ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

هذه العوامل التي وضعن رؤية بن سلمان على رمال متحركة

في 2020/05/07

متابعات- 

قالت الإذاعة الألمانية إن وباء "كورونا"، وانهيار أسعار النفط، فضلا عن تحديات داخلية مرتبطة بشرعية الحكم وتوافقات الأسرة الحاكمة بالسعودية، عوامل تؤشر بوضع "رؤية 2030"، التي قدمها ولي العهد "محمد بن سلمان"، على رمال متحركة.  

وأضافت الإذاعة، في تقرير مطول نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أنه يضاف إلى ذلك الغضب الدولي المتزايد من الحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ 2015، والتي تنذر تداعياتها -وفقا للأمم المتحدة- بالانزلاق نحو كارثة إنسانية واقتصادية.

واستند التقرير إلى تعليقات لمحليين ألمان نشرتها صحف محلية في الفترة الأخيرة.

وفى هذا الصدد، قال المحللان في شؤون الشرق الأوسط "كريستيان بومه" و"توماس زايبرت"، لصحيفة "تاجس شبيجل"، إن "رؤية 2030 تجاوزت طموحاتها الخيال، وتمويلها يسبب الدوران حتى داخل المملكة الثرية؛ فمدينة نيوم التكنولوجية لوحدها ستكلف ما لا يقل عن 500 مليار دولار، وجزء من هذه الأموال كان سيأتي من الاكتتاب الأولي لشركة أرامكو المملوكة للدولة".

وخلص المحللان إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية تجعل هذا "المشروع الفرعوني" بعيد المنال.

وأشارت الإذاعة الألمانية إلي ما ذكره موقع قناة "إن.تي.فاو" بأن أزمة النفط وجائحة كورونا أحدثا تقلبا هائلا في ميزانية السعودية التي ستتجه نحو إجراءات تقشف جذرية وإلى الاقتراض في أسواق المال العالمية.

وذكرت أن تقارير الصحف الألمانية ربطت بين انهيار السوق المالية السعودية وتداعيات ذلك على الاقتصاد الفعلي للمملكة، مشيرة إلى أن المشاريع الاستثمارية الضخمة تحولت في الوقت الراهن إلى سراب وكأن أبراج السماء توافقت ضد الأمير الشاب محمد بن سلمان.

وفى تقرير تحت عنوان "الأمير الذي لا يلين" كتب "مارتن جيهلين" مراسل "تسايت أونلاين" في تونس: "من ناحية، يشل وباء كورونا البلاد ما يفاقم عجز الميزانية، في الوقت نفسه، تواجه الرياض أزمة متعددة الأوجه منها أزمات أشعلتها بنفسها كما هو الحال بشأن مقامرة أسعار النفط، والخلاف مع (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب و(نظيره الروسي فلاديمير) بوتين".

وتابع "جيهلين": "إضافة إلى الحرب في اليمن والصراع المستمر مع إيران وأسوأ من كل هذا هو القمع السياسي الداخلي والصراع غير المسبوق على السلطة داخل الأسرة الحاكمة".

وأشارت الإذاعة الألمانية، في تقريرها، إلى اعتقال "بن سلمان" عشرات الأمراء ورجال الأعمال، بمجرد تسلمه للسلطة؛ بهدف كسر أي مقاومة لطموحه في خلافة والده على العرش. إلا أن ذلك عزل ولي العهد داخل الأسرة المالكة. كما قام قبل أسابيع باعتقال عمه للاشتباه فيه بالتخطيط لمحاولة انقلابية.

واعتبرت أن "كل هذه الأمور من شأنها تعريض (رؤية 2030) أهم مشروع لولي العهد للخطر".

وذكرت أنه وفقا لأجندة "رؤية 2030"، كان من المفروض أن تكون المملكة الآن في طور تعزيز الإصلاحات الكبرى التي أعلن عنها "بن سلمان" عام 2016.

غير أن صندوق النقد الدولي يتوقع انكماشا في الاقتصاد السعودي بنسبة 2.3 % خلال العام الجاري.

وقال "كريستيان بومه" و"توماس زايبرت": "لم يعد لدى المملكة ما يمكن توزيعه، وبات يتعين على القاعدة الشابة في المجتمع (60% من السعوديين تقل أعمارهم عن 30 عاما) التي يُعتقد أنها تدعم الأمير الشاب، المزيد من الانتظار لتحقيق وعود الإصلاحات".

على الصعيد الخارجي، رصد صحيفة "تاجسشبيجل" تراجعا للدور السعودي على المستوى الاقليمي، وهو ما "لا يظهر اتجاه إيران فقط، لكن أيضا أمام قطر التي تُظهر بلا رحمة (في وسائل إعلامها) ضعف المملكة".

وأضافت الصحيفة أن "قطر لا تفكر في الانحناء أمام الرياض، الجار القوي المزعوم. وهو ما يشكل ضربة قوية للأمير (محمد بن سلمان) وكشفت له حدوده الحقيقية".

وفيما يتعلق بالشأن اليمني، قالت الصحيفة إنه "لا شك أن بن سلمان أدرك منذ فترة طويلة أنه لا يمكن كسب هذه الحرب بالوسائل العسكرية، وأن التدخل في اليمن قد فشل، لكن الانسحاب هكذا ببساطة أمر غير وارد بالنسبة له؛ لأن ذلك سيعني فقدان ماء وجهه، من جهة، وترك (الحديقة الخلفية للسعودية) مفتوحة أمام إيران من جهة أخرى".

وأشارت الإذاعة الألمانية إلى أن "بن سلمان" انتهج سياسة هجومية ضد إيران وقطر، لكن حرب اليمن هي التي أضرت بسمعة المملكة أكثر من غيرها.

وأضافت أن الحرب تسببت في مقتل أكثر من مائة ألف شخص، ونزوح الملايين، إضافة إلى تفشي المجاعة في ظل وضع إنساني كارثي. كما تسببت في تدمير أكثر من 3000 مدرسة، فيما انهار النظام الصحي للبلاد. وبات نصف سكان اليمن يعانون من سوء التغذية أو الجوع.

ورغم إشادة الخبراء ببعض الإصلاحات الداخلية التي نفذها "بن سلمان" من بينها السماح للنساء بقيادة السيارة وافتتاح دور السينما والحفلات الموسيقية وفرض قيود على صلاحيات الشرطة لدينية، بل وإلغاء عقوبة الجلد والإعدام للقاصرين، لكن الإصلاحات الليبرالية تسير جنبا إلى جنب مع القمع.

وحسب "كريستيان بومه" و"توماس زايبرت": "يتبنى بن سلمان إصلاحات بعينها تتوافق مع رؤيته، ومن شأنها أن تزيد شعبيته لدى الشباب السعودي، لكن الأمير يعارض بشدة مجتمعا مدنيا حرا قد يشكك في حكمه الاستبدادي".