دول » الكويت

وزيرة تعيد جدل الاستجوابات في الكويت.. هل تنذر بأزمة جديدة؟

في 2020/01/22

الخليج أونلاين-

من حين إلى آخر تشهد دولة الكويت حراكاً سياسياً داخل دوائر الحكم التنفيذية والتشريعية، قد يصل إلى حد الخلاف السياسي بين الأطراف المتعددة من وزراء وبرلمانيين.

ويعد التدافع السياسي الذي يدور في الكويت من ميزاتها الدستورية في العالم العربي، حيث إن لمجلس الأمة (برلمان الكويت) سلطات تشريعية واسعة تتيح له مراقبة عمل الحكومة ككل ومتابعة أداء الوزارات، كلاً على حدة بشكل حقيقي وفاعل.

وتأتي قضية استجواب الوزراء وطرح الثقة عنهم من قبل مجلس الأمة ضمن أكثر الحراكات السياسية شيوعاً في البلاد، إذ تأخذ صدى إعلامياً وتثير الجدل في الأوساط الشعبية، وتفتح الباب أمام بوادر أزمة جديدة في ظل الجدل حول دستورية ما يجري.

استجواب وجدل دستوري

ورغم أنّ الحكومة الجديدة لم تكمل شهراً واحداً بعد أزمة سابقة واجهتها في مجلس الأمة، أعلن رئيس المجلس مرزوق الغانم، يوم الثلاثاء (21 يناير 2020)، تقدم نواب بطلب لطرح الثقة بوزيرة الشؤون الاجتماعية غدير أسيري، وفق صحيفة "القبس" المحلية.

جاء ذلك بعد مناقشة مجلس الأمة في جلسته العادية الاستجواب الموجه إلى الوزيرة أسيري من النائب عادل الدمخي ضمن بند الاستجوابات.

وأوضح الغانم أنه "وفقاً للمادة (102) من الدستور والمادة (144) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، لا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في هذا الطلب قبل سبعة أيام من تقديمه"، لافتاً إلى أن "التصويت سيتم على طلب طرح الثقة في جلسة الرابع من فبراير المقبل".

بدوره قال النائب المُستجيب عادل الدمخي إن استجوابه الموجه إلى الوزيرة أسيري "دستوري"، وإن محور الاستجواب "معني بما صدر من الوزيرة بعد توليها مهام منصبها".

وأضاف، في مناقشة استجوابه للوزيرة، أن "الاستجواب يناقش أموراً تدخل ضمن اختصاصات الوزيرة وليست مجرد أعمال"، لافتاً إلى مسؤولية الوزيرة عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة وذلك وفقاً للمادة (58) من الدستور.

وأكّد أن ما نسب إليه بتوجيه استجواب للوزيرة بناء على أفعال ومواقف سابقة "غير صحيح"، مشدداً على أنه لا يحاسب الوزيرة اليوم على أمور سبقت توليها المنصب الوزاري.

في مقابل ذلك أكدت الوزيرة أسيري، خلال مناقشة الاستجواب، "وجود شبهات دستورية تحيط بالاستجواب" الموجه إليها، و"عدم وضوح مادة الاستجواب وفقاً لما انتهت إليه المحكمة الدستورية وآراء العديد من الخبراء الدستوريين".

ولفتت في كلمتها أمام مجلس الأمة، يوم الثلاثاء أيضاً، إلى أن القرارات الصادرة من المحكمة الدستورية بشأن عدم جواز استجواب الوزير عن الأعمال السابقة التي صدرت قبل توليه الوزارة التي يحمل حقيبتها أياً كانت صفته وقت صدورها.

وأردفت أن "قرارات المحكمة الدستورية نصت على أن يكون الاستجواب عن الأمور الداخلة في اختصاصه وعن أعمال وزارته والإشراف على شؤونها وقيامه بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها ورسم اتجاهات الوزارة وإشرافه على شؤونها".

وقالت الوزيرة: إن "المحكمة الدستورية حسمت برأي قاطع أنه إذا تخلف أي من هذه العناصر فإن الاستجواب لا يكون موافقاً للدستور، إذا تخلفت مسألة الاختصاص الوزاري في الموضوعات والوقائع في الطلب المقدم من أحد أعضاء مجلس الأمة".

وأشارت إلى قرار تفسيري للمحكمة الدستورية صادر بعام 2006 ينص على "وجوب أن يكون موضوع الاستجواب واضحاً محدداً بوقائع تحصر أسانيدها حتى يتخذ المستجوب عدته ويستعد لمناقشته ويتمكن من الإدلاء بحجته". مؤكدةً أن هذا الاستجواب لم يلتزم بهذا القرار التفسيري للمحكمة الدستورية ولم يحدد أو يوضح أغلب الوقائع التي يستند إليها في استجوابه.

واعتبرت أن الاستجواب "سقطة في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية، وكان على أعضاء السلطة التشريعية عدم السماح بمناقشته".

على ماذا ينص الدستور؟

وينص الدستور الكويتي في مادته (101) على أنّ "كل وزير مسؤول لدى مجلس الأمة عن أعمال وزارته، وإذا قرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء اعتبر معتزلاً للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة ويقدم استقالته فوراً".

