دول » دول مجلس التعاون

إسرائيل ودول الخليج.. والضم: بين “الصحوة المتأخرة” وعودة العلاقات خلف الرادار

في 2020/05/28

عوديد غرانوت-  إسرائيل اليوم- 

لقد كانت نية إسرائيل لبسط السيادة على أجزاء من يهودا والسامرة تحوم في الأجواء منذ أشهر طويلة، ولكن دول الخليج، على ما يبدو، لم تستيقظ إلا في الأسابيع الأخيرة على صوت الضجيج المقلق.

ولم ينضم السعوديون، وفي أعقابهم الإمارات، إلا مؤخراً للإعراب عن القلق من خطوات من طرف واحد “قد تمس بفرص إحلال السلام الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين”.

ثمة أسباب عديدة للصحوة المتأخرة لدول الخليج في ضوء نية الضم التي على الأبواب. وسنعدد ثلاثة منها فقط:

الأول– أزمة كورونا العالمية، التي أوقعت ضحايا في أراضيها أيضاً وأجبرت الأنظمة العربية على الانشغال الجديد بمضاعفاتها، بما في ذلك الخوف من الانهيار الاقتصادي في أعقاب الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

الثاني– التقدير بأن الضم، كجزء من خطة ترامب، هو مثابة بيضة لم تفقس بعد. فالإدارة الأمريكية لم تطرح شروطها بعد، والخريطة التي يعمل عليها الخبراء في إسرائيل والولايات المتحدة لم تستكمل بعد، وكان ثمة شك منذ وقت غير بعيد في قيام حكومة في إسرائيل يمكنها إخراج التصريحات إلى حيز التنفيذ.

الثالث– الفهم بأنه حتى لو نجحوا في التغلب على كل المصاعب واستكملت الاستعدادات وخرج القطاع إلى الدرب في أي وقت من الأوقات، فعندها لن يسمع أكثر من تصريح علني، سيثير عاصفة إعلامية، ولكنه –عملياً- لن يغير على الأرض شيئاً.

ما دفع دول الخليج للخروج عن موقفها غير المكترث ونشر اعتراض علني للخطوة المخطط لها كان تحديد رئيس الوزراء موعداً محدداً؛ أي الأول من تموز. والخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، لأول مرة بالأفعال وليس بالأقوال فقط، على طريق وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل والتحلل من اتفاقات أوسلو.

يجدر بالذكر أن الهدوء النسبي على مدى سنوات في جبهة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني (باستثناء الاشتعالات الموسمية في غزة) من جهة، وتعاظم الخطر الإيراني والتهديد على أمن دول الخليج من الجهة الأخرى، هو ما خلق قاسماً مشتركاً لحوار سري بين إسرائيل والدول المعتدلة أخذ يتعمق على مدى السنين.

فضلاً عن ذلك، يبدو أن الأعمال الناجعة التي اتخذتها دولة إسرائيل على مدى الزمن لوقف التوسع الإيراني في الشرق الأوسط دفعت دول الخليج للتجرؤ بل والإظهار لتعاونها السري مع إسرائيل. خطوات أولى من التطبيع ظهرت في شكل زيارات سياسيين إسرائيليين إلى الخليج، وثمة جناح إسرائيلي بمعرض “إكسبو” في دبي أحبطه كورونا، وغيرها.

ما دفع دول الخليج لنشر بيان شجب للضم المخطط له هو الخوف من انقلاب الدولاب وتحويل الهدوء في جبهة النزاع مع الفلسطينيين إلى اضطرابات دموية قد تؤدي إلى انهيار السلطة، ودخول الجيش الإسرائيلي إلى المناطق وتدهور العلاقات بين إسرائيل والأردن ومصر، الأمر الذي سيصعب على دول الخليج الصمت والوقوف جانباً.

من الجهة الأخرى، يجدر بالذكر أن تحالف المصالح بين إسرائيل وهذه الدول في مواجهة الخطر الإيراني يقوم على أساس متين، وحتى إذا ما احتدم التوتر في علاقات إسرائيل مع الفلسطينيين، كنتيجة لخطوات الضم، فإن العلاقات من تحت السطح ستستمر. ووحدها مظاهر التطبيع ستختفي.