دول » دول مجلس التعاون

متى تعلنون وفاة مجلس التعاون الخليجي؟

في 2020/01/09

أحمد شوقي- راصد الخليج-

في خضم العواصف السياسية الراهنة، من المفترض أن تسعى المجتمعات البشرية والدول الى التكتل والوحدة لاقامة مظلات جماعية تحتمي بها الشعوب من نوازل العواصف واخطارها، بينما ما نراه في منطقتنا والتي تشهد مركز العاصفة تشرذما وصراعا لا يمكن فهمه وفقا لمعايير العقل، بينما يكون مبررا وفقا لمعايير الجنون.

بل والأدهى والأمر من ذلك اننا نرى تفسخا لتكتلات كانت قائمة بالفعل، ولم يحتفظ مدشنوها حتى بهياكلها او بالحد الادنى مما توفره من هوامش للأمان.

ومن هذه المظلات، مظلة مجلس التعاون الخليجي، والتي كان انشاؤها ربما يثير تساؤلات عن مجلس لمجموعة من الدول العربية، مقتطعين من مجلس وحدوي اكبر هو جامعة الدول العربية، وربما ينظر لذلك على انه اقتطاع او تفسخ او استئثار بمصالح ضيقة على حساب المصلحة الجمعية، فيما يشبه التكتل الانفصالي.

بينما ومع مرور هذه العقود ووصول الاوضاع للتدهور الراهن، واختزال عمل الجامعة العربية على اجتماعات دورية مملة لا تسمن ولا تغني من جوع، وبعد التفسخ الحادث في العمل العربي، فإن الاحتفاظ بمجلس التعاون، كان يمكن ان يتم التعويل عليه كنوع من العمل الجماعي في بؤرة جغرافية ملتهبة تشكل هدفا رئيسيا في لوحة النيشان الاستعمارية.

ولكن واقع الحال يقول ان هناك موت سريري للمجلس، وصراع داخلي يخلق فرصة للاستعمار بدلا من ان يشكل رادعا او على اسوأ الفروض تحجيما لنزواته وفجوره في السنوات القليلة الاخيرة.

ومجلس التعاون الخليجى من المعلوم انه  منظمة إقليمية سياسية واقتصادية عربية مكونة من ست دول أعضاء تطل على الخليج، وهى الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت.

وباعتبار كل من العراق واليمن يمثلان امتدادا استراتيجيا لدول مجلس التعاون الخليجى، فقد كانتا مرشحتين للحصول على عضوية المجلس الكاملة، ولم يحدث الا امتلاك كل من العراق واليمن عضوية بعض لجان المجلس كالرياضية والصحية والثقافية.

واليوم نرى ما يحدث بالعراق من انتهاك للسيادة وتحويله لبؤرة انطلاق حرب كبرى محتملة، ولم تشفع المظلة الكبرى ولا المظلات الصغرى انتشاله من بؤرة الضغوط الامريكية، بل وللأسف تدخلت دول خليجية في تمويل الارهاب الذي اضعف من حكوماته وجعلها عرضة لمزيد من الابتزاز والضغوط الامريكية.

وعن اليمن فالعدوان الذي يمارس عليها والذي دمر بناها التحتية واقتصادها وازهق ارواح الالاف من رجالها ونسائها واطفالها، كان بأياد خليجية، بدلا من احتواء هذا البلد الثري بشعبه وعقوله وارادته وضمه للقوة العربية في مواجهة اعداء الامة.

وكما رأينا فإن المجلس لم يفلح حتى في رأب الصدع والشقاق بين دول الخليج وبعضها، ووقف عاجزا امام صراع قطري سعودي اماراتي، واختطف القرار الخليجي، حتى في المسائل الداخلية الى الخارج الاستعماري، فأصبحت السياسات الداخلية مرتهنة بمؤسسات السلاح الامريكية، واصبحت مؤسسات العولمة هي الحاكم  للسياسات الاقتصادية.

في المادة العاشرة من مواد تأسيس مجلس التعاون، توجد نصوص تقول: (يكون لمجلس التعاون هيئة تسمى "هيئة تسوية المنازعات" وتتبع المجلس الأعلى. يتولى المجلس الأعلى تشكيل الهيئة فى كل حالة على حدة بحسب طبيعة الخلاف. .)، فأي عمل لهذه الهيئة فيما حدث ويحدث؟

ومن اهداف مجلس التعاون المعلنة:

- تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء فى جميع الميادين وصولًا إلى وحدتها

- تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها فى مختلف المجالات

- وضع أنظمة متماثلة فى مختلف الميادين بما فى ذلك الشؤون الآتية:

-الشؤون الاقتصادية والمالية-الشؤون التجارية والجمارك والمواصلات-الشؤون التعليمية والثقافية-الشؤون الاجتماعية والصحية-الشؤون الإعلامية والسياحية-الشؤون التشريعية والإدارية- دفع عجلة التقدم العلمى والتقنى فى مجالات الصناعـة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشـتركة وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها.

والمتأمل والقارئ لهذه البنود يستطيع بنفسه الحكم والتقييم لمحلة عمل المجلس في اللحظة الراهنة، والتي اختزل العمل الجماعي في قرار سعودي اماراتي ومشاغبة قطرية، بينما تتحكم مؤسسات النقد الدولي الكبرى في سياسات الاقتصاد الداخلي.

وفي لحظة ملتهبة مثل اللحظة الراهنة والتي تمتلئ بنذر اندلاع حرب كبرى وفي مقدمة جبهاتها جبهة الخليج، وهذه النذر هي وليدة السياسات الخاطئة والاصطفافات المعيبة مع العدو، اليس حريا بدول الخليج ان تعلن رسميا وفاة المجلس؟

ان اعلان وفاته اشرف من بقائه جثة هامدة تشهد انهيارا لاحلام وطموحات الشعوب، ان لم يمس الانهيار استقرارها وامنها ذاته.