قضاء » قضايا

ما قصة النواب الكويتيين الذين صدر مرسوم أميري بالعفو عنهم؟

في 2019/12/20

الخليج أونلاين-

توشك الكويت على إنهاء إحدى أكبر الأزمات السياسية التي شهدتها البلاد، بسبب حادثة ما تعرف بـ"اقتحام مجلس الأمة"، إبان ثورات الربيع العربي عام 2011.

قضية اقتحام المجلس شغلت الشارع السياسي في البلاد منذ عام 2011، فالكويت، البلد الخليجي الذي يملك مجلساً للنواب منتخباً شعبياً، عادة ما يشهد سجالات واستجوابات للوزراء في المجلس الذي تسبب في استقالة 35 حكومة.

وبعد مرور نحو 8 سنوات بدأت تلك الحادثة بالتدرج نحو إنهاء آثارها، مع إصدار مراسيم أميرية بالعفو عن بعض ممن شاركوا فيها وفي مقدمتهم النائبان وليد الطبطبائي وفهد الخنة اللذان عادا إلى البلاد بعد مرور سنوات على مغادرتهما إلى تركيا.

ما قضية اقتحام المجلس؟

في مساء يوم الأربعاء، السادس عشر من نوفمبر عام 2011، أو ما عُرف بعام الربيع العربي، انطلق المئات من المتظاهرين الكويتيين، يرافقهم بعض نواب المعارضة، نحو مجلس الأمة الكويتي في العاصمة الكويت وتحديداً نحو قاعة "عبد الله السالم"، قاعة المجلس الرئيسية، في تظاهرة لم تشهد الكويت مثلها من قبل.

اجتمع هؤلاء المتظاهرون مع حشود أخرى خارج مبنى مجلس الأمة، للمطالبة بالإصلاح ورفض الفساد، وبدؤوا في ترديد الهتاف المصري الشهير الذي ألهم العالم في يناير من العام نفسه، وكان صداه لا يزال يتردد في الآفاق: "الشعب يريد إسقاط الرئيس".

كان المحتجون يطالبون بإقالة رئيس الوزراء، الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، وحل البرلمان، على خلفية اتهامات بتورط رئيس الوزراء في الفساد، واتهامه بتحويل أموال عامة إلى حسابات مصرفية خاصة بنواب في مجلس الأمة خارج الكويت لتأمين تصويتهم للحكومة.

وكانت حدة التوتر قد تصاعدت قبل هذه الأزمة، إثر إطلاق المعارضة حركة احتجاج في أكتوبر من العام نفسه، أدت إلى تظاهر الآلاف، بعد فضيحة فساد مدوية، اتُهم فيها قرابة 15 نائباً (من أصل 50 في مجلس الأمة)، علاوة على مسؤولين حكوميين.

غضب أمير الكويت

كان أمير الكويت قد عقّب حينذاك على ما حدث، وقال إن اقتحام المعارضة لمبنى مجلس الأمة كان "يوماً أسود" في تاريخ البلاد.

وأُحيل نحو 40 شخصاً، من بينهم نواب في البرلمان، للنيابة العامة لاتخاذ إجراءات قانونية ضدهم بسبب مشاركتهم في اقتحام البرلمان.

وفي 15 ديسمبر 2011، أصدر أمير الكويت مرسوماً بحل مجلس الأمة، في خطوة كانت منتظرة على ضوء الخلافات الداخلية التي أدت لاستقالة حكومة رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح.

أحكام قضائية

مطلع يونيو 2017، قضت محكمة التمييز الكويتية بحبس 70 مواطناً، منهم نواب، في قضية اقتحام مجلس الأمة، بعد حكم الاستئناف الصادر.

وأصدرت المحكمة حكماً بالحبس 3 سنوات ونصف السنة مع الشغل والنفاذ لجميع النواب السابقين، كما أيدت براءة اثنين من المتهمين، وقضت بالحبس سنتين لعدد من المتهمين مع وقف النفاذ.

واتهم في القضية عدد من النواب، من بينهم النائبان في مجلس الأمة جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، وقد سُحبت منهم صفة النائب، إضافة إلى النواب السابقين مسلم البراك وفهد الخنة وفيصل المسلم وخالد شخير ومبارك الوعلان ومحمد الخليفة وفلاح الصواغ.

