دول » الكويت

الحياة النيابية في الكويت.. ديمقراطية متقدمة ومنعطفات تاريخية

في 2020/06/02

الخليج أونلاين- 

عاشت الكويت محطات تاريخية بعد استقلالها عام 1961 واعتبارها دولة ذات سيادة كاملة، ماضية نحو خطوات واسعة نحو التحول إلى إقامة نمط دستوري ونيابي، ووضع دستور دائم للبلاد يؤسس لحياة ديمقراطية متطورة تقوم على أسس متينة.

ومع تأسيس أول مجلس نيابي في الكويت، عام 1963، أطلق عليه اسم "مجلس الأمة"، ويحمل ذات الاسم إلى اليوم، ومر المجلس بمنعطفات كان من بينها توقفه سنوات، إضافة إلى تسببه في حل عددٍ من الحكومات التي مرت بها البلاد.

وتأتي قوة المجلس الذي يمثل الشعب الكويتي من خلال الدعم الذي يتلقاه من الأسرة الحاكمة منذ تأسيسه وحتى اليوم، وإيمان الكويتيين بحقهم في المشاركة باتخاذ القرار في البلاد.

التأسيس والدوائر الانتخابية

يعتبر الدعم الشعبي الذي حصل عليه الشيخ عبد الله السالم الصباح، أمير الكويت الحادي عشر، إبان الاستقلال ووجود مطالبات شعبية بالإصلاح السياسي، دوافع هيأت لتبني السالم وتشجيعه قيام النظام البرلماني، وإنشاء مجلس تشريعي، حيث نصت المادة (51) من الدستور على أن "السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور".

ومن ثم فقد صدر القانون رقم (35) لسنة 1962 في شأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة، حيث صدرت الدعوة إلى انتخاب أول مجلس أمة، وأجريت الانتخابات في 23 يناير 1963، لعدد 10 دوائر انتخابية، فاز من كل دائرة 5 أعضاء بمجموع 50 عضواً، واختير عبد العزيز حمد الصقر رئيساً لأول مجلس بتاريخ الكويت.

في عام 1981، أقر المجلس توسيع عدد الدوائر الانتخابية إلى 25 دائرة، مقابل فوز شخصين من كل دائرة، ليبقى عدد المجلس كما كان عليه 50 عضواً.

وكان العام 2008 على موعدٍ مع تغيير جديد في عدد الدوائر الانتخابية المقسمة، حيث قلص عدد الدوائر في تلك الانتخابات إلى 5، يفوز من كل دائرة 10 نواب، وهو مستمر على هذا النحو إلى اليوم.

منعطفات تاريخية

لم تمر فترات مجلس الأمة الكويتي بهدوء؛ فقد عاش مراحل من الخلافات وصلت إلى حد حله أكثر من مرة، وكانت البداية في 1976، إثر حله على يد أمير الكويت، الشيخ صباح السالم الصباح، وتعليق بعض مواد الدستور الخاصة بالانتخابات، قبل عودته عام 1981.

وفي عام 1986 حل مجلس الأمة على يد أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، ليعود مجدداً عام 1992 بعد تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي، قبل أن يأتي عام 1999 ليحل الشيخ جابر المجلس مرة أخرى وتتم الدعوة لانتخابات جديدة.

في 23 نوفمبر 1999 رفض مجلس الأمة مرسوماً أميرياً بمنح المرأة حق التصويت والترشيح الكامل في مجلس الأمة، حتى 16 مايو 2005، عندما قرر مجلس الأمة رسمياً السماح للنساء بالتصويت في الانتخابات والترشيح لعضوية مجلس الأمة.

في 29 يناير 2006، أدى أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، القسم الدستوري أمام المجلس، وكان ترتيبه الـ15 في إمارة الكويت، بعد تصويت المجلس لانتخابه أميراً للبلاد بالإجماع.

وفي مايو 2006، حُل مجلس الأمة على يد أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتمت الدعوة لانتخابات جديدة، ليمر أقل من عامين ليحل المجلس الجديد في مارس 2008، ثم حل المجلس الذي تلاه في مارس 2009.

في نوفمبر 2011، اقتحم مواطنون كويتيون مجلس الأمة، قبل أن يتطور الأمر إلى حل أمير الكويت للمجلس، في ديسمبر 2011، وجرت عقب ذلك انتخابات جديدة، في فبراير 2012، حققت خلالها المعارضة الكويتية بقيادة الإسلاميين فوزاً ساحقاً في انتخابات مجلس الأمة، إذ باتت تسيطر على 34 مقعداً من أصل 50، في حين خرجت المرأة من البرلمان.

