دول » دول مجلس التعاون

كورونا وحفظ ماء الوجه الخليجي

في 2020/04/10

أحمد شوقي- راصد الخليج-

من المفيد ان نبدأ بهذا الخبر لتوضيح ما نريد قوله، حتى يصبح المقال بمثابة رصد وليس تفتيشا في النوايا، وهذا الخبر نقلا عن مصدر مسؤول بميناء الحديدة لشبكة المسيرة، يقول أن بحرية العدوان السعودي الأمريكي تواصل أعمال القرصنة بحق 14 سفينة مشتقات نفطية و3 سفن غذاء الرغم من حصولها على تصاريح أممية في جيبوتي.

وأشار المصدر إلى أن"قرصنة بحرية العدوان طالت 3 سفن غذائية رغم حصولها على تصاريح دخول إلى ميناء الحديدة صادرة عن الأمم المتحدة في جيبوتي".

ويأتي هذا تزامنا مع اعلان التحالف لوقف اطلاق النار لاسباب انسانية على خلفية تفشي وباء كورونا!

هذا التناقض يكشف الاسباب الحقيقية للتهدئة، وهي حفظ ماء الوجه بعد فشل العدوان على اليمن، وربما جاءت كورونا كمخرج من هذا المأزق التاريخي المخزي.

وما يدحض ادعاءات السعودية والامارات ان الامر يتعلق بنواحي انسانية، هو استمرار الحصار مع سوابق تعميق الازمة ونشر الاوبئة ومعاقبة كامل الشعب اليمني.

وما يضفي على الاستنتاج بأن الامر هو تغطية للفشل، جوانب من الواقعية، هو تأمل التصريحات الاماراتية والسعودية، مع مقارنتها بالوضع الفعلي لللاقتصاد المأزوم والمنذر بعواقب سياسية واقتصادية كبيرة:

1- على الجانب الاماراتي، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات، أنور قرقاش، أن "قرار التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، بوقف إطلاق النار في اليمن ولمدة أسبوعين، قرار حكيم ومسؤول.

وقال قرقاش، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "مع الدعوات المتكررة للحل السياسي تبرز المخاوف من وصول فيروس كورونا ليعقد الأزمة الإنسانية المستمرة".

وأضاف أنه "قرار مهم لا بد من البناء عليه إنسانيا وسياسيا".

وواقعيا، أظهرت وثيقة رسمية أن دائرة المالية بدبي أبلغت جميع الهيئات الحكومية بخفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، ووقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر، بسبب تفشي فيروس كورونا.

كذلك أوعزت الدائرة بتقليص النفقات الإدارية والعامة بما لا يقل عن 20%.

كما أبلغت جميع الهيئات الحكومية بتعليق جميع مشاريع التشييد، التي لم تبدأ حتى إشعار آخر، وعدم السماح بأي زيادات في الإنفاق لمشاريع البناء الجارية.

2- على الجانب السعودي، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، إن قرار قوات التحالف بوقف إطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين سوف يساعد على تنفيذ اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار.

وأضاف الجبير أن "التحالف بدأ بمبادرة لوقف إطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين وذلك استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة الشهر الماضي للتهدئة في اليمن والدعوة إلى البدء في مفاوضات مباشرة بين الأطراف اليمنية للتصدي لانتشار فيروس كورونا، مشيرا إلى أن المملكة دعمت اليمن منذ بدء الأزمة، اقتصاديا وإنسانيا لإنهاء معاناة اليمنيين، وخصصت لخطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة للعام 2020 مبلغ 500 مليون دولار منها 25 مليون دولار، لمواجهة مخاطر فيروس كورونا.

وواقعيا، هناك ازمة كبرى مع ترامب على خلفية حرب اسعار النفط، وازمة داخلية كبرى داخل العائلة المالكة، وتقارير اقتصادية متواترة منها، قيام صندوق الاستثمارات العامة السعودي وصندوق الثروة السيادي بشراء أسهم في شركات نفط أوروبية، وهو ما علق عليه الخبير المالي الروسي، فيتشيسلاف أبراموف، لوكالة "سبوتنيك" الروسيةقائلا: "قام صندوق الاستثمارات العامة السعودي وصندوق الثروة السيادي بشراء أسهم في شركات نفط أوروبية عندما انخفضت أسعار النفط إلى 22 دولاراً للبرميل"، معتبرا أن "هذه الخطوة دليل على أن الخزينة السعودية تنتظر عجزا بسبب انخفاض عائدات النفط".

