ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

بعد 1000 يوم.. دول حصار قطر تعترف بفشلها إعلامياً

في 2020/02/26

متابعات-

أنهى الحصار المفروض على قطر، الذي تفرضه كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أكثر من 1000 يوم، وسط فشلٍ كبيرٍ في تحقيق أهدافه، باستثناء ارتكاب مزيد من الانتهاكات.

ولم تتوقع دول الحصار أن تسهم قوة الإعلام القطري في صد افتراءاتها، حيث كان أحد الأسباب الرئيسية في مواجهة مؤامرات 4 دول بكل إمكانياتها الإعلامية والسياسية، بل أقرت بفشلها في مواجهة إعلام قطر، الذي حقق صموداً أسطورياً خلال الفترة الماضية.

وشهد إعلام الدول الأربع حالات من الصدمة وجلد الذات والارتباك، بعد الفشل المتواصل للإعلام، بمختلف أشكاله، في التعامل مع الأزمات التي تعصف بدولهم، على عكس الإعلام القطري الذي مضى بخطوات ثابتة مواجهاً كل التحديات، وبات إسكاته أحد شروط تلك الدول للتفاوض مع الدوحة.

إقرار بالفشل في السعودية

ولعل الفشل المرتبط بإعلام دول الحصار، والسعودية بشكل خاص، ما تتعرض له المملكة من اتهامات وانتقادات دولية منذ بدء الحرب باليمن مروراً بحصار قطر، ووصولاً إلى قتل الصحافي جمال خاشقجي والاعتقالات، جعلها تعترف بفشل إعلامها في مواجهة تلك الاتهامات.

الداعية السعودي عائض القرني، المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، اعترف بفشل الإعلام السعودي الذي يصدر للخارج "من خلال ضعف رسالته"، وقال: "هو إعلام ضعيف ولا يؤدي رسالة وينبغي مراجعة الأمر فيه".

وأضاف في مداخلة مع إذاعة "إم بي سي" السعودية، في 25 فبراير 2020: "المملكة تحتاج لإعلام قوي مثل قوة الدولة"، مضيفاً: "جلست مع مسؤولين وأقروا بأن إعلامنا ضعيف ولا يقدم الكثير، فيما الإعلام الذي يهاجمنا قوي جداً".

وتابع: "ينبغي أن يكون لنا إعلام وقنوات قوية تخاطب العالم. لا يمكن أن نستخدم إعلاماً في الطوارئ، ونستنفر في أوقات محدودة، بل إنه يحتاج إلى دراسة حتى يكون إعلاماً قوياً بشكل عام".

وتابع: "الصوت المعادي لنا درسوا الأفلام والإنتاج وإيصال الكلمة"، مضيفاً: "نريد إعلاماً يدافع عنا أمام العالم وليس إعلاماً ارتجالياً، ونحتاج إلى مدينة إعلامية لمواجهة كل ذلك وبعدة لغات لإقناعهم".

اختبار الفشل للإمارات

وقبلها بنحو شهرين وقَع الإعلام الإماراتي أمام اختبار مصيري، لكنه فشل فيما كان مطلوباً منه، ليشن بنو جلدته هجوماً شرساً عليه.

في ديسمبر 2019، تقاذفت النخبة الإماراتية التهم حول سبب الفشل في التعامل مع أزمة ما أطلق عليها "المنتجات المغشوشة" التي وصلت إلى السعودية من الإمارات، وقضية "التجسس" التي كشفت عنها وكالة "رويترز" باستخدام دولة الإمارات برنامجاً منذ 2008 للتجسس على مسؤولين خليجيين وعرب، والوصول إلى حالة من النزاع وتبادل الشتائم، وتهديدات بالذهاب إلى القضاء، ورفع دعاوى قذف وتشهير.

وعمل الإعلام الإماراتي خلال الحملة السعودية الشعبية على محاولة إقناع السعوديين بأن قطر تقف خلفها، وهو ما لم ينطلِ على الشعب السعودي، الذي واصل هجومه على الإمارات، ما دفع الجهات الرسمية فيها إلى إصدار توضيح حول جودة تلك البضائع.

وعكست حالة التشتت التي شهدها الإعلام الإماراتي غضباً وعدم رضى من قبل مسؤولي الدولة حول أداء إعلام بلادهم، رغم الإمكانيات المالية الهائلة التي سُخرت لهم، وتخصيص ميزانيات مفتوحة لهم، وافتتاح منصات إعلامية جديدة، بعد إعلان السعوديين مقاطعة البضائع الإماراتية.

الإمارات تعترف
وشهدت منصة موقع التواصل الاجتماعي الشهير بالإمارات "تويتر" خلافاً حاداً بين أستاذة الإعلام في جامعة الإمارات، عائشة النعيمي، ورئيس قنوات أبوظبي، يعقوب السعدي، حين انتقدت الأولى إعلام بلادها ودعت إلى إعادة الاعتبار له.

ووصفت النعيمي، في سلسلة تغريدات غاضبة لها، إعلام الإمارات بأنه في وضعه الحالي ما هو إلا هدر بشري ومادي، داعية إلى تغيير الاستراتيجية المعمول بها حالياً.