وبحسب دستور البلاد، "لا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته أو طلب موقع من عشرة أعضاء إثر مناقشة استجواب موجه إليه، ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في الطلب قبل سبعة أيام من تقديمه".

وينص أيضاً على أنه يكون سحب الثقة من الوزير بـ "أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة".

فيما جاء بالمادة (143) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة أنه "يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على المجلس ويكون بناء على رغبته أو على طلب موقع من عشرة أعضاء إثر مناقشة الاستجواب الموجه إليه وعلى الرئيس قبل عرض الاقتراح أن يتحقق من وجودهم بالجلسة".

وتقول المادة (144) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة: "يكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة ولو كانوا من أعضاء المجلس المنتخبين ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في الطلب قبل سبعة أيام من تقديمه".

ونقلت صحيفة "الراي" الكويتية، يوم الثلاثاء (21 يناير 2020)، عن مصادر نيابية (لم تسمها) قولها: إن "مادة الاستجواب تشوبها شبهة عدم الدستورية، لكن هناك آراء مسبقة وقناعات حتمية متكونة لاعتبارات عدة في صفوف بعض النواب"، مشيرة إلى أن "آراء النواب وتصويتاتهم مرتبطة بدور الانعقاد الأخير الذي يجنحون فيه بالغالب إلى الوقوف مع الاستجوابات".

أزمة مضت

وفي نوفمبر 2019، مرت الحكومة الكويتية بأزمة استجوابات في مجلس الأمة أدت إلى استقالتها بعد يومين من استقالة وزيرة الأشغال العامة جنان بوشهري خلال استجواب لها، وتقدم عدد من نواب البرلمان بطلب لسحب الثقة من الوزيرة الكويتية وكذلك وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح، على خلفية أزمة الأمطار، حيث وجهت انتقادات لأداء الحكومة في التعامل مع هطول الأمطار في الكويت خلال نوفمبر.

وانتهت تلك الأزمة بتكليف أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في 19 نوفمبر 2019، للشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة بعد أيام من استقالة حكومة جابر المبارك الصباح.

وفي 17 ديسمبر 2019، أدت الحكومة اليمين الدستورية، لتكون أقصر حكومات البلاد عمراً؛ لكونها ستتولى أعمالها حتى نوفمبر 2020 موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث تستقيل الحكومة، وفق الدستور الكويتي، بعد إجراء الانتخابات وتشكل حكومة جديدة.

وعصفت تلك الأزمة بعدة وزراء كان بعضهم في دائرة الاستجواب بمجلس الأمة، لتكون الحكومة الجديدة مكونة من 14 وزيراً بينهم 7 جدد.

الكاتب الكويتي ماجد العصفور، علق على تلك الأزمة في مقال له في صحيفة "الوطن" المحلية قائلاً: إنه "قد مضى على التجربة البرلمانية بالبلاد 58 عاماً تقريباً منذ قيام المجلس التأسيسي عام 1961 وهي فترة قصيرة نسبياً مقارنة بالدول الديمقراطية الأخرى، إلا أنها كانت تجربة مميزة للكويت، وأثْرَت العمل السياسي كثيراً ومهدت لمزيد من الحريات في كافة المجالات المختلفة، وكانت مثار فخر للكويتيين أمام دول المنطقة الأخرى".

وأضاف أن "ما يثير الأسى بالقلوب أن تحيد هذه التجربة الجميلة عن أهدافها المنشودة مع مرور السنين لتتحول إلى مجرد مصالح سياسية متبادلة بين النائب والوزير في مواقف كثيرة بما لا يخدم قضايا واحتياجات المواطنين، وخاصة على صعيد مجلس الأمة، الذي أصبح في مرمى الانتقادات بالسنوات الماضية لعدم قدرته على تلمس دوره الحقيقي المتمثل بالتشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية".

وتابع العصفور: "لقد تفرغ الكثير من النواب في الفترة الماضية فقط لما يسمى بـ الـ show الانتخابي مع اقتراب الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل، وكان السلاح المستخدم دائماً بينهم تحديداً تقديم الاستجوابات للوزراء لتحقيق مصالح ضيقة أو لخلط الأوراق دون حتى وجود ما يستحق أن يستجوب عليه الوزير وحتى مع علم هذا النائب بعدم جدوى استجوابه أو ضمان نجاحه".

وشدد الكاتب الكويتي على أن "المؤسف أن كل هذا يضعف أداة الاستجواب ويفرغها تماماً من مضمونها الذي وضعه لها المشرع كأداة رقابية لمحاسبة الوزراء ورئيس الحكومة معهم".

يشار إلى أن تجربة الكويت الديمقراطية تعد من الأكثر نضجاً في العالم العربي، وأول دولة خليجية وضعت دستوراً وأجرت انتخابات نيابية عام 1962.

وكانت آخر انتخابات نيابية تشهدها البلاد عام 2016، بعد عدة أزمات دستورية، أضعفت الدور النيابي في الكويت، الأمر الذي تداركته السلطة بإعادة انتخابات مجلس الأمة من جديد قبل ثلاثة أعوام من أجل إحياء الحياة الدستورية من جديد.