لكن ذلك لم يدم طويلاً؛ ففي يونيو 2012 أبطلت المحكمة الدستورية المجلس المنتخب، وأعادت مجلس 2009، قبل أن يحل أمير الكويت ذلك المجلس في أكتوبر 2016، وتجرى انتخابات جديدة.

خلافات المجلس والحكومة

منذ تأسيس مجلس الأمة الكويتي تشكلت 36 حكومة في البلاد، كان عدد منها قد دخل بخلافات حادة مع المجلس وتسبب باستقالتها.

الحكومة الثالثة التي تشكلت في 6 ديسمبر 1964، هي الحكومة الأقصر عمراً؛ إذ لم يتجاوز عمرها 28 يوماً، لعدم نيلها ثقة مجلس الأمة بعد وجود خطأ في اختيار بعض الوزراء يتعارض مع نص المادة 131 من الدستور، فيما انتهت الحكومة الثامنة التي شكلت في 9 فبراير 1975 بعد 19 شهراً فقط؛ عقب صدور مرسوم أميري بحل مجلس الأمة نتيجة تأزم العلاقة بين المجلس والحكومة.

أما الحكومة الـ12 فقد شكلت في 3 مارس 1985، ولم يستمر عمرها سوى 16 شهراً، بعد تأزم العلاقة مع مجلس الأمة، في حين شُكلت الحكومة الـ17 في 15 أكتوبر 1996، ولم تدم كثيراً؛ إذ تقدمت باستقالتها في 21 مارس 1998 نتيجة تأزم العلاقة مع المجلس، لتتبعها الحكومة الـ18 التي استمرت 15 شهراً وبضعة أيام، وتقدمت باستقالتها أيضاً.

الحكومة الـ19 شكلت في 13 يوليو 1999، وعلى المنوال نفسه تقدمت باستقالتها في 29 يناير 2001؛ نتيجة تأزم العلاقة مع المجلس.

وفي 9 فبراير 2006 شكلت الحكومة الـ22، ولم تستمر سوى 5 أشهر، إذ انتهت نتيجة حل مجلس الأمة بعد تأزم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لتلحق بها الحكومة الـ23 في 10 يوليو 2006، التي لم تستمر أيضاً في عملها طويلاً، إذ ما لبثت أن قدمت استقالتها، في 4 مارس 2007؛ نتيجة تأزم العلاقة بين السلطتين.

الخلافات بين المجلس والحكومة وقعت على رأس الحكومة الـ25 أيضاً، التي قدمت استقالتها في نوفمبر 2008، بعد 5 أشهر فقط من تعيينها، قبل أن تلحق بها أيضاً الـ26 من حكومات الكويت؛ باستقالتها في مايو 2009، بعد 4 أشهر فقط من تعيينها، ثم استقالة الحكومة الـ27 في مايو 2011 بعد عامين من تعيينها، ولنفس السبب، ومع مرور 7 أشهر من 2011 قدمت الحكومة الـ28 استقالتها.

وشهدت الكويت استقالة الحكومة الـ34 في نوفمبر 2017، بعد 11 شهراً من تشكيلها؛ بسبب تأزم العلاقات مع المجلس النيابي.

اقتحام المجلس

في مساء يوم الأربعاء الـ16 من نوفمبر عام 2011، أو ما عُرف بعام الربيع العربي، انطلق المئات من المتظاهرين الكويتيين يرافقهم بعض نواب المعارضة نحو مجلس الأمة الكويتي في العاصمة الكويت، وتحديداً نحو قاعة "عبد الله السالم"؛ قاعة المجلس الرئيسية، في تظاهرة لم تشهد الكويت مثلها من قبل.

اجتمع هؤلاء المتظاهرون مع حشود أخرى خارج مبنى مجلس الأمة للمطالبة بالإصلاح ورفض الفساد، وبدؤوا بترديد الهتاف المصري الشهير الذي ألهم العالم في يناير من العام نفسه، وكان صداه لا يزال يتردد في الآفاق: "الشعب يريد إسقاط الرئيس".

كان أمير الكويت قد عقّب حينذاك على ما حدث وقال إن اقتحام المعارضة لمبنى مجلس الأمة كان "يوماً أسود" في تاريخ البلاد، وأُحيل نحو 40 شخصاً، من بينهم نواب في البرلمان، للنيابة العامة لاتخاذ إجراءات قانونية ضدهم بسبب مشاركتهم في اقتحام البرلمان.