واعتبرت المحكمة أن ما قام به المتهمون في 16 نوفمبر 2011 "كان جريمة علنية يعاقب عليها القانون، واتهمت المدانين بالتحريض واستعمال القوة والعنف مع حرس المجلس، ودخول عقار في حيازة الغير بقصد ارتكاب جريمة".

وفي يناير 2019، وافق مجلس الأمة الكويتي على إعلان انتهاء عضوية النائبين المعارضين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، وخلو مقعديهما.

عودة المدانين.. وعفو أميري

في أكتوبر الماضي عاد النائب السابق فهد الخنة إلى الكويت، ليكون أول العائدين من المحكومين في قضية اقتحام مجلس الأمة، وفور وصوله إلى المطار اقتيد من قبل رجال إدارة تنفيذ الأحكام إلى السجن المركزي، بعدما صدر بحقه حكم من محكمة "التمييز" بحبسه 3 سنوات ونصف السنة، قبل أن يفرَج عنه في نوفمبر الماضي بموجب مرسوم أميري بالعفو عنه.

وفي 22 نوفمبر الماضي عاد النائب السابق وليد الطبطبائي إلى بلاده، بعيد وفاة والدته في تركيا، وسلم نفسه للسلطات الكويتية، قبل أن يصدر الأمير مرسوماً بالعفو عنه، ويفرج عنه في 19 ديسمبر الجاري.

وعقب الإفراج عنه أجهش الطبطبائي بالبكاء حين تذكر والدته، وقال: "الحمد لله أولاً على خروجنا من السجن أنا وزميلي محمد نايف الدوسري، ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتقدم لوالدنا سمو أمير البلاد بالشكر على إصداره العفو، وهذا ليس بغريب على والد الجميع سمو الشيخ صباح الأحمد فهو قائد الإنسانية".

والدوسري هو ناشط كويتي، ويعد أحد المتهمين باقتحام مجلس الأمة، وسبق أن عاد إلى بلاده في 23 نوفمبر الماضي، قبل أن يفرج عنه رفقة الطبطبائي.

ترحيب بمرسوم أمير البلاد

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو بكاء الطبطبائي عقب الإفراج عنه، كما عبر كثيرون عن امتنانهم لأمير الكويت بعد إصداره مرسوماً بالعفو عن النائب السابق وعدد من المتهمين.

وكتب الناشط الكويتي في "تويتر"، حمود البشر المنصوري، قائلاً: "شكراً صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، ربي يطول بعمرك يا أمير الإنسانية على العفو".

وعبر خالد محمد الهضيبان عن أمله في انتهاء قضية اقتحام المجلس، وقال: "الحمد لله على سلامة وليد الطبطبائي (..) والفال لبقية الأخوة النواب السابقين والشباب الوطني المحكومين في قضية دخول المجلس وطيّ صفحة الماضي وبدء بناء كويت جديدة يسودها تلاحم أبنائها".

الناشط محمد الناصر قال في تعليق له على خبر الإفراج عن الطبطبائي: "إن الكويت بحاجة إلى الهدوء والابتعاد عن لغة الإثارة التي يحاول البعض استخدامها، وعن لغة الشعارات"، مضيفاً: "الحكم كان مسيّساً والعفو الأميري سينهي حالة التأزم السياسي الذي تعيشه الكويت".

من جانبه طالب النائب الكويتي صالح عاشور بـ"العفو عن المغردين الشباب المحكومين أو الذين يوجدون خارج البلاد بسبب أحكام صدرت ضدهم لتغريداتهم في وسائل التواصل الاجتماعي أسوة بالعفو الذي صدر بحق عدد من المحكومين في قضية دخول المجلس".

ونقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية عنه قوله: "إن المواطنين في الديوانيات ووسائل التواصل يتحدثون عن الأوضاع الداخلية للبلاد خاصة فيما يتعلق بقضية العفو عن المحكومين في قضية دخول المجلس، ‏كما أن ذوي الشباب المغردين المحكومين يطلبون منا كنواب إيصال رسالة إلى الديوان الأميري ورئيس الوزراء بأن العفو يجب أن يشملهم، فهؤلاء لم يكونوا على علم بأن القانون يجرم ما ذكروه في تغريداتهم بوسائل التواصل".