علاقات » اميركي

أميركا تتجه لإنهاء الحرب النفطية بين موسكو والرياض ... ماهي آليات الضغط؟

في 2020/03/24

العربي الجديد- 
تتزايد ضغوط الشركات النفطية الأميركية ورجال الكونغرس على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب لإنهاء الحرب النفطية بين موسكو والرياض التي باتت تدمر صناعة النفط الصخري والتقليدي معاً، وتهدد بأزمة ائتمان في سوق الإقراض الأميركي، وتزيد من انهيار سوق "وول ستريت" التي تئن تحت ضربات فيروس "كوفيد 19".

وكان ترامب قد وعد الأسبوع الماضي، بالتدخل في حرب الأسعار بين السعودية وروسيا في "الوقت المناسب". 
ويلاحظ أن ترامب أبدى بهجته في بداية الحرب النفطية، لأنه قيّمها من منظور انخفاض أسعار الوقود في الولايات المتحدة، ولم يقيّمها من منظور إفلاس شركات الطاقة الأميركية التي هرب المستثمرون من أسهمها، وتداعيات الحرب الكثيرة على الدولار والسندات والاقتصاد الأميركي.

وحسب مصادر أميركية "عقد ممثلو الشركات النفطية الأميركية خلال الأسبوع الماضي، عدة اجتماعات مع مسؤولين بالبيت الأبيض ووزارة الخزانة والتجارة الأميركيتين لمساعدتهم على تفادي إفلاس شركاتهم في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها سوق المال والاقتصاد الأميركي" بحسب صحيفة "وول ستريت" التي نسبت الكلام إلى أشخاص حضروا الاجتماعات التي عقدت بين الشركات ومسؤولي الإدارة الأميركية.
ونقلت عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن مسؤولي الشركات النفطية أُبلغوا "أن الإدارة الأميركية ستطلب من الرياض العودة إلى معدل الإنتاج المنخفض، كما ستعد حظراً نفطياً جديداً على روسيا"، وهو ما يعني أن الإدارة ستطلب من السعودية العودة إلى معدل إنتاج 9.7 ملايين برميل يومياً، والتخلي عن زيادة الإنتاج إلى 13 مليون برميل يومياً التي أعلنت عنها شركة أرامكو السعودية وساهمت في انهيار أسعار النفط من 55 دولاراً للبرميل إلى 34 للبرميل ثم إلى أقل من 27 دولاراً.

من جانبها قالت نشرة "أويل برايس"، إن السيناتور كيفن كرامر، حث ترامب على حظر استيراد النفط من السعودية وروسيا وجميع دول "أوبك+"، في حال عدم استجابة الطرفين للرجوع عن خطوة إغراق أسواق الطاقة بالخامات.

وينظر العديد من رجالات الكونغرس الأميركي وقيادات الصناعة النفطية لخطوة إغراق السعودية الأسواق بالنفط على أنها موجهة ضد صناعة النفط الصخري، وأنها خطوة تضر كثيراً وتعرقل الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية ومجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لمحاصرة أزمة المال والاقتصاد التي خلقها "فيروس كوفيد19".

وكان الملياردير النفطي الأميركي، هارولد هام، قد هدد قبل أسبوعين بمقاضاة السعودية على تدميرها السوق النفطية عبر إغراقها.

وفي ذات الشأن، وصف الخبير الأميركي، أنيا غوزا الزميل السابق في معهد بلفور التابع لجامعة هارفارد والذي يعمل حالياً بمعهد "ديفينس برايروتز" الأميركي ، خطوة إغراق السعودية للسوق بالنفط في هذا الوقت بالخاطئة وقد توقعها في أزمة مالية من صنعها، وعلى واشنطن ألا تساعدها في حل الأزمة في حال حدوثها".

وقال الخبير غوزا في مقال بنشرة "بيزنس إنسايدر": "لقد حان الوقت أن تتعامل الإدارة الأميركية مع السعودية بحساب المصالح، فهي ليست صديقاً لنا ولا عدواً، وبالتالي فإن العلاقات بين أميركا والسعودية يجب أن تخضع للمراجعة".

ورغم الحديث عن احتمال تعاون السعودية ودول "أوبك" مع شركات النفط الأميركية الذي تناولته تقارير أميركية خلال الأسبوع الماضي، فإن القانون الأميركي يمنع الاحتكار ويجعل مثل هذه الخطوة غير ممكنة، حيث إن التعاون بين أكبر منتجي النفط في العالم، يتعارض مع قوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة التي تحظر مثل هذه التكتلات السلعية أو حتى الخدمية. ولذلك يستبعد محللون إمكانية اتفاق الشركات النفطية الأميركية مع السعودية على تحديد سقف الإنتاج أو التعاون في استقرار أسعار النفط.

وفي ذات الشأن الخاص بالضغط، ينصح رجال في الكونغرس إدارة الرئيس ترامب، في حال رفض الرياض وموسكو العودة للمفاوضات والتخلي عن الحرب النفطية، بضرورة حظر استيراد نفط دول " أوبك+" إلى الولايات المتحدة.

وبينما يذهب رجال كونغرس آخرون إلى أبعد من ذلك، ويطالبون الإدارة باستخدام سلاح قانون "نوبك"، ليس ضد أوبك وحدها ولكن ضد جميع دول "أوبك+"، يستبعد خبراء حدوث ذلك في هذه الظروف التي تنشغل فيها الإدارة الأميركية بإنقاذ الاقتصاد الأميركي من الكساد وإنقاذ أسواق المال الأميركية من الانهيار على خلفية تداعيات تفشي كورونا.
وقدرت خسائر شركات النفط الأميركية في أسبوع واحد، خلال الشهر الجاري، وهو الأسبوع الذي أعلنت فيه أرامكو ضخ 13 مليون برميل يومياً في السوق بنحو 196 مليار دولار في سوق المال، وكانت أسعار النفط وقتها تراوح حول 33 دولاراً للبرميل، وذلك حسب تقرير لوكالة بلومبيرغ. وربما تكون خسائر الشركات النفط الصخري قد تضاعفت مع هبوط الأسعار إلى مستويات 28 دولاراً.

ويخشى رجال أعمال في نيويورك من أن يتحول هروب المستثمرين المتواصل من مخاطر شركات الطاقة الأميركية إلى أزمة ديون في سوق "وول ستريت"، تكون نتيجتها كارثية، وربما تقود إلى انهيار سوق الائتمان.

ويشير تقرير لشركة "رايستاد إنيرجي" النرويجية المتخصصة في الصناعة النفطية، إلى أن أسعار النفط المنهارة، تعني أن مائة شركة أميركية تعمل في استخراج النفط الصخري ستتكبد خسائر من عملياتها، حيث إن كلفة الاستخراج أصبحت تفوق سعر البيع.

لكن خبراء في الصناعة المصرفية، يرون أن انهيار أسعار النفط لا يعني فقط بالنسبة للولايات المتحدة خسائر شركات النفط الصخري وتداعياتها على سوق الائتمان، ولكن ينسحب تأثيره السلبي على سعر صرف الدولار، حيث يباع النفط بالدولار، وكذلك على إيداعات "البترودولار" لدى المصارف التجارية الأميركية والأوروبية.

كما أنه يعني أيضاً احتمالات بيع دول الخليج النفطية سندات الخزانة الأميركية لتغطية تزايد العجز في ميزانيات الإنفاق.