علاقات » اميركي

بدعوته لنشر "الناتو" بالشرق الأوسط.. هل نعى ترامب التحالف العربي؟

في 2020/01/11

الخليج أونلاين-

يبدو أن لحلف شمال الأطلسي "ناتو" دوراً جديداً في الشرق الأوسط سيؤديه في قابل الأيام؛ على أثر تواتر الأحداث التي تهدد بانفجار الوضع في هذه المنطقة المهمة من العالم، لا سيما عقب تبادل الضربات العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران.

فقد أكدت الخارجية الأمريكية، الجمعة (10 يناير الجاري)، أن وفداً من حلف الأطلسي سيبحث معها زيادة دور "الناتو" في العراق.

جاء ذلك بعد يوم واحد من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن بلاده تعمل على إدخال دول الشرق الأوسط في حلف الناتو، مؤكداً فرض عقوبات إضافية على طهران.

وقال: إن "الناتو يجب أن يساعدنا في الشرق الأوسط من خلال الانخراط في محاربة تنظيم داعش".

تأتي تصريحات ترامب في ظل تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وطهران بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في ضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد، الجمعة (3 يناير الجاري).

وردت إيران بقصف صاروخي استهدف قاعدتين عسكريتين عراقيتين تضمان جنوداً أمريكيين في الأنبار (غرب)، وأربيل (شمال)، لكن دون أن يسفر عن وقوع أي خسائر بشرية.

حلف الناتو

حلف الناتو هو عبارة عن منظمة سياسية وعسكرية "يتمثل الهدف الأساسي لها في حماية حرية وأمن أعضائها من خلال الوسائل السياسية والعسكرية"، حسب الموقع الرسمي للحلف.

تأسس الناتو في الرابع من أبريل سنة 1949، في العاصمة الأمريكية واشنطن.

يتكون الحلف من 28 بلداً؛ الولايات المتحدة، وألبانيا، وبلجيكا، وبلغاريا، وكندا، وكرواتيا، وجمهورية التشيك، والدنمارك، وإستونيا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وهنغاريا، وآيسلندا، وإيطاليا، ولاتفيا، وليتوانيا، ولوكسمبورغ، وهولندا، والنرويج، وبولندا، والبرتغال، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وإسبانيا، وتركيا، والمملكة المتحدة.

ويتم اتخاذ أي قرار بخوض عملية عسكرية على أساس طلب قوات وتجهيزات من الحلفاء توضع تحت تصرف قيادة الناتو، وتتم في الغالب الإشارة إلى القوات التي تخدم في الحلف بـ"قوات الناتو"، على الرغم من أن الحديث يدور عن قوات متعددة الجنسيات من الدول الأعضاء في الحلف.

الاعتداء على الدول الأعضاء

تنص المادة الخامسة من ميثاق الحلف على أن الهجوم على أي دولة عضوة في الناتو يعتبر هجوماً على جميع الدول الأعضاء.

وتسهم الدول الأعضاء بشكل مباشر أو غير مباشر في تمويل الحلف، ويحث الناتو أعضاءه كافة على المساهمة بنسبة 2% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل المنظمة.

ويتبنى الحلف "سياسة الباب المفتوح"؛ فعضوية حلف شمال الأطلسي مفتوحة أمام "أي دولة أوروبية أخرى في وضع يمكّنها من تدعيم مبادئ هذه المعاهدة والإسهام في تعزيز أمن منطقة شمال الأطلسي"​.

"الناتو" العربي

كان طموح دونالد ترامب أن يرى تحالف "ناتو" مصغراً في الشرق الأوسط يتكون من دول عربية، وقد أعلن عنه نهاية 2018، مكوناً من دول الخليج الست بالإضافة إلى مصر والأردن، لكنه بحسب مختصين فقد ولد ميتاً لأسباب عديدة؛ من بينها وجود خلاف خليجي يتمثل بحصار قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر.

أيضاً فإن الحلف هذا غايته الوقوف بوجه إيران، وهو ما لا ترتضيه عدة دول تربطها علاقات جيدة مع طهران؛ مثل سلطنة عُمان والكويت.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، في وقت سابق، فإن "الأزمة التي افتعلتها السعودية والإمارات مع قطر دفعت بالأخيرة إلى التقارب مع إيران وتركيا"، مشيرة إلى أن هذا يعد معوقاً آخر أمام نجاح هذا الحلف.

السؤال الذي يطرح هنا هو: هل يحاول ترامب أن يعوض بوجود "الناتو" الأصلي الفراغ الذي لم يستطع أن يملأه بـ"ناتو" عربي؟

يجيب الكاتب والباحث العراقي وسام الكبيسي مفيداً بأن "أمركيا لم تدعم التحالف العربي ضد إيران"، ووفق رأيه فإن الولايات المتحدة "غير معنية بدعم هذا التحالف على الأرض".