حالة التخبط والإقرار بالفشل جاءت كذلك على لسان مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، جمال سند السويدي، الذي أكد ضعف تأثير إعلام بلاده وعدم مواكبته للأحداث والتطورات المتسارعة، سواء على المستوى المحلي أو حتى الخارجي.

أما رئيس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية، حمد الكعبي، فكشف خلال مقال له حمل عنوان: "أي إعلام نريد؟"، نشر في ديسمبر، عما وصفها بـ"حالة التخبط والخلاف الموجود في الوسط الإعلامي الإماراتي؛ بسبب فشله في التعامل مع الأزمات التي تمر بها بلادهم".

وسبق مقال الكعبي والسويدي إقرار عبد الخالق عبد الله، المستشار السابق لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بتفوق قناة "الجزيرة" ووسائل الإعلام القطرية على وسائل إعلام الإمارات، مؤكداً بلوغ تأثير الخطاب الإعلامي القطري العالمية.

وقال الأكاديمي الإماراتي، في تغريدة له نشرها بموقع "تويتر"، في 2 أغسطس 2019: "أقولها بكل صراحة: خطابهم الإعلامي أقوى تأثيراً في الرأي العام العربي والعالمي من خطابنا الإعلامي"، في إشارة للإعلام القطري.

الحصار زاد قوة إعلام قطر

وكان إغلاق "الجزيرة" من بين أبرز مطالب دول حصار قطر الأربع لإعادة علاقاتها مع الدوحة وفك الحصار عنها، وهو ما زاد القناة الإخبارية قوة وحضوراً، وعزز تمسك الدوحة بها؛ باعتبارها القناة الأولى عربياً ومن بين الأبرز عالمياً.

وتعاملت القناة القطرية بشكل خاص مع الحصار بموضوعية فريدة من نوعها، إذ بقيت على شعارها في إيصال صوت "الرأي والرأي الآخر"، وإبراز ضيوف يمثلون الجهة المقابلة في كل البرامج والنشرات التي تخص الحصار، وأي موضوع يمت له بصلة.

وحظيت خلال الأزمة المفتعلة بالتقدير لدى الملايين، وزاد عدد متابعيها رغم إغلاق مكاتبها وحظر متابعتها في دول الحصار، كما أصدرت الشبكة منصات جديدة للبث الرقمي على الهواء، وأطلقت خدمة إخبارية على الموقع الإلكتروني باللغتين الصينية والإندونيسية، وهو إنجاز يحسب للشبكة.

وحصلت القناة على عدة جوائز عالمية في ظل الأزمة، ما يؤكد أن خطها التحريري كان قوياً منذ البداية وحتى اليوم؛ بسبب أجواء الحرية التي أعطيت لها منذ تأسيسها في الدوحة عام 1996.

وعلى غرار "الجزيرة" برز الإعلام القطري المحلي، الذي كان غير متابع عربياً بشكل قوي قبل الحصار، ما زاد من شهرته وحضوره عبر برامج تقدم حقيقة ما يجري؛ لا سيما المؤسسة القطرية للإعلام، التي قدمت خطاباً موضوعياً متوازناً أثبت كفاءة عالية في فهم الأزمة.

أسباب النجاح

ويرى الإعلامي مصطفى الشامي أن "استفحال ظاهرة الأخبار الكاذبة والذباب الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي، والأخبار المزيفة، وانتهاك أخلاقيات العمل الصحفي خلال الأزمة الخليجية من قبل السعودية والإمارات، أفقدها سمعتها".

وأضاف، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن "الإعلام القطري، وخصوصاً قناة "الجزيرة"، نجح في التعاطي مع الأزمة الخليجية، على عكس الدول الأربع، التي للأسف رأيناها كيف انتهجت ممارسات مسيئة لأخلاقيات المهنة ولحرية الإعلام".

وتابع: "على سبيل المثال منذ بدء الحرب في اليمن رأينا كماً هائلاً من الأخبار الكاذبة كانت تتحدث عنها وسائل إعلام إماراتية وسعودية، وفجأة تأتي قناة الجزيرة بخبر واحد تفضح كل ذلك الزيف، وتنتهي الكذبة بفضيحة".

وطرح مثالاً على ذلك الواقع اليمني، بقوله: "تمكنت الجزيرة من فضح محاولة الإمارات السيطرة على جزيرة سقطرى، بل وكانت سبباً في تلك الأزمة التي دفعت برئيس الحكومة يومها للنزول إلى الجزيرة والبقاء فيها حتى انسحبت القوات الإماراتية، وهذا يدل على قوة القناة التي أصبحت تؤثر حتى في قرارات دول، ولا غرابة في مطالبة دول حصارها في إغلاقها".

ويؤكد أن "نجاح أي إعلام يأتي من مبدأ قضيته، فالإعلام القطري يدافع عن قضية سيادته، فيما الطرف الآخر للأسف استخدم الكذب المفضوح، ما أفشله أمام العالم".