علاقات » تركي

في أحدث تناقضاته.. القرني يهاجم أردوغان ويُواجه بردود فعل ساخطة

في 2020/02/22

الخليج أونلاين-

لم يجد الداعية السعودي المعروف عائض القرني من سبيل سوى تحذير عالم الشريعة من الانغماس في الأمور السياسية، وكان خياره لتبرير عدم دفاعه عن الدعاة الذين اعتقلتهم السلطات السعودية، منذ سبتمبر 2017.

القرني الذي كان أحد دعاة الإصلاح يعتبر أحد الناجين من الاعتقالات التي طالت هذه الفئة من الدعاة السعوديين، وما زالوا في سجون المملكة.

وأظهر القرني انقلاباً في آرائه ليتحول إلى أحد أبرز الدعاة المؤيدين لسلطة السعودية، وسياسة ولي العهد محمد بن سلمان، على الرغم من تبنيها الانفتاح الذي يواجه انتقادات شديدة من قبل المجتمع، لا سيما في مجال الترفيه والغناء والموسيقى.

آخر ما سجله الداعية القرني من المواقف المتناقضة مع مبادئه التي عرف بها قبل حملة اعتقال الدعاة هو هجومه اللاذع على الرئيس التركي رجب طيب أردغان، ووصفه بـ"المخادع عدو الأمة الإسلامية".

ونشر القرني مقطع فيديو على حسابه في منصة "تويتر " برأ فيه ذمته قائلاً: "أبرأ إلى الله من ثنائي القديم عليه، كنت مخدوعاً به كغيري من المسلمين، ولست معصوماً ولا نبياً، أظهر لنا حسناً، ونحن نحب الإسلام ونحب من ينصره، لكنه ظهر على حقيقته، ومواقفه مشينة معيبة؛ منها العداء لبلاد الحرمين، وعدم نصرة المسلمين".

وزاد في هجومه على أردوغان: "يشق صف المسلمين في قمة ماليزيا بدعم المد الصفوي الإيراني، كما يقوم مع كل عدو يعادي المملكة، ويستضيف كل من خان وطنه وكل من تآمر، يعطيهم القنوات والأموال والدعم".

وقال إن قائد الأمة الإسلامية هو الملك سلمان بن عبد العزيز وليس أردوغان، عاداً المملكة أعظم من ناصر قضية فلسطين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز، مختتماً: "لن نساوم على البيعة ولا العقيدة ولا طاعة ولاة الأمر.. والنصر لأمة الإسلام".

واتهم القرني أردوغان بإقامة علاقات مع إسرائيل، وأنه تدخل في شأن عدد من الدول العربية.

ووجه الداعية السعودي رسالة لمؤيدي الرئيس التركي: "أقول لمن يسبحون بحمده والمتغزلين به: عقائد القبورية عنده ونوادي العهر تملأ أرضه، ثم ماذا طبق من الإسلام؟ الخلافة العثمانية احتلال للعام الإسلامي، كما احتلت السعودية، وهناك مراجع تبين ماذا فعلوا؛ هدموا الدرعية، واحتلو الجنوب. هم مجرد قتلة محتلين غصبة لم ينشروا علماً ولا توحيداً، ولا صناعة ولا زراعة".

الفيديو الذي نشره الداعية السعودي عائض القرني، الجمعة (21 فبراير الجاري)، لقي ردود فعل واسعة من قبل مواطنين عرب.

بعضهم استغرب من انقلاب القرني بالرأي، وتأخره كل هذا الوقت ليعلن اكتشافه الحقيقة بحسب رأيه، على الرغم من أن سياسة تركيا واضحة فيما يخص علاقتها الدبلوماسية بإسرائيل، ومواقفها تجاه القضايا العربية، فضلاً عن تاريخ الدولة العثمانية وآثار حكمها الذي امتد ليشمل الدول العربية.

كثيرون هاجموا الداعية السعودي عائض القرني بسبب تصريحاته هذه التي أعلنها في مقطع الفيديو، بعضهم شن هجوماً بألفاظ قاسية وجهها للقرني، وآخرون قارنوا بين الخدمات اللافتة التي قدمها أردوغان لبلده، وما يعانيه السعوديون من نقص في الخدمات البلدية.

الكاتب التركي حمزة تكين، في معرض رده على الداعية السعودي عائض القرني، وجه دعوة للأخير للمناظرة العلنية "من باب شرعي وسياسي حول تركيا والرئيس أردوغان"، متحدياً القرني بالقول: "أنتظر جوابه إن كان يجرؤ على المناظرة".

القرني.. مسلسل تناقضات متواصل الحلقات

هجوم القرني على أردوغان وسياسة تركيا والدولة العثمانية، ودفاعه عن سياسة السعودية وإشادته بولي العهد محمد بن سلمان، يعتبر حلقة من مسلسل التغيير والانقلاب بالرأي والتناقضات التي بدأ يمارسها منذ أن نجا من حملة اعتقالات وملاحقات قادها بن سلمان، في سبتمبر 2017، ضد الدعاة وأصحاب الرأي المخالف للسلطة.

وبدأ القرني يظهر حازماً في الدفاع عن سياسات بن سلمان وخطواته الجديدة التي شهدتها المملكة منذ لقاء تلفزيوني، في 6 مايو الماضي، مع الإعلامي عبد الله المديفر، على فضائية "روتانا خليجية".

