مجتمع » حريات وحقوق الانسان

جهاز للجنسيات في الكويت: المعارضة تخشى "ابتزازاً سياسياً"

في 2020/02/08

متابعات-

أدى اقتراح تقدّم به رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم لإنشاء جهاز مركزي للجنسية الكويتية، يبحث في حالات تزوير مزعومة للجنسية، إلى انقسام سياسي بارز داخل البلاد. وقال الغانم، في كلمة له أمام البرلمان، إن هذا القانون يهدف إلى حماية الكويت والمواطنين من التزوير الذي يُمارس في الجنسية الكويتية والأوراق الرسمية، مؤكداً أن كل الملفات تقبل التأجيل إلا ملف التزوير. وعرض الغانم عدداً من حالات تزوير الجنسية الكويتية، مؤكداً أن المزورين يقومون بالاستفادة من المال العام ويأخذون دور المواطنين الحقيقيين في الصحة والإسكان والتعليم وغيرها. وسيتبع هذا الجهاز المزمع إنشاؤه، لرئيس مجلس الوزراء مباشرة، كما هو الحال مع الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية "البدون". وسيتولى مهمة فحص وتدقيق الجنسيات التي تشك السلطات في أنها جنسيات اكتُسبت عن طريق التزوير، أو تقديم معلومات مغلوطة طمعاً بالاستفادة من المميزات المالية الموجودة في الجنسية الكويتية. وكان الغانم قد ذكر، في وقت سابق، أن عدد مزوري الجنسية الكويتية وصل إلى "مئات الآلاف"، وأن هناك رغبة حكومية بحسم الملف وإغلاق الباب أمام عمليات التزوير المتكررة.

لكن أعضاء البرلمان وقادة المعارضة أبدوا تخوفهم من أن يتحوّل هذا الجهاز إلى أداة "لابتزاز سياسي ضد شريحة معينة"، كما قال جمعان الحربش، عضو الحركة الدستورية الإسلامية "حدس"، الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، وأحد قادة المعارضة التي تعيش في الخارج. وقال الحربش، في تغريدات: "لدى الكثير من الكويتيين تخوّف مشروع من أننا أمام مشروع للابتزاز السياسي يوجّه لشريحة معينة، ويقوم بسحب الجنسيات والإعدام الإنساني لأسباب سياسية، كما حدث في السابق، بعيداً عن أحكام القضاء، والعكس من ذلك بأن يقوم بحفظ تزوير أطراف في السلطة التنفيذية وحلفائها. ولا خلاف في الوقوف ضد التزوير".

وكانت السلطات قد قامت بسحب جنسيات عدد من المعارضين السياسيين في الكويت وفق قانون الجنسية، الذي يتيح لها ذلك، بعد اتهامهم بالحصول عليها عن طريق التزوير، قبل أن تقرر إعادتها لهم في العام 2017 بعد أوامر من أمير البلاد. وقال النائب خالد مؤنس العتيبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مشروع إنشاء الهيئة، أو الجهاز، أمر ليس له داعٍ في ظل وجود أجهزة أمنية تحقق في حالات التزوير في حال ورود بلاغ لها. والدليل أن الأوراق التي عرضها رئيس مجلس الأمة في الجلسة، والتي تضمّنت بيانات بعض المزورين، إنما هي نتيجة تحقيقات قامت بها وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية". وأضاف أن "المواطن الكويتي اليوم يتخوف من أن يكون هذا الجهاز أداة للضغط السياسي ضد فئة معينة، ويُستخدم في تحييد مواقف هذه الفئة سياسياً"، وذلك في إشارة إلى القبليين الذين حصل معظمهم على الجنسية الكويتية عن طريق التجنيس.

من جهته، قال النائب المعارض محمد هايف المطيري، في مؤتمر صحافي داخل البرلمان، إن "هذا الجهاز سيضع جميع الكويتيين تحت طائلة الاتهام"، مؤكداً رفضه إنشاء "هيئة تقوم بالتفتيش والتحقيق في جنسيات الكويتيين"، مضيفاً "لن نسمح بجهاز مركزي جديد نسلطه على رقاب الكويتيين، يجنس من يشاء ويسحب جنسية من يشاء". ويأتي قانون إنشاء جهاز لبحث تزوير الجنسية الكويتية ضمن حزمة مشاريع تقوم بها الحكومة بالتعاون مع البرلمان، لإنهاء "أزمة الهوية الوطنية"، والتي تمثل قضية تزوير الجنسيات إضافة إلى قضية "البدون" إحدى أبرز مشاكلها. رئيس البرلمان، الذي كُلف من القيادة السياسية بإنهاء قضية "البدون"، انتهى من صياغة قانون عُرض على الإعلام الكويتي قبل فترة، ويتضمن تجنيس عدد من "البدون" وإجبار عدد آخر على استخراج أوراقهم الثبوتية الأصلية المنتمية للدول المجاورة، والتي تقول الحكومة الكويتية إنهم يخفونها طمعاً في الحصول على الجنسية الكويتية. لكن التصويت على قانون إنهاء قضية "البدون" قد يواجه عدداً من العراقيل، أبرزها عدم تأمين الحكومة أغلبية برلمانية لتمرير هذا القانون.

وقال السياسي الكويتي عبد الرحمن العجمي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة قد تلجأ لمساومة النواب، بتأجيل إنشاء جهاز لمكافحة تزوير الجنسية للبرلمان المقبل الذي سينتخب أواخر العام 2020 مقابل الموافقة على تمرير قانون "البدون". في السياق، قال نائب، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "التلويح بإنشاء جهاز للجنسية حيلة انتخابية للحصول على أكبر قدر من الأصوات في الانتخابات المقبلة، وتهديد جديد لبعض النواب، بكون الحكومة لا تزال تملك العديد من الأسلحة التي تواجه بها أي سعي برلماني لإسقاطها عبر الاستجواب أو غيره". وأضاف "الغريب أن رئيس مجلس الأمة، الذي طلب إنشاء جهاز للجنسية، هو الذي رفض قبل شهور مقترحاً بقانون لتدخّل القضاء في قضايا الجنسية الكويتية، بدلاً من القانون الحالي الذي يعطي الحكومة وحدها صلاحية السحب والتجنيس، وهو ما سيكون مع الجهاز الجديد الذي لا نعلم من يديره ولا نعلم صلاحياته ولا نعلم طريقة لإيقافه في حال إنشائه".