مجتمع » حريات وحقوق الانسان

بولندي يكشف تفاصيل تعذيب أحمد منصور نفسيا بسجون الإماراتية

في 2020/01/09

متابعات-

تحدث رجل الأعمال البولندي "أرتور ليجيسكا" الذي كان نزيلا في السجن مع الحقوقي الإماراتي البارز "أحمد منصور"، عن التعذيب النفسي والانتهاكات التي يعاني منها الأخير في مقر احتجازه. 

كان "أرتور"، الذي أصبح يعتبر "منصور" أخا له، ينتظر المحاكمة بتهم متعلقة بالمخدرات في سجن الصدر سيء الصيت بأبوظبي في صيف 2018 عندما ناداه "منصور" من على بعد زنزانتيْن.

ويحكي "أرتور" قصة خلافه مع أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبوظبي، وما تلاها من اعتقال وحكم بالسجن مدى الحياة، والشهور التي قضاها في السجن قبل أن تتمكّن السلطات البولندية من إطلاق سراحه.

ورواية "أرتور" عن الوقت الذي قضاه مع "منصور" هي أول تقرير تفصيلي عن أحوال المدافع الحقوقي الإماراتي منذ احتجازه، ونشرتها المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش".

يقول "أرتور" إن خلافا مع أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبوظبي كان السبب الحقيقي لاعتقاله في أبريل/نيسان 2018 بتهم تتعلق بالمخدرات، بقى عقِبها 5 أشهر رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة في سجن دبي المركزي، ثم حُكم عليه بالسجن المؤبد دون إمكانية السراح المشروط، وقضى في السجن 8 أشهر قبل أن تضمن السلطات البولندية إطلاق سراحه في مايو/أيار 2019.

ويصف "أرتور" وضع "منصور" بأنه قاتم، لكن مصحوب بالأمل.

وعن ذلك، يقول: "لم أر منصور يتعرض لعنف جسدي قطّ. لكنك تجلس في زنزانة مساحتها 4 أمتار مربعة، وليس لديك الحق في الذهاب إلى المكتبة. يعرفون أنك شخص مثقّف ويحرمونك من الكتابة. تُحرم حتى من الضوء في زنزانتك. لا حاجة إذن للعنف البدني. هذا أمر فظيع وكارثي. هذا تعذيب نفسي".

تمكن "أرتور" من الاحتفاظ بمذكرات عن الفترة التي قضاها في السجن، وفي الصفحة 150، وصف زنزانتَه، قائلا إنها عبارة عن ثقب رطب يعج بالحشرات؛ حيث لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتار مربعة، وفي أرضها ثقب بمثابة مرحاض.

ويضيف: "أتذكر اليوم الذي خسر فيه الاستئناف، عاد منصور إلى حبسه الانفرادي وأخذ يصرخ". 

وأضاف: "بعد ذلك بوقت قصير، قرر منصور الإضراب عن الطعام". 

ويروي "أرتور"، الذي كان يُسمَح له بمغادرة الحبس الانفرادي للذهاب إلى الكافيتيريا، "بخلاف "منصور"، كيف شاهد تدهور حالة الأخير الصحية كلما مرّ بنافذة زنزانته الصغيرة، قائلا "خسر فورا الكثير من وزنه وتغيّر لون وجهه".

قال "أرتور" إن "منصور بدا على شفير الموت بعد أربعة أسابيع من الإضراب عن الطعام. نُقل حينئذ إلى الزنزانة 1"، ولم يعد التواصل المباشر بينهما سهلا.

ومن خلال سجناء آخرين يتكلمون الإنجليزية، تمكن "أرتور" من الحصول على رقمي هاتف من "منصور". 

وأضاف "كان منصور دائما يُحدثني عنكم. عن أصدقائه الناشطين الحقوقيين في أنحاء العالم. كان يعلم دائما أنه مهما سيحدث، ستبقون بجانبه". 

"أرتور"، الذي كان بصدد استئناف الحكم بسجنه مدى الحياة، اتصل بالرقمَين. رقم واحد منهما فقط كان لا يزال يعمل، وكان يعود لـ"كريستينا ستوكوود"، صديقة منصور من "مركز الخليج لحقوق الإنسان".

في الأيام التالية، انتشر خبر إضراب "منصور" عن الطعام الذي دام شهرا في جميع أنحاء العالم.

يتذكر "أرتور" أن "وضع منصور تحسّن قليلا بعدما ذاعت أخبار إضرابه عن الطعام"، مضيفا: "أصبح قادرا على مغادرة زنزانته للذهاب إلى الكافيتيريا والاتصال بوالدته والخروج إلى باحة السجن، أتذكر أنه كان يبكي كطفل صغير".

وتابع: "أبلغت سلطات السجن منصور أن لا سيطرة لديها على ظروفه، وأن جميع التعليمات جاءت مباشرة من قصر الرئاسة. اختار منصور الخوض في معركة ضارية".

من جانبها، علقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" على رواية "أرتور" قائلة: "قصة تشابك قِصّتَي رجل الأعمال البولندي والمهندس والشاعر والناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور، هي مأساة لكلا الرجلين". 

وأضافت: "أحدهما حر طليق، لكنه محطم، والآخر في طي النسيان، مختف، محبوس في زنزانة قذرة ورطبة، ومحروم من حريته لأنه تحلى بشجاعة النضال من أجل حريات الآخرين. لكن هناك أمل. حتى في جناح لعزل المساجين في أحد أكثر البلدان قمعا، تمكّن منصور من إقامة علاقة إنسانية وإيصال رسالته. لا يزال معنا، ولا يزال يناضل".

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعثت منظمات "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" و"مركز الخليج لحقوق الإنسان" و137 منظمة أخرى برسالة إلى الرئيس الإماراتي "خليفة بن زايد آل نهيان"، طالبت خلالها بالإفراج عن "منصور".

و"منصور" ناشط سياسي وحقوقي إماراتي ومهندس وشاعر، وواحد من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات، وهو أيضًا مدون، ونال جائزة "مارتن إينالز" للمدافعين عن حقوق الإنسان عام 2015.

اعتقلته السلطات في الإمارات، عام 2011 بتهمة "إهانة كبار مسؤولي الدولة"، لكنها أفرجت عنه بعد 8 أشهر ووضعه تحت المراقبة الإلكترونية، قبل أن تقوم باعتقاله مرة أخرى عام 2017.

وفي 2018، أصدرت المحاكم الإماراتية، حكما بالسجن على "منصور" لمدة 10 أعوام، وتغريمه مليون درهم إماراتي (ما يعادل 270 ألف دولار) بتهمة "خدمة أجندة تنشر الكراهية والطائفية، والعمل على زعزعة الاستقرار عبر الترويج للمعلومات الكاذبة والمضللة".

وخلال سجنه، تدهورت صحة "منصور"؛ إثر إضراب عن الطعام قام به ضد ظروف احتجازه.

يذكر أن المئات من الناشطين والناشطات الإماراتيين يعانون ظروفا سيئة في سجني "الوثبة" و"الرزين" اللذين يُصنفان من ضمن أسوأ السجون في العالم.