في ذلك اللقاء حرص القرني على تبرير إعلان بن سلمان انتهاء "الصحوة" الإسلامية في المملكة، التي كان من أبرز مشايخها والمنظرين لها.

وخلال اللقاء الذي استمر ساعة وعشرين دقيقة، هاجم القرني، بعد سؤاله من المذيع، قطر وتركيا وإيران، زاعماً أنهم يكنون العداء للسعودية.

وعمل المذيع السعودي على جلب فيديوهات قديمة للقرني يكيل فيها المديح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ثم الطلب من جديد موقفه منه، وهو ما قابله الداعية السعودي بالهجوم على أنقرة إرضاءً للموقف السعودي العام في السياسة الخارجية الجديدة.

القرني كرر دعمه لبن سلمان أكثر من مرة خلال حديثه للإعلامي، مؤكداً أن هناك ثلاثة خطوط حمراء بالنسبة له؛ أولها "الدين المعتدل الوسطي"، والمملكة، وسلمان وابنه، وأنه سيعمل على تسخير قلمه في مشروع "الاعتدال" الذي يقوم عليه ولي العهد "من هذه الليلة".

ظهور القرني على قناة "روتانا" وهجومه السياسي على قطر، وهجومه الأخير على أردوغان وسياسة تركيا، جاء مخالفاً لما أعلنه في يناير 2018؛ عن توبته من السياسة واعتزاله لها، "لكونها خطراً على الشريعة".

وكان القرني حذر، في 18 يناير 2018، من انغماس عالم الشريعة في الأمور السياسية، مشيراً إلى أنه إذا اتخذها منهجاً أفسدت عليه علمه وإصلاحه؛ "لأن السياسة في غالب أطوارها متلونة متقلبة مخادعة".

واستطرد قائلاً: إن السياسة "تعتمد على المناورة والاحتيال والتدليس والتلبيس، والعلم الشرعي يحتاج إلى صدق ووضوح وصراحة؛ وهذا ما يخالف غالب أطروحات السياسة"، وقد أكد أنه طلق السياسة "ثلاثاً".

وأضاف: إن "للسياسة أهلها وروادها وأساطينها الذين يتولونها، ومهمة عالم الشريعة أن يفهم السياسة ويوجهها توجيهاً شرعياً؛ ولكنه إذا ذهب للتدخل في كل شأن سياسي والإدلاء بتصريح عند كل حادثة والتعليق على كل مناسبة فمعنى ذلك أنه أصبح محللاً سياسياً ودبلوماسياً، وكأن الله أعطاه علم الأولين والآخرين".

خطابات لا تخلو من السياسة

وعرف عن القرني تناقض مواقفه حول الكثير من القضايا العربية والإسلامية، إذ يربط خطابه بمواقف السياسة العامة للسعودية، حيث أظهر آراء متناقضة حول قضايا تتعلق بالوضع في سوريا واليمن، وعدد من البلدان العربية.

وخرج القرني في عدة خطابات مادحاً ولي العهد السعودي، متناسياً ما فعله بمئات الدعاة والنشطاء، وسياساته التي خلقت أزمات عالمية للمملكة، إذ قال في حديث سابق له: إن "كلمات بن سلمان تسطَّر بماء من ذهب، وتبعث روح الأمل لكل سعودي".

وزعم القرني في حديث سابق لصحيفة "سبق" السعودية أن "سجلّ بن سلمان يحمل هموم الوطن، وترافقه أينما حلّ، ورؤيته الثاقبة 2030 تحمل الإنجازات والخير، حيث تُزهر السعودية وترتقي"، وهو ما يخالف بن سلمان نفسه؛ الذي تحدّث عن صعوبات في تطبيق الرؤية لانسحاب المستثمرين من المملكة، وفق ما كشفت "وول ستريت جورنال"، في أبريل الماضي.

ومن أبرز مواقف القرني المتناقضة ظهوره في مقطع فيديو ينفي فيه دعوته للقتال في العراق، أو حمل السلاح في سوريا، ثم الهجوم على الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

وفي أحد البرامج على قناة "العربية" السعودية اعتبر القرني أن "قتال الأسد أولى من قتال (إسرائيل)؛ لكونه أصبح واجباً شرعياً نصت عليه الأدلة الشرعية"، ولكن سرعان ما بدّل آراءه في مقابلة أخرى: "لم أذكر الجهاد في العراق أو سوريا، وأتحدى أن يؤتى بشريط حول فتوى لي بهذا الشأن".

ووصل تناقض القرني وخشيته من سوط بن سلمان إلى التراجع عن نصرة القضية الفلسطينية، تناغماً مع الموقف السياسي للسلطات السعودية، التي تشهد تقارباً في العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وأقدم الداعية السعودي، في مايو 2018، على حذف تغريدة قديمة من حسابه الرسمي عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يدعو فيها بالنصر للفلسطينيين على من أسماهم بـ"أبناء صهيون".

وبدأت القصة بإعادة المغرّد القطري عيسى بن ربيعة نشر تغريدة للقرني يعود تاريخها إلى أكتوبر 2015، وطلب من الداعية السعودي أن يعيد نشرها.

وجاء في التغريدة: "اللهم منزل الكتاب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، انصر أبطال فلسطين على أبناء صهيون"، لكن المفاجأة كانت هي حذف القرني للتغريدة، دون إبداء أي تعليق حولها.