المنطقة.

وقال في كلمة له خلال رئاسته لمجلس الوزراء العماني، في 14 نوفمبر الجاري: إن السلطنة تؤكد "حرصها الدائم والمستمر على تعزيز التفاهم والحوار البناء والتعاون بين الدول من أجل حل كافة القضايا بالطرق السلمية وسط أجواء آمنة ومستقرة".

دولة بلا إرهاب

حلت سلطنة عمان في المركز الأول عالمياً في مؤشر "الخلو من وقوع الإرهاب"، وفقاً لأحدث تقارير التنافسية العالمية لعام 2019.

وفي 2 نوفمبر 2019، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطنة شريك إقليمي ودولي مهم في مكافحة الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط.

وأشارت الوزارة في تقريرها السنوي الخاص بجهود دول العالم في مكافحة الإرهاب لعام 2018، إلى أن السلطنة عملت بنشاط في عام 2018 لمنع الإرهابيين من شن هجمات أو استخدام البلاد كملجأ آمن لهم، كما تواصلت على مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية للتعاون والمشاركة بفاعلية في هذا الشأن.

وأشادت الخارجية الأمريكية بجهود السلطنة المتواصلة في هذا المجال للعام الثالث على التوالي، ودورها في هذا الصدد على الصعيدين الإقليمي والدولي، والذي انعكس على حجم الأمن والاستقرار الذي تشهده السلطنة، حيث لم يتم الإبلاغ عن حادث إرهابي واحد خلال العام المنصرم 2018، وهو الأمر الذي أكد خلو البلاد من الإرهاب ومن أي تهديد إرهابي.