اقتصاد » مياه وطاقة

الاقتصاد الخليجي على برميل بارود

في 2020/01/06

مصطفى عبد السلام- العربي الجديد-

كل السيناريوهات باتت مفتوحة في منطقة الخليج عقب زيادة حالة الاحتقان التي خلفتها عملية اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، يوم الجمعة في مطار بغداد الدولي.

ومع عودة أجواء الحرب والمخاطر الجيوسياسية إلى المنطقة يعود التوتر مجدداً إلى أسواق واقتصاديات واستثمارات وصادرات الدول المعنية بالأزمة الحالية، وفي المقدمة إيران والعراق ودول الخليج، وربما تمتد التداعيات لاحقاً إلى دول أخرى منها لبنان وسورية واليمن.

وفي حال طول أمد الأزمة الحالية، فإن التأثيرات السلبية لها قد تمتد لأسواق العالم، خاصة سوق النفط والطاقة، وكذا البورصات وأسواق المال، إذا ما أقدمت إيران على غلق مضيق هرمز الاستراتيجي، أهم شريان نفطي في العالم، أمام السفن النفطية الخليجية والعالمية، أو حتى مجرد التلويح بإغلاق المضيق الذي يمر من خلاله نحو 30% من الامدادات النفطية إلى أسواق العالم، أو في حال وقوع عمليات تخريبية من قبل إيران للناقلات والمنشآت النفطية في المضيق الاستراتيجي أو على طول الممر المائي في الخليج.

ومع تصاعد التهديدات الموجهة للولايات المتحدة عقب مقتل قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي في بغداد، خاصة من قبل إيران والميلشيات الداعمة لها في العراق ولبنان، تعيش اقتصاديات دول المنطقة مرحلة حرجة ربما ترجمتها بسرعة التراجعات الحادة التي شهدتها البورصات الخليجية أمس الأحد، وفي مقدمتها بورصة الكويت التي تهاوت لتخسر أكثر من 4% من قيمتها السوقية، ثم بورصة دبي 3.06%، فالسعودية 2.4%، وقطر 2.14%، وأبوظبي 1.4%.

وبات المستثمرون في المنطقة أكثر توتراً من أي وقت مضى، في ظل سيناريوهات شديدة القتامة يرسمونها للمرحلة المقبلة، فإذا ما نفذت إيران تهديداتها وضربت مصالح أميركية في المنطقة، فإن أميركا قد ترد بضرب منشآت حيوية واستراتيجية داخل إيران.

وإذا ضربت القوات الأميركية 52 هدفاً داخل إيران كما هدد ترامب اليوم الأحد، فإن الأخيرة ستوجه صواريخها وطياراتها المُسيّرة ومدافعها نحو القوات والمنشآت الأميركية المتمركزة في الخليج، وربما في العراق وسورية.

وفي حال استهدفت أميركا الأماكن الدينية المقدسة والتراثية داخل إيران، كما هدد ترامب اليوم أيضاً، فإن شركة أرامكو النفطية السعودية قد تكون هدفاً مباشراً للصواريخ الإيرانية، وبالتالي يتم تكرر سيناريو 14 سبتمبر الماضي حينما استهدفت طائرات مُسيّرة أو صواريخ كروز منشآت نفطية سعودية في بقيق وخريص، وهو ما أدى إلى حدوث شلل في القطاع النفطي السعودي وفقدان إنتاج المملكة أكثر من 50% من كميته، ما يعادل 5% من الإنتاج العالمي، والنتيجة خسارة الموازنة السعودية مليارات الدولارات بسبب تراجع الصادرات النفطية المصدر الرئيسي للإيرادات العامة.

وإذا ما أقدمت المليشيات الموالية لإيران في العراق على استهداف القوات الأميركية، فإن الأراضي العراقية قد تتحول إلى ساحة حرب، خاصة إذا ما أقدم البرلمان العراقي على اتخاذ قرار بطرد القوات الأميركية من البلاد كما هدد نواب اليوم.

وهو ما يضعف الاقتصاد الوطني، وربما يؤدي إلى تراجع الصادرات النفطية وتفاقم أوضاع الموازنة التي تعاني من عجز حاد، وهو ما يغذي الحراك الحالي.

في كل الأحوال فإن منطقة الخليج ستخسر من الأزمة الحالية حتى ولو زاد سعر النفط بسبب المخاطر الحالية كما جرى يوم الجمعة الماضي حينما قفز السعر لأكثر من 4% عقب اغتيال سليماني.

وما حدث للبورصات الخليجية، اليوم الأحد، هو ترجمة سريعة للمخاطر التي تواجه اقتصاديات المنطقة، وتفاقم أزمة سليماني قد يلعب دوراً أكبر في التسبب في موجة نزوح للأموال والاستثمارات المحلية والأجنبية من كل دول الخليج، وهنا تتعرض الاقتصاديات لضغوط أكبر تضاف إلى الضغوط الحالية.