وأضاف الكبيسي لـ"الخليج أونلاين" أن تحركات إيران بالطريقة التي هي عليها اليوم "تخدم المشروع الأمريكي".

ووفق قوله فإن واشنطن قد تكون تستخدم ورقة إيران للضغط على دول عربية من أجل تمرير صفقة القرن من جهة، أو التلويح لهم و"حلب الأموال"، أو محاولة الحصول على أكبر حجم من الأموال بذريعة مواجهة التهديد الإيراني، وتسليح هذه الدول وتنفيذ بعض العمليات، أو تقديم بعض المعلومات مقابل مبالغ مالية.

ومن ثم، يقول الكبيسي، أمريكا غير معنية بأن تقدم دعماً حقيقياً لمثل هذا التحالف، موضحاً: "رأينا أن واشنطن لم تقدم شيئاً، والتحالف لم يكن بالقوة ليشكل مشروعاً مثل المشروع الإيراني".

وعليه يرى المحلل السياسي العراقي أن التحالف العربي "من داخله أفقد نفسه القدرة على مواجهة المشروع الإيراني بنفس العوامل والقدرة التي يمتلكها هذا المشروع".

وحول ادعاء الرئيس الأمريكي أنه يدعو الناتو للانتشار في الشرق الأوسط لمحاربة تنظيم الدولة، يقول وسام الكبيسي: إن "محاربة داعش هي مبرر كما أن التحالف السابق أُسس كمبرر لمحاربة داعش"، في إشارة إلى التحالف الدولي لمحاربة "داعش" الذي تقوده واشنطن.

ويعتبر العراق أحد أبرز دول المنطقة التي قد يستعيد تنظيم الدولة فيها قدراته لتنفيذ عمليات ضد أهداف مدنية أو عسكرية، وهو ما قد يجعله أحد مواقع تموضع الناتو في المنطقة.

لكن الكبيسي يرى أن تنظيم الدولة هو مبرر من أجل "تأهيل العراق لكي يصبح جزءاً من منظومة الشرق الأوسط، وإلحاق هذه المنظومة بالناتو"، مشيراً إلى أن هذه الخطة هي "جزء من السياسة الأمريكية لبناء منظومة سيطرة وضبط قادرة على أن تشكل النظام الدولي القادم".

ووفق قوله فإن النظام الدولي القادم تريد واشنطن أن تبنيه وفق طريقتها، مبيناً: "وهذا يعني أن أمريكا تريد الهيمنة على المنطقة الحيوية الرابطة بين أوروبا وآسيا وجزء من أفريقيا".

وأكد أن "داعش ما هي إلا مبرر أو شماعة. ووجودها وتحركها على الأرض دائماً ينفع توجهات المشاريع الدولية والإقليمية"، مشدداً القول بأن "الكل يحاولون أن يستفيدوا من داعش، والكل يدعي أنه يحارب داعش، لكن الكل يحتاج إلى داعش من أجل أن يمرر أغراضه ومشاريعه".

أمريكا تشعر بالخطر

يرى الكاتب السياسي العراقي، في إطار حديثه عن سعي واشنطن إلى جرّ الناتو للانتشار في الشرق الأوسط، أن "أمريكا عادة عندما تشعر بزيادة بعض المخاطر تبحث عن مشاركات لتوزيع هذه المخاطر بينها وبين أطراف أخرى".

وعلى هذا الأساس يقول الكبيسي، إن الولايات المتحدة تسعى دائماً لبناء تحالفات.

واستطرد قائلاً: "رأينا أنها سعت لبناء تحالفات في أفغانستان والعراق، هي تسعى لتقليل المخاطر كلما كانت هذه المخاطر كبيرة".

وأضاف أن الولايات المتحدة هي من الأعضاء المؤسسين والرئيسيين في الناتو؛ "وبذلك هي تحاول أن تجر الناتو معها إلى هذا الملف الذي بدأ يصبح شائكاً نوعاً ما".

وتابع: "محاولة جر الناتو إلى العراق هي في جوهرها محاولة لجعل العراق يتموضع بصورة جديدة، وجره من الحلف مع إيران ليصبح في تحالف مع أمريكا والناتو.

وقال: "هذا ربما من وجهة نظر أمريكا تأسيس أو بناء منظومة أمنية للشرق الأوسط يكون العراق عضواً فعالاً فيها، هذه المنظومة تبنى من عدة دول قريبة أو حليفة مع أمريكا والغرب".

وأشار إلى أن هذه المنظومة "يمكن أن تلتحق بحلف الناتو كمنظومة موازية لها أو على الأقل موازية للاتحاد الأوروبي"، لافتاً النظر إلى أن واشنطن تحاول تأسيس هذه المنظومة في هذه المنطقة لتكون محاذية لمنظومة أوراسيا، "وعندها يمكن أن تسيطر على المنطقة لتحد من تحركات روسيا وإيران".