وفي 6 مارس المنقضي، أصدرت "الخبير المالية"، الشركة المتخصصة في إدارة الأصول والاستثمارات البديلة، تقريراً بعنوان "فايروس كورونا والاقتصاد السعودي" تتناول فيه التأثير المحتمل لمرض فايروس كورونا المستجد، على اقتصاد المملكة العربية السعودية. ويقارن التقرير بين تأثير تفشي فايروس كورونا مع فيروس "سارس" (SARS) في عام 2002م، ويوضح مستوى خطورة كوفيد-19 مستعرضاً ثلاث سيناريوهات مختلفة لتأثيره المحتمل على الاقتصاد السعودي.

وعرض التقرير ثلاثة سيناريوهات محتملة بالاستناد إلى جدول زمني لتفشي المرض وتأثيره الاقتصادي، وبالمقارنة مع الحالات السابقة لتفشي فايروسات كورونا.

وأوضح التقرير أن مستوى خطورة فايروس كورونا الحالي يتجاوز مستوى خطورة فايروس سارس بفعل سرعة انتشار العدوى، ويكشف التقرير كذلك أن كورونا يأتي في الوقت الذي أصبحت الصين تلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد العالمي، حيث بلغت حصة الصين من الناتج الإجمالي العالمي 20% بنهاية عام 2019م بالمقارنة مع 8% تقريباً في عام 2003م حينما ظهر فايروس سارس آنذاك للمرة الأولى.

ومع أخذ جميع هذه العوامل بعين الاعتبار، عرضت شركة الخبير المالية ثلاثة سيناريوهات مختلفة لتأثير فايروس كورونا على الاقتصاد السعودي. يفترض السيناريو المتفائل عودة الإنتاج بشكل طبيعي في الصين خلال شهر مارس، والسيطرة على الفايروس بحلول شهر أبريل، واستئناف زيارات العمرة خلال شهر مارس. وبموجب هذا السيناريو، فإن حجم التأثير السلبي المحتمل على نمو الناتج المحلي الإجمالي يتراوح من صفر حتى 10 نقطة أساس.

ويفترض السيناريو الأساس تأخر عودة الإنتاج بشكل طبيعي في الصين حتى نهاية شهر أبريل، والسيطرة على الفايروس بحلول شهر يونيو، واستئناف زيارات العمرة مطلع شهر مايو. ويفضي هذا السيناريو إلى حدوث عجز في الميزانية العامة، وتراجع أداء قطاعات الحج والعمرة والنفط والبتروكيماويات. وسيتجلى ذلك تحديداً في النتائج المالية للشركات الأكثر انكشافاً على آسيا. ويترتب على هذا السيناريو تأثير سلبي أكبر على نمو الناتج المحلي الإجمالي بواقع يتراوح بين 40 و60 نقطة أساس.

أما السيناريو المتشائم، فيفترض إعلان حالة الوباء وتأخر عودة الإنتاج إلى المستويات الطبيعية في الصين حتى نهاية شهر يونيو، والسيطرة على الفايروس بحلول شهر سبتمبر، وامتداد الفايروس إلى الدول الإسلامية بما يؤثر سلباً على قطاع الحج والعمرة. ويؤثر حدوث هذا السيناريو بشكل كبير على اقتصاد المملكة مع احتمال تراجع النمو في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح تقريباً بين 100 و140 نقطة أساس وذلك يعود بشكل رئيسي إلى التراجع المحتمل في مستويات انتاج النفط. ويشمل ذلك ارتفاع حجم العجز في الميزانية العامة، والحساب الجاري، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، وتراجع أكبر في أداء قطاعات الحجم والعمرة، والتجزئة، والنفط والبتروكيماويات.

ويبدو ان الواقع يصب في اتجاه السيناريو المتشائم وهو ما اجبر التحالف على اتخاذ هذه الخطوة، والتي لم ياتزم حتى بأدبياتها وقواعدها حتى كتابة المقال!